كيف “يجب” أن تبدو الكائنات الفضائية!
كيف “يجب” أن تبدو الكائنات الفضائية!

الأربعاء | 14/02/2018 - 08:29 صباحاً

تقرير: محمد كري طلعت :

مع التصورات العديدة التي وضعتها مخيلة الكتاب ومخرجو السينما، لدينا أكثر من إجابة لهذا السؤال؛ في الواقع أكثر مما نستطيع حصره. هل هي الصورة النمطية لمخلوق فيلم E.T الشهير، أم التصور الوحشي لكائنات قبيحة وعنيفة كما في سلسة أفلام Alien و Starship Troopers، أم أنها ذلك المزيج اللامتناهي بين الأجناس كما في سلسلة أفلام Star Wars أم أنكم تفضلون الشكل شبه البشري كما ظهرت عليه الكائن الفضائي في فيلم تشريح حادثة روزويل الشهير؟.

عن نفسي كان أول لقاء لي مع الكائنات الفضائية كما صورتها السينما عبر فيلم “تلوُّث Contamination” إنتاج عام 1980؛ والكائن الفضائي هنا ليس إلا بيض قمري ينبض بضوء أحمر وذو صوت أقرب لسارينة السفن الغارقة المنذرة بالويل والتي لا تصمت إلا بمقتل أحدهم. يبدو الأمر مضحكًا الآن إلا أنني قضيت ليالي سوداء عندما كنت صغيرًا بينما أتفحص أسفل فراشي قبل النوم في توجس بحثًا عن بيضة مختبئة هنا أو هناك.

لكن لحسن الحظ وبشكل مفاجيء، لدى العلماء تصور أفضل لما “يجب” أن تبدو عليه الكائنات الفضائية …

ما نعتقد أننا نعلمه

لا نعلم على وجه اليقين بعد كيف تبدو الكائنات الفضائية؛ هل هي وحيدة الخلية أو بسيطة التكوين كالبيض القمري الذي كنت أخاف منه صغيرًا، أم أنها أكثر تعقيدًا لتبدو كالحيوانات أو المجتمعات الكونية. في الواقع، نحن لا نعلم إذا كانت موجودة أصلًا فضلًا عن تخيل شكلها! لكن بالرغم من هذه المفارقة، إلا أن هناك بعض الأشياء التي نستطيع تخمينها بقدر كبير من الثقة.

ولنبدأ أولًا بتلك الدراسة من عام 2017 والتي قدمت مفهومًا مختلفًا تمامًا على الرغم من بساطته. وفقًا لدراسة نشرتها مجلة International Journal of Astrobiology استعرض علماء من جامعة أكوسفورد وللمرة الأولى كيف يمكن تطبيق نظرية التطور لفهم نشأة الكائنات الفضائية مهما كانت طبيعة البيئة التي تضمهم. وكما هو الحال على الأرض، يجب أن تخضع أي كائنات عضوية نمت في أي مكان يدعم الحياة إلى قواعد الانتخاب الطبيعي إلا إذا كانت تلك الكائنات نتاج تجارب أو مشاريع لكائنات أخرى!
 
يبدو الأمر بديهيًا نوعًا، فكما الأمر على كوكبنا، لابد من وجود تدرج طبيعي في بنية الأحياء بدءًا من الكائنات وحيدة الخلية كالأميبا إلى الكائنات الأعظم تعقيدًا كالبشر. وقياسًا على المبدأ نفسه، خرج القائمون على هذه الدراسة بتصور لكائن فضائي أطلقوا عليه اسم “أوكتومايت Octomite”.
 

لا يبدو جميلًا على الإطلاق، ولا يبدو أنه يستطيع السفر إلينا أو غزونا يومًا كما ترون، إلا أن احتمالية وجوده بهذا الشكل والتكوين كبيرة للغاية كما يفترض علماء جامعة أوكسفورد. أوكتومايت هو كائن عضوي معقد يتكون من كائنات عضوية أبسط تعيش معًا في تكافل كامل، ما يجعله أقرب لمستعمرة حية. قد يبدو هذا المفهوم غريبًا إلا أننا في الواقع لا نختلف كثيرًا عن أوكتومايت، بما أن أجسادنا تعد هي الأخرى مستعمرة لملايين الأفراد من الكائنات الأصغر والأبسط كالبكتريا والأميبا وغيرها من الطيفليات. فقط الاختلاف الجوهري هنا هو أن الكائنات الأصغر التي يتكون منها الأوكتومايت تستطيع العيش باستقلالية عن بعضها، ومع هذا فهي تتكافل معًا كي يحيا الكائن الأكبر.

تخيلوا معي لو كانت رئتنا نوع ما من الأشجار التي تنبت بصدورنا لتوفير الأكسجين بدمنا، بينما كانت معدتنا طفيلي شره يهضم كل ما يصله ويتغذى عليه إلا أنه في الوقت نفسه يمدنا بقسط من الطاقة التي يستمدها من الطعام الذي نمنحه إياه! هو مفهوم جنوني بلا شك، لكنه يستحق التأمل كما ترون.

ملمح آخر نثق تمامًا بوجوده في الكائنات الفضائية هو اتباعها لمبدأ التماثل الشكلي Symmetry، تمامًا كما هو الحال مع أي شكل من أشكال الحياة على الأرض تقريبًا. التماثل الشكلي يقضي باتساق وتماثل نصفي أي كائن عضوي لكي يعمل بشكل طبيعي؛ هكذا يمكنك شق أي كائن حي بما في ذلك البشر إلى نصفين متطابقين من الخارج. وكما ترون، فهذا ملمح ظاهري لأن هذه القاعدة لا تنطبق على الأعضاء الداخلية لدى البشر مثلًا، فنرى كبدًا واحدًا، وقلبًا واحدًا. مع هذا، تبدو قاعدة تماثل التركيب الظاهري أساسية حتى على مستوى أصغر كما في بللورات الثلج، أو مستوى أكبر بكثير كما في المجرات. ولهذا يمكننا بأمان أن نفكر في الكائنات الفضائية على أنها متماثلة التركيب … ظاهريًا على الأقل.

 
 

وأخيرًا، هناك مبدأ آخر يثق العلماء بوجوده بشكل أو بآخر في الكائنات الفضائية، وهو التطور المتقارب Convergent Evolution والذي يقضي باكتساب أجناس مختلفة لصفات تطورية واحدة على الرغم من وجود رابط جيني بينها. أقرب مثال على التطور المتقارب لدينا هو القدرة على تحديد مواقع الأشياء بالصدى عند كل من الحيتان والخفافيش؛ فكليهما لديه ما يشبه السونار الحي. الحيتان والخفافيش أبعد ما يكون عن أي تقارب جيني أو فصيلي، لكنهما طورا تلك القدرة الخاصة نفسها لأنها تعمل كأفضل ما يكون معهما وفقًا لظروف معيشتهما على مدار آلاف السنين.

بالطريقة نفسها، تطورت الأيدي والآذان والعيون لتعمل كما ينبغي وكما يجب وبشكل متقارب بين الأجناس بالرغم من اختلاف تركيبها الجيني وبيئة معيشتها. قد يكون التركيب الأساسي واحدًا، لكن التطور المتقارب شيء آخر ويفرض أن تطور الأجناس الخصائص نفسها متى استدعت الحاجة. وإلى ماذا يقودنا هذا؟ إلى أن تكون الكائنات الفضائية أقرب إلينا في الشبه وبشكل أكبر مما كنا نعتقد جراء التطور المتقارب.

لكن الأمر ليس بهذه البساطة بالطبع!

التطور المتقارب يفسر أمور من قبيل لماذا تطورت العين مرات عديدة بمختلف الأجناس وكيف أنه من الآمن أن نفترض أن الكائنات الفضائية لابد وأن تطور هي الأخرى طريقة شبيهة لاستقبال الضوء ورؤيته؛ لكنه في الوقت نفسه لا يعني أن هناك حلًا أو طريقة مُثلى للتغلب على عقبة تطورية، أو أن كل كائن حي سيقابل العقبة أو المعضلة البيئية نفسها سينتهي إلى الحل نفسه الذي خلُص إليه كائن آخر في ظروف شبيهة.

 
 

فكروا معي قليلًا في الديناصور من نوع التيرانوصورس وتأملوا صورته بالأعلى؛ ألا يملك جسدًا وتكوينًا عبقريًا؟ مع هذا لم يضمن له هذا الجسد بهذا التركيب فرصًا أفضل للبقاء أو النجاة بخلاف عيره من الكائنات الأخرى التي تبدو أجسادها أضعف وأقل قدرة. أعني، انظروا إلى هذا الرأس الضخم بتلك الأسنان المرعبة وهاتين الساقين الطويلتين والقويتين التي يمكن للتيرانوسوص معها أن يركض بسرعة وقوة؛  أليس هذا مزيجًا رائعًا لجسد مفترس لا يقهر؟ لكننا نعلم أن هذا لم يكن صحيحًا كما أثبتت الأيام.

هكذا يمكننا افتراض أن تكون الكائنات الفضائية على هيئتنا بما أننا نعتقد أننا أصحاب التكوين الأمثل للحياة الذكية كما نعرفها، لكن من المهم أن نتذكر دومًا أن ما يناسبنا جيدًا الآن، لا يعني أن يناسب غيرنا في كل بيئة أخرى أو أن أجسادنا كما هي حاليًا هي الشكل الأمثل والوحيد الذي قد يعمل بشكل جيد.

أخبرونا، ما هو تصوركم للكائنات الفضائية (إن كنتم تعتقدون بوجودها)؟ هل تتخيلونها خضراء بأعين تتهادى بعيدًا عن الرأس كما الرخويات أم تفضلون مقاربة أكثر واقعية وأقل إثارة كما رأينا في المقال بالأعلى؟

 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:32
الظهر 12:38
العصر 04:17
المغرب 07:15
العشاء 08:43