غزة - يحيى اليعقوبي
عندما تشير عقارب الساعة إلى الرابعة فجرا، وفي موسم صيد الطيور، تبدأ رحلة الشاب فارس أبو عمر (28 عاما) إلى الأراضي الزراعية الحدودية الشرقية لقطاع غزة وذلك لصيد الطيور، ينتظر انقشاع ضوء النهار وبدء أشعة الشمس بالانسدال لتمنح الدفء إلى العصافير التي تبدأ تغرد فتضفي على المكان الطبيعي رونقا جميلا يجذب الشاب الفلسطيني إلى هذا المكان منذ عشرين عاما عندما كان طفلا صغيرا يرافق شقيقه.
هنا كل شيء هادئ فلا أصوات صاخبة، ولا حتى ضغوطات حياة، يبدأ فارس بنصب شباكه وإحضار العصافير التي ستغرد لتأتي غيرها فيصطادها، تعطي تلك الرحلة المتعة للشاب الفلسطيني الذي يصطادها لجني دخل له ولأسرته.
يقول أبو عمر لصحيفة "فلسطين": "موسم الصيد يستمر لعشرة أشهر، أصطاد خلاله عدة أنواع من الطيور، كان الصيد في السابق هواية، ولكنه اليوم مصدر دخل"، ثم يتابع: "تكاد تكون فرص العمل في غزة معدومة، لذلك وضعت غرفة في البيت أخصصها لتربية طائر الحسون الذي ينتج ويفرخ".
"كل ما أفلّس ببيع حسّون" يعكس ذلك الواقع الصعب في القطاع المحاصر، ويردف: "الطيور تنفع وقت الأزمات لأنها تنتج باستمرار، وعندما تحتاجها تستطيع أن تبيع فرخا وإبقاء الأزواج للإنتاج من جديد".
ويعاني سوق الطيور نتيجة إغلاق معبر رفح، حسبما يذكر أبو عمر، لعدم القدرة على تصدير طائر الكناري المطلوب في مصر، ويواصل: "المصريون يرغبون بتربية طائر الكناري فسعره في غزة منخفض ومرتفع في مصر، أما طائر الحسون فسعره منخفض بمصر، بمعنى أنك تستطيع بيع طائر كناري واحد و شراء عدد من طيور الحسون بمصر".
قصة نجاح
وفي سوق اليرموك بمدينة غزة، يقف الشاب محمد الغول ( 18 عاما) منهمكا في العمل ومتابعة أمور عمال يعملون معه في بيع أعلاف وأقفاص ومستلزمات الطيور.
ففي خيمة في ذلك السوق كتب محمد قصة نجاحه من شاب صغير السن إلى تاجر يستطيع منافسة أكبر تجار الأعلاف، وعن ذلك يقول لــــ"فلسطين": "عندما بدأت في تجارة الأعلاف اشتريت كيسين، ثم بدأت ادخار الربح وشراء كيس ثالث، واتبعت نفس الطريقة حتى أصبح لدي كمية".
لم يكتف محمد عند هذا الحد من النجاح، فيكمل :"جمعت أول طن أعلاف وبنفس الطريقة الأولى بدأت أجمع الأطنان الأخرى في غضون ثلاث سنوات"، متمما: "اليوم أصنف كتاجر أوزع على محالات الطيور وأشغل إخوتي الذين خصصوا لي شقة أسفل المنزل لوضع أطنان الأعلاف".
هذا النجاح لم يعجب بعض التجار الكبار، فكيف لشباب صغير أن يصبح مثلهم؟ سؤال وجه إلى محمد بشكل مباشر عندما احتاج كمية من أكياس الأعلاف بعد بيع ونفاد جميع ما لديه، فاتصل بأحد التجار يطلب منه إمداده بها، فقال له: " أنت كيف طلعت في السوق؟
هذا الموقف أعطى محمد دفعة كبيرة نحو المزيد من الإصرار، ويبقى الحديث له: "من أهم عناصر النجاح الإرادة والعزيمة، وهما متوفران لدي، وسأواصل الطريق، أحيانا نتعرض لخسارة ونربح كثيرا "، ويستعد الشاب الصغير لخوض غمار امتحانات الثانوية العامة، فهو طالب متفوق حصل في العام الماضي على معدل 93% ليعود مجدداً ويكمل حكايته مع تجارة الأعلاف.
دخلٌ متواصل
"في سوق الطيور الجميع هنا يعمل في بيع وشراء الطيور" قالها حسام دردون ( 22 عاما) الذي جاء لعرض كمية من الطيور، ويقول: "جئت لبيعها كي أعيل أسرتي، فأنا متزوج ولدي طفل، لأن الظروف الاقتصادية اليوم صعبة ولا يوجد أي مصدر آخر سوى بيع الطيور".
وهي ذات الحال التي يعيشها الشاب فارس الفيري 15 عاما الذي جاء إلى السوق أيضا لبيع الطيور، فمن بيع و شراء وإنتاج فروخ طائر الكناري يوفر دخلا لأسرته.
وفي يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع ينزل الشاب الآخر عبد الفتاح بدوان ( 16 عاما) لبيع طير وشراء آخر، ويعلق على ذلك قائلا لصحيفة " فلسطين": "تربية الطيور وبيعها وسيلة ناجحة وسهلة في مواجهة الأزمة الاقتصادية، واليوم سوق الطيور مستمر ومن الممكن أن يوفر دخلا بشكل متواصل من خلال بيع الطيور أو الأقفاص أو الأعلاف".
المصدر: صحيفة فلسطين
الفجر | 04:42 |
الظهر | 12:39 |
العصر | 04:16 |
المغرب | 07:10 |
العشاء | 08:36 |