هذا الرجل يعتبر نفسه الأكثر حظاً في العالم، رغم إصابته بالعمى فجأة في الجامعة.. وصل إلى قمة النجاح
هذا الرجل يعتبر نفسه الأكثر حظاً في العالم، رغم إصابته بالعمى فجأة في الجامعة.. وصل إلى قمة النجاح

الخميس | 05/07/2018 - 10:47 صباحاً

خلال يومه الأول من السنة الدراسية الأولى في جامعة كولومبيا الأميركية، وقف سانفورد غرينبيرغ (دفعة 1962) في الحرم الجامعي بجوار أرضٍ عُشبية برفقة زميله آرثر غارفانكيل، ودار حوار ثري وغريب نوعاً ما بينهما.

سأل غارفانكيل زميله غرينبيرغ: «سانفورد، انظر إلى قطعة الأرض العشبية هذه، هل ترى الألوان والأشكال؟ والطريقة التي تنحني بها أوراق العشب؟».

كان غرينبيرغ مأسوراً بالفعل بما يراه. وبينما كان الشباب الآخرون يتحدَّثون عن الفتيات والرياضات المختلفة، لكن غرينبيرغ وزميله أرادا التحدُّث عن قطعة الأرض العشبية.

غرينبيرغ وغارفانكيل في الجامعة

ربما نتفهم هذا الاهتمام المختلف من شاب محظوظ مثل غرينبيرغ، فقد كان أكثر زملائه حظاً، وبعد أن كان ولداً فقيراً لا يملك مالاً يكمل به دراسته، حصل على منحة دراسية شاملة ويحضر صفوفاً لأساتذة كبار مثل أستاذة الأنثروبولوجي مارغريت ميد، وأستاذ الفيزياء ليون ليدرمان، وأستاذ التاريخ جيمس شينتون، والشاعر مارك فان دورين. كما حظى بصديقٍ جديدٍ رائع، وهو شابٌ شديد الذكاء من مدينة نيويورك.

لكن في صيف عام 1960، وقبل سنته الدراسية الثالثة مباشرةً، انقلب حظ غرينبيرغ، حسب القصة التي روتها مجلة Reader’s Digest.

وقتها كان في مدينته بافالو التابعة لولاية نيويورك، حيث يلعب البيسبول عندما شعر بـ»إعتامِ» رؤيته، اضطر إلى الاستلقاء على العشب حتى زالت الغشاوة عن عينيه، ثم قال له الأطباء لاحقاً إنه مصابٌ بـ»التهاب الملتحمة التحسُّسي».

عندما عاد إلى الجامعة في فصل الخريف من ذاك العام، عانى غرينبيرغ من نوباتٍ مماثلة، لكنه لم يُخبر أحداً، فلم يكن يعتقد أن الأمر خطير. لكن زميليه، غارفانكيل وجيري سباير، رأيا أنه يواجه مشكلةً.

في الصباح الأول لامتحانات نهاية العام، صاحب غارفانكيل غرينبيرغ إلى صالة الألعاب الرياضية للجامعة، حيث كانت تُعقَد الامتحانات. بدأ غرينبيرغ في الكتابة الساعة التاسعة صباحاً، لكن بحلول العاشرة والنصف، لم يعد قادراً على رؤية أي شيء.

ثم سار مُترنِّحاً صوب مُقدِّمة القاعة وسلَّم المراقب كتابه الأزرق، وقال غرينبيرغ للمراقب: «سيدي، أنا لا أستطيع الرؤية». فضحك المراقب وردَّ عليه: «لقد سمعت أعذاراً رائعة، لكن هذه أفضلها».

عاد غرينبيرغ إلى مدينة بافالو، حيث تلقى تشخيصاً آخر، وهو إصابته بمرض «المياه الزرقاء»، وفي الشتاء، أجرى الأطباء عمليةً جراحية لعينيّ غرينبيرغ، لكنها لم تنجح، لقد أُصيب غرينبيرغ بالعمى.

وكان هذا الخبر كافياً لإصابة غرينبيرغ بالاكتئاب الشديد إلى حد رفضه مقابلة أي شخص من الجامعة. لكن غارفانكيل ذهب إلى صديقه من أول أيام الجامعة رغم هذه الرغبة في الانعزال.

بدأ اللقاء بقول غرينبيرغ: «لا أريد التحدُّث»، إلا أن غارفانكيل أصر على الحديث، ثم أقنع صديقه بالعودة إلى كولومبيا، وعرض عليه أن يقرأ الكتب له.

وبالفعل، في سبتمبر/أيلول عام 1961، عاد غرينبيرغ إلى الجامعة. كان غارفانكيل، وسباير، وصديقٌ ثالث يقرأون الكتب له، مستقطعين وقتاً من دراستهم، وعاد الحظ الجيد مرة أخرى، بحصول غرينبيرغ على الدرجة الأولى في جميع المواد.

ورغم ذلك فقد كان لا يزال مُتردِّداً بشأن التنقُّل وحده، وقد اعتمد على أصدقائه لمساعدته.

ثم في ظهيرة أحد الأيام ذهب كلٌّ من غرينبيرغ وغارفانكيل إلى وسط حي مانهاتن، وعندما حان وقت عودة غرينبيرغ إلى الجامعة، قال غارفانكيل إن لديه موعداً وإنه لن يستطيع مصاحبته. فشعر غرينبيرغ بالذعر والصدمة.

تجادلا، وسار غارفانكيل تاركاً غرينبيرغ وحده في محطة جراند سنترال. شعر غرينبيرغ بالارتباك وسار مُتعثِّراً خلال زحام ساعة الذروة، استقلَّ قطاراً غرباً إلى ميدان «تايمز»، ثم قطاراً آخر متجهاً شمالي المدينة.

وبعد مسافة جاوزت 6 كيلومترات، غادر القطار عند محطة جامعة كولومبيا. وعند أبواب الجامعة اصطدم شخصٌ به وقال: «معذرة يا سيدي»، عرف غرينبيرغ الصوت، كان صوت غارفانكيل.

كان الغضب هو ردة فعل غرينبيرغ الأولى، لكن في اللحظة التالية، أدرك ما حقَّقه للتوّ ومن ساعده في جعل هذا أمراً ممكناً. وقال غرينبيرغ عن هذه اللحظة بعد ذلك: «كانت واحدة من أكثر الخطط ذكاءً. وبالطبع، كان آرثر يرافقني طوال اليوم».

بعد تخرُّجه، حصل غرينبيرغ على درجة الماجستير من جامعة كولومبيا، وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة هارفارد، وتزوَّجَ من رفيقته سو.

استمر غرينبيرغ في نجاحاته دون إعارة مشكلته في الإبصار اهتمام، ووصل إلى قمة النجاح الذي يتمناه طالب في ظروفه، حتى أصبح زميلاً في البيت الأبيض لدى إدارة الرئيس الأميركي ليندون جونسون، كما أصبح لاحقاً مخترعاً ناجحاً ورجل أعمال، حسب مجلة Reader’s Digest الأميركية.

غرينبيرغ وغارفانكيل في كولومبيا بالعام 2016

فيما أصبح غارفانكيل المغني والممثل والشاعر آرت غارفانكيل.

مؤخراً، تذكر غرينبيرغ عندما كان غارفانكيل يقرأ مسرحية Our Town، التي يقول إنها كانت بمثابة كتيب إرشادات لحياتهم، وكانت رسالة المسرحية أن البشر العالقين في متاعب الحياة اليومية يفشلون في تقدير قيمة وجمال الحياة.

وفي المسرحية، تقول إميلي ويب جيبس، وهي شخصيةٌ بالمسرحية تُجسِّد امرأة متوفاة تنظر إلى البشر الأحياء من الأعلى وتتعجَّب من حماقتهم : «إن كلَّ البشر مجرد أناسٍ مصابين بالعمى».

بالطبع لم يكن المقصود هنا غرينبرغ. فهو يرى كلَّ شيء ويتغنَّى بكل نعمة؛ الكبيرة منها والصغيرة، بدءاً من حب عائلته وأصدقائه له إلى حبات الندى فوق أوراق العشب.

فيما يعتبر غرينبيرغ نفسه: «أنت تتحدَّث مع أكثر الرجال حظاً في العالم».

المصدر: عربي بوست

 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:39
الظهر 12:39
العصر 04:17
المغرب 07:11
العشاء 08:38