اغتيال مَدْرَسةٍ في بيت لحم
اغتيال مَدْرَسةٍ في بيت لحم

السبت | 27/08/2016 - 09:38 صباحاً

تقرير: نجيب فراج: -

اصطدمت كل الجهود الرسمية والمحلية التي حاولت انقاذ مدرسة (هيرمان جماينر) في مدينة بيت لحم والتابعة للمنظمة الدولية لقرى الاطفال (SOS) من خطر الاغلاق الذي كان يتهددها على مدار اربع سنوات بكل الجدران السميكة التي لم تستطع اي جهة من الجهات المعنية التغلب عليها او اختراقها.

وبقيت ابواب المدرسة مفتوحة لتحتضن نحو 400 طالب وطالبة وتعيل عوائل اربعين معلما وموظفا فيها الى ان اصدرت "SOS" في فلسطين قرارا رسميا في الرابع والعشرين من الشهر الجاري باغلاق المدرسة نهائيا، في خطوة اعتبرت معاكسة لقرارات الحكومة الفلسطينية التي دعت لعدم اغلاق المدرسة وقالت إنها ستعمل على ايجاد حل لمشكلتها، لكن ذلك لم يحدث مع اقتراب الموعد المنتظر لبدء العام الدراسي الجديد يوم غد السبت.

الموظفون أصبحوا بلا عمل

تقول هند العيسة، رئيسة لجنة العاملين في المدرسة، والقائمة باعمال المديرة لـ "القدس" دوت كوم: "الان وضع الموظفين غامض للغاية ولا توجد اي جهة رسمية تتواصل معنا رغم اننا نواصل عملنا وسنذهب يوم السبت الى الدوام، مع يقيننا بأن الطلبة لن يحضروا الى مقاعدهم بعد ان قام معظم اولياء الامور بنقل اطفالهم الى مدارس اخرى، حيث سنواجه صفوفا فارغة وستصبح المدرسة خاوية بعد ان كانت تعج بالحركة والحيوية في مثل هذا الوقت".

وتستعرض العيسة قرارات رسمية ومكتوبة كانت صدرت عن الحكومة الفلسطينية وحتى من الرئيس محمود عباس شخصيا، مشيرة الى ان الرئيس عباس رد في الثالث عشر من أيار الماضي على كتاب وجه اليه من قبل لجنة العاملين للتدخل لانقاذ المدرسة بالقول كتابة : "توجهاتنا تقضي ببقاء المدرسة".

وتبع ذلك إعلان الحكومة في اجتماعها الأسبوعي يوم التاسع من الشهر الجاري وفق قرار صدر بهذا الخصوص بأن تؤول مرجعية مدرسة (هيرمان جماينر) الى وزارة التربية والتعليم، على ان يتم شغل الوظائف في المدرسة بموجب عقود وفق الاجراءات المتبعة في الدوائر الحكومية حسب حاجة المدرسة، اضافة الى استئجار المدرسة لمدة خمس سنوات بدون بدل ايجار.

كما نص قرار على أن تتولى وزارة التربية والتعليم العالي مراجعة ملف المدرسة بعد سنة من تاريخ صدور هذا القرار، بما يشمل امكانية دمج الاطفال مجهولي النسب بالتعليم العام، وأن تحافظ وزارة التربية والتعليم على طبيعة المدرسة واستقلاليتها المالية والعمل على تحقيق الاستدامة المالية من خلال تدفق اقساط الطلبة العاديين.

وقررت الوزارة أيضا أن تلتزم وزارة التربية والتعليم العالي بتوفير الكوادر الاكاديمية والارشادية للمدرسة وفق الحاجة، وأن تلتزم وزارة الاوقاف والشؤون الدينية بتوفير كفالات للطلبة الفقراء والايتام والحالات الخاصة عبر اموال الزكاة.

لا يمكن رفض قرار الحكومة

واعربت العيسة عن استغرابها من اتخاذ ادارة المؤسسة قرارا باغلاق المدرسة رغم وجود قرار حكومي يخالف هذا التوجه، فيما اكد محافظ بيت لحم اللواء جبرين البكري خلال لقائه قبل اربعة ايام مع لجنة العاملين تعقيبا على قرار ادارة المؤسسة القاضي باغلاق المدرسة بعد اسبوعين من قرار الحكومة بالقول انه لا يمكن التنكر لقرار مجلس الوزارء على الاطلاق فهو قرار ملزم ويجب ان ينفذ.

وحسب العيسة، فانه لدى مراجعة مديرية التربية والتعليم في بيت لحم أبلغهم المسؤولون ان قرار الحكومة لم يصلهم بعد، مستغربة هذا الامر خاصة بعد تأكيدات وزير التربية والتعليم صبري صيدم بعدم إمكانية القبول بإغلاق المدرسة وان الوزارة سوف تتحمل مسؤولياتها في حال تخلي ادارة المؤسسة عن المدرسة.

وقالت العيسة أن تصريحات الوزير صيدم المتكررة لم يتبعها أي خطوات عملية، مستنكرة معرفة المعلمين والموظفين في المدرسة بقرار إغلاقها من خلال وسائل الإعلام ودون علمهم، "وبشكل مهين"، على حد وصفها.

الاتصال لانهاء الخدمة

وتابعت العيسة سرد تفاصيل ما حدث، موضحة أن المعلمين تلقوا اتصالات أمس (الخميس) من إدارة المدرسة طلبت منهم فيها الحضور الى مقرها من اجل التوقيع على مخالصة انهاء الخدمة بهدف حماية حقوقهم القانونية، مشيرة الى ان العاملين يدرسون امكانية مقاضاة ادارة المؤسسة على كل اجراءاتها، بما في ذلك الاثار النفسية ليس على الموظفين وحسب، بل على مجمل الطلبة الذي اعتادوا الدراسة في مدرستهم، ثم تفرقوا الى مدارس اخرى، خاصة أن هناك عشرات الطلبة الذين لم يجدوا البديل بعد، ما ينذر بتفاقم الازمة.

وكانت ادارة مؤسسة قرى الاطفال العالمية اصدرت في الرابع والعشرين من الشهر الجاري بيانا قالت فيه إنه على الرغم من قيام فرعها في فلسطين ببذل اقصى الجهود لإيجاد الشريك المناسب ولكنه للأسف لم يجد ذلك الشريك الذي يضمن استقرار واستمرارية المدرسة، مشيرة الى أن قرار الإغلاق يأتي كنتيجة لقرار استراتيجي اتخذ عام 2012 بهدف تركيز جهود وأموال قرى الأطفال وضمان ايصالها إلى الفئات المستهدفة وهم الأطفال المشتركين في برنامج تمكين وحماية الأسرة الذي تديره المنظمة والأطفال المشتركين في قرية أطفال (SOS) بيت لحم.

وجاء في هذا البيان : "تعمل المنظمة الدولية لقرى الأطفال (SOS) في 134 دولة ومنطقة حول العالم لضمان تنشئة قائمة على المحبة والأمان والاحترام لجميع الأطفال. وتعمل المنظمة مع الأطفال الذين فقدوا الرعاية الأبوية والذين يواجهون مخاطر فقدان هذه الرعاية، ومن أجل القيام بذلك بصورة فعالة يجب على المنظمة أن تبقي تركيزها على الفئات المستهدفة الأساسية لضمان الوصول إلى الأطفال الأكثر ضعفا وعرضة للخطر".

وقال البيان: "مدرسة (هيرمان جماينر) لم تتمكن حاليا من الوصول إلى تلك الفئات المستهدفة، حيث يشكل التلاميذ القادمون من قرية الأطفال ما نسبته 30% فقط من مجموع التلاميذ في المدرسة، إضافة إلى طفل واحد فقط من برنامج الدعم الأسري الذي تديره المنظمة".

وأضاف أن المدرسة واجهت عجزا كبيرا في السنوات الماضية، ولم تنجح الجهود المبذولة في تقليص حجم عجز المدرسة لتحقيق الاستدامة منذ عام 2012 في خفض العجز وتحقيق الاستدامة طويلة المدى.

وأشار إلى ان كافة البرامج الأخرى للمنظمة الدولية لقرى الأطفال (SOS) سوف تستمر في تقديم خدماتها لأكثر من 2300 طفل، بما يشمل برنامج الشباب، وبرنامج قرى الأطفال في بيت لحم ورفح، وبرنامج الدعم الأسري في جنوب الضفة الغربية وقطاع غزة، ومشروع الإغاثة في حالات الطوارئ في مدينة غزة.

وأكدت المؤسسة في بيانها أنه سيتم إعادة توجيه الأموال التي تمول مدرسة (هيرمان جماينر) في بيت لحم حالياً نحو مشاريع جديدة داخل فلسطين.

القرار الاستباقي

ويرى متابعون لهذه الأزمة أن الحوارات التي جرت ما بين وزارة التربية والتعليم وادارة المؤسسة قد قطعت اشواطا ايجابية، الامر الذي رفع سقف التوقعات المتفائلة لابقاء المدرسة على قيد الحياة، لكن ما ورد في قرار الحكومة في التاسع من الشهر الجاري جعل أدارة المؤسسة تلغي كافة التفاهمات مع الوزراة وخاصة البند الرابع الذي جاء فيه ان وزارة التربية والتعليم ستتعاقد مع مجلس الادارة لاستئجار المدرسة لمدة خمس سنوات بدون بدل ايجار" وقد عجل ذلك في اصدار قرار الاغلاق عشية افتتاح العام الدراسي.

وحاولت "القدس" دوت كوم الاتصال مع وزير التربية والتعليم ووكيل الوزارة ومدير التربية والتعليم في بيت لحم مرات عديدة من اجل التعقيب على هذه التطورات، الا أنه لم تنجح في ذلك، كما أنها لم تتلق اي ردود على الرسائل النصية التي ارسلت لهم باستثناء رد من الوزير صيدم برسالة نصية يطلب فيها الاتصال بالدكتور بصري صالح، وكيل وزارة التربية والتعليم باعتباره المخول بالتصريح ولكن محاولة الاتصال مع صالح لم تنجح ايضا.

المصدر: القدس دوت كوم



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:31
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:16
العشاء 08:44