يُصنف قانون إلغاء العبودية لسنة 1833 (Slavery Abolition Act 1833) كواحد من أهم القوانين في تاريخ بريطانيا حيث جاء ظهور هذا القرار التاريخي ليكرّس انتصار نشطاء المجتمع المدني المناهضين للعبودية عقب جملة من الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي عاشت على وقعها الإمبراطورية البريطانية. وبناءً على ذلك، كسب حوالي 800 ألف من العبيد حريتهم بعد فترات طويلة قضوها في شراك العبودية بالمستعمرات البريطانية بكل من إفريقيا والكاريبي وكندا.
مر الطريق نحو إجهاض العبودية ببريطانيا بمحطات عديدة، فمنذ سبعينيات القرن الثامن عشر باشر العديد من مناهضي العبودية نشاطهم في سعي منهم لوضع حد لتجارة العبيد بالمستعمرات البريطانية، ولعل أبرزهم جون غريفز سيمكو (John Graves Simcoe) الذي شغل منصب حاكم المستعمرة البريطانية بكندا العليا. ولم يتردد سيمكو سنة 1793 في التوقيع على قرار مناهض للعبودية وافق عليه المسؤولون المحلّيون وبموجبه منع "استيراد" مزيد من العبيد نحو المستعمرة، ووافق على منح أبناء العبيد حريتهم عند بلوغهم الـ25 من عمرهم.
مع حلول عام 1823، نشأت بالعاصمة البريطانية لندن "الجمعية المناهضة للعبودية" (Anti-Slavery Society) والتي كان من ضمن أعضائها عدد هام من كبار الشخصيات البريطانية مثل البرلمانيين فويل بوكستون وويليام ويلبرفورس إضافةً إلى المستشار هنري بروجهام. وحملت هذه المنظمة على عاتقها مهمة مواصلة النضال لوضع حد نهائي للعبودية بالإمبراطورية البريطانية.
وبالتزامن مع كل ذلك، عانى الاقتصاد البريطاني من حالة من التخبط بسبب التغيرات الاقتصادية التي شهدها العالم حيث لم تعد مزارع قصب السكر والقطن بالمستعمرات البريطانية بالكاريبي، والتي كانت تشغل عددا هائلا من العبيد، قادرة على مقارعة المزارع الكبرى بكل من كوبا والبرازيل والتي هيمنت بدورها على الأسواق العالمية. فضلاً عن ذلك، اتجه الأميركيون نحو زيادة نسبة تبادلهم التجاري مع الهولنديين والفرنسيين، ولهذا السبب لم يتردد المستثمرون البريطانيون بالمطالبة بتنويع الإنتاج. وخلال نفس تلك الفترة، أرّقت ثورات العبيد المتواصلة السلطات البريطانية والتي اضطرت غالبا إلى استخدام القوة المفرطة لقمعها.
وبسبب تراكم كل هذه الظروف، اتجه البرلمان البريطاني سنة 1833 إلى إقرار قانون إلغاء العبودية، وقد تم الاتفاق على هذا القرار أواخر شهر تموز/يوليو سنة 1833. ولقي قانون إلغاء العبودية القبول الملكي يوم 28 آب/أغسطس 1833 قبل أن يدخل حيز التنفيذ بشكل رسمي في الأول من شهر آب/أغسطس سنة 1834.
وبناءً على قانون إلغاء العبودية لسنة 1833، وفّرت بريطانيا مبلغا قارب 20 مليون جنيه (ما يعادل نصف الدخل السنوي للخزينة البريطانية) بهدف تقديم تعويضات لمالكي العبيد على أراضيها وبمستعمراتها بالكاريبي وإفريقيا. أما المستعمرة البريطانية بالهند فانتظرت حلول عام 1843 ليتم تمرير قرار مماثل منعت من خلاله عمليات بيع وشراء العبيد بالنسبة لـ"شركة الهند الشرقية البريطانية" (East India Company).
الفجر | 04:31 |
الظهر | 12:37 |
العصر | 04:17 |
المغرب | 07:16 |
العشاء | 08:44 |