في فلسطين...المعزون بحاجة لفيزا دخول!

السبت | 05/04/2014 - 05:48 مساءً


تقرير اخباري- رأفت دراوشة:

"عليك أن تقدم قائمة بأسماء من سيأتون لكي يعزون بالفقيد"، هذه ليست من باب النكتة أو الدعابة، هي واحدة من بين المتطلبات التعجيزية التي تفرضها سلطات الاحتلال على سكان قرية النبي صموئيل لإجبارهم على الهجرة وترك قريتهم وهجرتها، تقع القرية داخل الجدار، حيث تبعد عن مدينة القدس قرابة 8 كم، ويبلغ عدد سكانها قرابة (255) نسمة يحمل أكثر من نصفهم الهوية الفلسطينية.
ويقول أحد المواطنين  في القرية مستنكرا "أن سلطات الاحتلال وعند وفاة قريب له اشترطت عليه بأن يقدم قائمة بأسماء المعزيين، لتنظر في امكانية السماح لهم بالوصول إلى القرية عبر المعبر الذي يفصلها عن باقي القرى المجاورة ، وباستهزاء " لو كان الأمر يتعلق باحتفال ما، لكان بمقدورنا معرفة من سيأتي لأن الدعوات تكون قد ارسلت لهم في وقت سابق، أما فيما يتعلق بحالات الوفاة فلا دعوات لذلك".
قرية النبي صموئيل تلك القرية المنسية منذ أن احتلت في العام (1967)، والواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة القدس، والمبنية على قمة جبل يبلغ ارتفاعه قرابة (885) م عن سطح البحر، يجعلها من أعلى القمم القريبة في القدس، تبدو لك عند زيارتها بأنها قرية لا يسكنها سوى الأشباح بالرغم من جماليتها الطبيعية والأثرية وموقعها المميز، يتبع الاحتلال سياسة ممنهجة لتهجير أهلها وطردهم منها بمنع البناء والتطوير بها، مع ابقائه على الكبار بالسن فلكل بداية نهاية ولا بد لهؤلاء الكبار أن ينتهي بهم الأجل وتصفى القرية خاوية على عروشها.
تصر سلطات الاحتلال على عدم الاعتراف بالقرية وترفض محاولات الجانب الفلسطيني بعمل مخطط هيكلي لها، واعتبرتها في وقت لاحق محمية طبيعية تابعة لبلدية القدس، فضلا على منع سكانها العرب من إجراء أي تغيير في المنطقة من بناء أو تطوير أو إضافة لشيء قديم، بحجة عدم التأثير على جمالية المنطقة و طبيعتها.
فعندما تسير داخل القرية ترى البيوت القديمة التي منع أصاحبها من ترميمها أو حتى البناء فوقها، أو إضافة إي غرف جديدة عليها، تبدو بعضها آيلة للسقوط، وبركسات متهالكة هنا وهناك تضم بعض المواشي والحمام والدجاج التي يعتاش منها أهالي القرية، طرقها محفرة لم تطلها إصلاحات أو إعادة للتأهيل منذ احتلالها، إلى جانب كاميرات المراقبة التي ترصد تحركات أهالي القرية، وتراقب أية محاولة لإعادة الإعمار أو البناء في القرية.
ولعل ما يلفت انتباهك أيضاً، تلك الغرفة الصفية التي يعلوها يافطة مستطيلة الشكل كتب عليها مدرسة النبي صموئيل الأساسية المتخلطة والتي لا يصلح اطلاق تعبير "مدرسة" عليها، حيث لا تتجاوز مساحتها (12)م وتفتقر للتهوية، ومحاطة بسلك شائك كسور للمدرسة، يدرس بها طلبة القرية من الصف الأول الأساسي وحتى الرابع وهم (10) طلبة، إضافة إلى معلميهم الثلاثة ومدير المدرسة، جميعهم في الغرفة نفسها فمقاعد الطلبة ومكتب المعلمين والمدير لا تستطيع التمييز بينها سوى بالقطعة الخشبية الصغيرة المكتوب عليها مدير المدرسة.
وعن آلية التعليم لهؤلاء الطلبة قال مدير المدرسة " أن المعلم يقوم بإعطاء درسه للصف الأول بالحصة الأولى وينشغل باقي الطلبة في الصفوف الاخرى بعمل الواجبات المدرسية، ومن ثم يقوم المعلم الاخر بالشرح للصف الثاني، والبقية يكملون واجباتهم وهكذا إلى أن ينتهي الدوام، وعن الكرفان الإضافي المركون إلى جوار الغرفة الصفية، بين المدير أن هذا الكرفان  المضاف للغرفة الصفية وبه عدد من الكراسي، مهدد بالإزالة والهدم من سلطات الإحتلال بحجة أنه يسهم في تغيير طبيعة المنطقة الطبيعية والجمالية."
طلبة القرية ليسوا ب (10) فقط فهنالك أربعون اخرون يدرسون خارج القرية في مدارس القرى المجاورة لهم ممن تخطوا الصف الرابع، وعليهم يومياً أن يحملوا شهادات ميلادهم في تنقلهم لكي يتسنى لهم الدخول والخروج من المعبر الذي يفصل قريتهم عن القرى المجاورة.
آدم هو طالب في الصف الرابع الأساسي، كان يرتدي سترة شتوية عندما شاهدني والكاميرا على كتفي طلب مني أن أصوره، وأن أنقل صورته للعالم لكي يرى معاناتهم، ولكنه طلب أن انتظر قليلا حتى يخلع سترته ويظهر العلم الفلسطيني المرسوم على قميصه بالصورة متجها إلى باب الغرفة المدرسية المرسوم عليها ايضا علم فلسطين ويقول لي "صورني الآن أنا مستعد". 
تتابع سيرك لترى المعلم الأبرز بالقرية وهو مقام النبي صموئيل الذي يئن تهويداً وطمساً لإسلاميته، حيث يقع قبر صموئيل في مغارة أسفل المقام الإسلامي الذي يضم مسجداً، ومنارة يرتقى إليها بنحو (50)درجة، والمحاط بالأسلاك الشائكة ويعلوها علم الاحتلال، وخط عدد من الشعارات كنجمة داود على بوابته وعدد من النقوش الاخرى في محاولة لاختلاق التاريخ حسب ما يقول أهالي القرية، فالمسجد مقسوم إلى نصفين أحدهما لليهود والاخر للعرب ومحاط بعدد من الجسور التي تعلو العديد من الحجارة الأثرية التاريخية والموصلة للمقام.
ويشهد المقام الديني والأثري أعمال ترميم يقوم بها الاسرائيليون في محاولة منهم للحفاظ عليه بعدما بدا عليه آثار الخراب بفعل التغيرات الزمانية والظروف المناخية، ولعل الزائر للمقام يرى بوضوح المتدينين اليهود وهم يؤدون صلواتهم الدينية في محيطه، في مقابل ندرة العرب بالمكان.
أهالي القرية يشتكون من قلة الاهتمام بهم ومن قلة زيارة المسؤولين لهم، ويسردون العديد من قصص معاناتهم اليومية التي لا تنتهي ولا يمكن حصرها، بفعل اجراءات الاحتلال ومستوطنيه الذين يحاولون السيطرة على أراضي القرية وتهجير أصحابها، إضافة إلى نسبة البطالة العالية التي يعاني منها سكان القرية في ظل الصعوبات التي يفرضها الاحتلال وتضييقه الخناق عليهم كمنعهم من وضع أي بسطة لبيع المنتجات الغذائية، وإقامة مشروع اقتصادي لهم، حتى أنه يمنهم من توفير جرار زراعي لحراثة أراضيهم إلا بتنسيق مسبق وبعد أن يطول الانتظار.
وزير الحكم المحلي د. سائد الكوني زار القرية والتقى برئيس المجلس القروي هناك والأهالي واستمع لمعاناتهم اليومية ومطالبهم، وبدوره، ثمن الكوني صمود أهالي القرية في أراضيهم بالرغم من كل المعيقات والعقبات التي يضعها الاحتلال والرامية لتهجير أهلها الصامدين فيها منذ الأزل، مشيراً إلى اهتمام القيادة الفلسطينية بمحافظة القدس واعتبارها مناطق أولوية في التطوير والبناء، مؤكداً في الوقت ذاته، على أن الحكومة الفلسطينية لن تتدخر أي جهد في محاولتها لدعم صمودهم وبطرق غير تقليدية، لما تشكله من أهمية تاريخية ودينة للشعب الفلسطيني.
الكثير من أبناء القرية غادروها إلى القرى المجاورة وخاصة الشباب الذين رغبوا بالزواج ولم يتمكنوا من البقاء في القرية لمنع الاحتلال لهم بناء بيوت يعيشون بها ويكونون بها أسرة لكي يحافظوا على أرضهم وقريتهم، فكل حركة من وإلى القرية تتطلب تصريح مسبق.
ومن الجدير بالذكر أن قرية النبي صموئيل مبنية على موقع بلدة "مصفاة" والتي تعني "برج النواطير الكنعانية"، وتبلغ مساحة أراضيها قرابة (2150) دونماً حسب ما تشير إليه المصادر التاريخية، ويحيط بها أراضي قرى الجيب، وبيرنبالا، وبيت حنينا، وبدو، وبيت إكسا.





التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19