كثير من الشعوب في آسيا وبعض الدول العربية على رأسها السعودية، يأكلون الجراد، فهى حشرة غنية بالبروتين الذي يمثل 62% منها بجانب دهون بنسبة 17% وعناصر غير عضوية تمثل الباقي مثل: الماغنسيوم، الكالسيوم،والبوتاسيوم، المنجنيز، الصوديوم، الحديد، الفوسفور.

وذكر هيرودوت أبو التاريخ، أن الليبيين القدماء، كانوا إذا هجم عليهم الجراد قاموا بقتله من أجل أكله، وذلك بفصل الرأس والأجنحة والأرجل ثم يشمس حتى يجف وأخيرا يتم بشره على حليب الأبقار أو الماعز للشربة.

وفي تشاد، وعند بعض القبائل البدوية، يعتبرون الجراد لعنة من الله ولهذا يختبئون بعيداً عن هجوم أسرابه.

وفى مصر وعلى مواقع التواصل الاجتماعى، لم تسلم حشرة الجراد من السخرية وإقحامها فى الأحداث السياسية التى تمر بها مصر، وعمل "جرافيتى" لها، والتعليقات عليها، وكان من أهمها"جرادة تعترف:البرادعى دفعلى 600 جنيه علشان اتلف الزراعات فى مصر.. وحمدين حضر الاتفاق".

وطرحت "بوابة الأهرام" عدة تساؤلات حول الجراد، وكيفية الاستفادة منه اقتصاديا، وتفادي إضراره بمحاصيلنا، وماهى الدول التى تأكله وكيف يطهى، بعد أن تم تداول طرق طهيه، وكيفية أكله على موقع "اليوتيوب" كما جاء ذكر الجراد فى القرآن الكريم، بوصفه نوعًا من أنواع العقاب علي فرعون مصر؟.

قالت، عبير عبدالله إحدى السعوديات من أصل مصري، أن الجراد النجدى كبير الحجم معروف بطعمه اللذيذ، ويؤكل مشوى أو مقلى أو نتركه يجف فى الهواء لعدة أيام، واستطردت قائلة: إنه يتم استخدامه أيضا فى السَلطات، مضيفة أنه يستخدم كنوع من أنواع المقبلات على مائدة الطعام.

وأشارت إلى أن هناك مناطق بالسعودية تفضل أكل الجراد، مثل المدينة ونجد،والطائف، وتقدم وجبة الجراد فى المناسبات ، وهو غالي الثمن ويباع فى المطاعم الكبيرة، وفى الهايبر ماركت.مشيرة إلى أن الجراد النجدى النجدى كبير الحجم..ويسهل تنظيفه، وتقول ورغم ذلك فإنه أصبح قليلا فى المملكة العربية السعودية فى الفترة الأخيرة.

وأضافت رؤى عبدالله، وهى أيضا سعودية، أنها ليست من محبي الجراد كثيرا لأنه نادرا ما يوجد فى المطاعم مؤكدة أنها جربت أن تأكله، وكان طعمه مستساغا.

وأشار الشيف أسامة زغلول، والذى يعمل بأحد الفنادق الكبرى، إلي أن الفنادق تقدم أطباق الجراد المشوى والمقلى ويتراوح سعر الطبق مابين 100 إلى 150 دولارًا حسب طريقة الطهى، مضيفًا أن الشعوب الأسيوية هى الأكثر إقبالا على أكل الجراد.

وأضاف، أن الجراد يطهى بأكثر من طريقة، فمنها الشوربة التى تضاف إليها الكريمة بنفس طريقة شوربة "السى فود"، وأيضا يمكن أن يشوى أو يقلى فى الزيت.

وأكد زغلول، أن المصريون لا يقبلون على أكل الجراد أبدا، وأنهم يبدون اندهاشهم عندما نقدمه لشخص طلبه.

أما عن ذِكر الجراد فى القرآن الكريم فقد جاء مثلا علي نوع من أنواع العقاب لأهل مصر ويقول الدكتور كارم غنيم، أستاذ بكلية العلوم جامعة الأزهر، وعضو اتحاد الكتاب، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وعن ذكر أكل الجراد فى الحديث الشريف عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أحلت لنا ميتتان ودمان، والميتتان هما:الجراد والحوت، والدمان هما:الكبد والطحال.

وعن أبي هريرة قال : (خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة أو عمرة فاستقبلنا رجل من جراد، أو ضرب من جراد فجعلنا نضربهن بأسواطنا ونعالنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلوه فإنه من صيد البحر).

وروى مسلم عن عبد الله بن أبى أوفى قال: (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وكنا نأكل الجراد معه).

وأضاف غنيم، كماأن الجراد ذكر فى السورتين الكريمتين وهم الأعراف والقمر، وكان يمثل شكلا من أشكال العذاب والعقاب ففى سورة الأعراف يقول تعالى "فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلاَتٍ فَاسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِين".

وأضاف، عندما ناقش ابن جرير أقوال أهل التأويل، في كل شكل من أشكال العقاب أو العذاب الذي ورد في هذه الآية، أنه قد أرسل الله عليهم الجراد، فأسرع في فساد ثمارهم وزروعهم، فقالوا: يا موسى ادع لنا ربك أن يكشف عنَّا الجراد، فإنا سنؤمن لك ونرسل معك بني إسرائيل، فدعي ربه فكشف عنهم الجراد، وكان قد بقى من زروعهم ومعاشهم بقايا، فقالوا: قد بقى لنا ما هو كافينا، فلن نؤمن لك ولن نرسل معك بني إسرائيل وهكذا إلى نهاية الآيات ، فقد أرسل إليهم الله أشكال من أشكال العقاب.

وأضاف غنيم، ولمزيد من التفصيل في شأن "الجراد" هناك أيضا أقوال أهل التأويل حتى يتضح مدى أضرار الجراد بقوم فرعون الذين طغوا وظلموا وتجبروا في الأرض يسوق ابن جرير رواية عن سعيد بن جبير منها: إن الله بعث على آل فرعون الجراد فلم يدع لهم ورقة ولا شجرة ولا زهرة ولا ثمر إلا أكلها حتى وأفنيت الخضر كلها، فأكل الخشب حتى أبواب وسقوف البيوت، وابتلي الجراد بالجوع فجعل لا يشبع... وعن مجاهد أن الجراد كان يأكل حتى أمتعتهم وثيابهم ومسامير أبوابهم لشدة العقاب.

وأوضح د.كارم غنيم أن ألجراد ذكر أيضا فى سورة القمر حيث شبه بعث الناس يوم الحشر كأسراب الجراد فى كثرتهم.
"اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ {1} وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ {2} وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ {3} وَلَقَدْ جَاءهُم مِّنَ الْأَنبَاء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ {4} حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ {5} فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ {6}‏ خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ {7} مُّهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (8)".

و عن كيفية الاستفادة من الجراد وهل يمكن تصديره للبلاد التى تأكله. قال الدكتور جمال عبد اللطيف باحث بقسم بحوث الجراد مركز البحوث الزراعية بمعهد بحوث وقاية النباتات، أن الجراد الذى يزور مصر من الصعب السيطرة عليه حيث يتمركز فى طريق هجرته إلينا فى مناطق حلايب وشلاتين.

وأضاف، أن الجراد يزور مصر فى أوقات غير معلومة،وليس بانتظام كل عام، وأن الجراد الذى يطير فى أسراب يتراوح أطوالها من 15 كيلو متر وحتى 20 كيلو متر، وتستطيع أن تحجب عنك الشمس ، من الصعب الوصل لها، كما أن الجراد الذى يطير يكون غير كامل النضج، حيث أن الجرادة الناضجة الكاملة لا تطير بعد وضع بيضها مرة أخرى مضيفا أن هناك رجال أعمال فى تركيا يقومون بتربية الجراد، وتصديره إلى أوروبا.

وأشار عبد اللطيف، أن قسم بحوث الجراد أُنشيء لإيجاد طرق بديلة لمكافحة الجراد والقضاء عليه بوسائل حيوية وليست كيميائة حتى لا تضر بالمحاصيل أكثر أو بالإنسان، مضيفا أن الوسائل الحيوية تكون بمحاربة الجراد بالأمراض التى تقضى عليه مثل الأمراض الفطرية المعروفة بقتلها للجراد. المصدر: بوابة الاهرام