كشف سر سيدة بداخل تابوت حديدي محكم
كشف سر سيدة بداخل تابوت حديدي محكم

السبت | 06/10/2018 - 03:29 مساءً

عندما عثر عمال البناء بالصدفة على جثة سيدة  من أصل إفريقي في بلدة كوينز بنيويورك عام 2011، اعتقدت الشرطة في بداية الأمر أن صاحبة الجثة ضحية لجريمة قتل حديثة. ولكن سرعان ما تبين في ضوء نتائج فحوصات الطب الشرعي أن قصة الجثة كانت أكثر غرابة، وأكثر قدماً، مما كان يشتبه فيه لأول وهلة، بحسب موقع "Science Live".

بدأت الواقعة عندما تم العثور على شظايا معدنية مقطعة مبعثرة بالقرب من معدات البناء، تبين فيما بعد أنها قطع من تابوت حديدي، محكم الغلق، غالي التكلفة، وتزينه زخارف. حافظت البيئة المحكمة الإغلاق للتابوت على حالة رفات المرأة، التي تم العثور عليها بداخل التابوت، بتفاصيل واضحة، مما دفع بعناصر الشرطة للشك في أنها توفيت حديثًا.

 

ساد إنتاج التوابيت المصنوعة من الحديد لفترة وجيزة خلال منتصف القرن التاسع عشر، لذلك استدل الخبراء من خلال نوع التابوت، بالإضافة إلى نمط ملابس الدفن النسائية، على تحديد تاريخ الدفن ونسب المومياء إلى القرن الثامن عشر.

عالم آثار وطبيب شرعي

تم الكشف عن الكثير من تفاصيل الحكاية الغامضة لتلك المرأة في فيلم وثائقي جديد بعنوان "المرأة في التابوت الحديدي"، عرضته قناة PBS الأميركية.

ويسرد الوثائقي أنه جرى استدعاء سكوت وارناش، وهو عالم آثار وطبيب شرعي، تابع لمكتب رئيس الفحص الطبي في مدينة نيويورك، إلى الموقع مع فريق من المعاونين لتوثيق واستعادة الرفات المدفونة جزئياً. وأنه سرعان ما تعرف على القطع الحديدية الصغيرة، باعتبارها شظايا من التابوت، لأنه كان قد صادف توابيت حديدية مماثلة، في سنوات سابقة، خلال التنقيب في نيو جيرسي، وفقاً لما صرح به وارناش إلى Live Science.

وقال وارناش: "كنت مهووسا بهذه النعوش الحديدية منذ عام 2005، عندما تم العثور على اثنين منها تحت مبنى "برودنشال سنتر" في نيوارك". وتابع قائلا: "أخبرت الشرطة بأن هذا التابوت تاريخي، وأن الموقع ليس مسرح جريمة."

ولأن عمال البناء كانوا قد اكتشفوا التابوت، بعدما تعرض للخرق بواسطة الحفار المستخدم في هدم العقار، مما تسبب أن تغطي الأتربة والطين المومياء، فقد سارع وارناش ومساعديه لنفض الأوساخ عن الجثمان، ولاحظوا أنه لأميركية من أصل إفريقي، ترتدي ثياباً خاصة بالنوم، تعود إلى القرن التاسع عشر، إلى جانب شال مشغول يدويا، وجوارب سميكة تصل إلى الركبة.

فيروس غير نشط

ولفت انتباه الباحثين والمحققين أنه تم حفظ بشرة المومياء بشكل جيد، لدرجة أنهم تمكنوا بسهولة من تحديد ما بدا كآثار من الجدري على الجبهة والصدر.

ويضيف وارناش أنه تم على الفور تعليق العمل على المومياء مؤقتا، إلى حين قيام فريق متخصص من مركز السيطرة والوقاية من الأمراض الوبائية CDC بالتأكد من أن الفيروس لم يعد نشطًا.

إنشاء ملف تعريف

وشرح وارناش أنه تم الاستعانة بوسائل التصوير بالرنين المغناطيسي MRI والتصوير المقطعي بالأشعة السينية CT لفحص المومياء بدون تشريح وتم تكوين ورسم صورة بيولوجية للمرأة، التي يبلغ طولها 1.6 متر، وترجيح أنها قضت في سن ما بين 25 إلى 30 عاماً.

وتبين أن الموقع، الذي تم العثور على التابوت الحديدي فيه، كان فيما مضى مقراً لكنيسة، ملحق بها مقابر للسكان الأميركيين من أصول إفريقية، تأسست عام 1828، بمعرفة الجيل الأول من الأفارقة في المنطقة.

تحديد الهوية

ومن خلال الفحص الدقيق لسجلات التعداد المحلية، التي ترجع إلى عام 1850، تمكن الباحثون من حل بقايا اللغز المفقودة حول هوية المرأة.

يرجح الباحثون أن تلك الرفات يُحتمل أن تكون لمارثا بيترسون من سكان مدينة نيويورك، وهي ابنة جون وجين بيترسون، التي توفيت في سن السادسة والعشرين من عمرها. ويشير وارناش إلى أنه جرى إعداد الجثمان بمنتهى الاهتمام والعناية وتجهيزه للدفن بمعرفة أياد ماهرة، بما يكشف لمحة عن طبيعة مجتمع الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية في ذاك الوقت.

ويقول وارناش: "على الرغم من حقيقة أنها قضت متأثرة بمرض الجدري، إلا أنهم قاموا بتنظيف جسدها، وألبسوها ثيابها، وصففوا شعرها، على الرغم من أن الجدري كان أحد الأمراض التي تهدد الحياة في تلك الحقبة".

توابيت الحديد

دام تصنيع توابيت الحديد فترة تقل عن 10 سنوات في تلك الحقبة الزمنية، وابتكرها وصممها صانع مواقد يدعى ألموند دانبار فيسك. حصل فيسك على براءة اختراع التوابيت المصنوعة من الحديد في عام 1848. تم تشكيل وتصنيع توابيت الحديدية بطريقة تجعلها محكمة الغلق، فلا ينفذ إليها الهواء بما يمنع التسوس، بعكس التوابيت المصنوعة من الخشب آنذاك.

وصية السيدة الأولى

كانت التوابيت الحديدية حلاً مثالياً لنقل الجثث عبر مسافات طويلة بالقطار، ويقول وارناش إنها اكتسبت التوابيت شعبية بين أوساط النخب السياسية في واشنطن العاصمة، مشيراً إلى أنه "في عام 1849، أوصت دوللي ماديسون، السيدة الأولى السابقة، بإعداد تابوت حديدي من أجل جنازتها، مما جلب شهرة واسعة لفيسك بعد ذلك".

ويوضح وارناش أن تلك التوابيت كانت بالغة الجودة، حيث تبدو المومياء وكأنها لسيدة توفيت منذ أسبوع رغم أنه مضى على تاريخ وفاتها أكثر من 160 سنة.

ويختتم وارناش قائلا لا يمكن الجزم بسبب مؤكد وراء دفن هذه السيدة في تابوت مصنوع من الحديد، إلا أنه من المرجح أن يكون سبب وفاتها متأثرة بمرض معد وقاتل في هذه الحقبة الزمنية يمكن أن يعد مبرراً لاستخدام التابوت الحديد، جيد العزل، حتى يمكن تشييعها ودفنها بدون إصابة آخرين بالعدوى.



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:31
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:16
العشاء 08:44