كيف تحمينا النسور من أمراض خطيرة؟
كيف تحمينا النسور من أمراض خطيرة؟

السبت | 17/11/2018 - 04:19 مساءً

ماتيلدا باترسبي- بي بي سي..

 تعرف النسور بأجنحتها الكبيرة، ووجوهها التي تبرز منها مناقير حادة، وغرامها بالجيف، وهي تحظى بصيت سيئ لدى كثيرين.

كما يُنظر إليها عادة كنذر للموت، وهي تحوم حول جيف الحيوانات الميتة، ومستعدة لتنشب مناقيرها فيها.

لكنها لا تستحق هذه السمعة السيئة، إذ أنها تقدم لنا خدمة في غاية الأهمية بالتغذي على تلك الجيف، فهي بذلك تحمينا من كثير من الأمراض، وتوفر علينا تكاليف تنظيف الطبيعة منها.

ومع ذلك، فإن وجود هذه الطيور مهدد بسببنا، ففي جنوب شرقي آسيا، تم القضاء على 98 في المئة من هذه النسور بصورة تامة خلال السنوات العشرين الماضية.

فكثير من أنواع النسور، مثل النسور بيضاء الظهر، والنسور طويلة المنقار، والنسور صغيرة المنقار، والنسر الهندي، ونسر الهيمالايا الصغير، تعد الآن رسمياً “في خطر محدق”.

فأعداد النسور بيضاء الظهر تراجعت من 80 مليون خلال الثمانينيات إلى عدة آلاف فقط هذه الأيام، أي بنسبة نقص تبلغ 99.9% في المئة.

وأكثر أنواع النسور عرضة للإنقراض هي “النسور المخادعة” وهي من نسور تعرف في العادة برؤوسها الصلعاء التي لا يعلوها ريش، وهي ذات ريش داكن السواد.

وهذا هو النوع الذي تراه يلتهم فريسته بنهم في أفلام الصور المتحركة. فلماذا تتعرض هذه المخلوقات للموت في أسرابها في الهند؟

السبب غالباً هو الطب البيطري الحديث. فالنسور تتغذى على جيف حيوانات المزرعة، مما يعرضها إلى التأثر بعقار يتسبب لها في فشل كلوي مميت. وذلك العقار هو “ديكلوفيناك”، والذي يوصف طبياً للماشية لتخفيف ألم المفاصل.

رأس نسر 

وقد اتضح ذلك عام 2003 عندما كانت هناك أنباء عن قرب انقراض النسور بيضاء الظهر، وصغيرة المنقار، والهندية، لأسباب غير معروفة.

بعد ذلك بعام نشر الدكتور ليندساي أوكس، الباحث من جامعة واشنطن وبتمويل من صندوق بيريغرين، تقريراً في مجلة نيتشر يبرهن فيه على علاقة هذه الظاهرة بعقار ديكلوفيناك.

وقال: “هذا الاكتشاف مهم، وهذه أول حالة معروفة يتسبب فيها عقار طبي في ضرر بيئي في منطقة شاسعة”.

وتأكدت العلاقة أكثر بين ظاهرة نفوق النسور وبين ذلك العقار في 20 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2005، عندما وجد القرويون نسراً جريحاً من فصيلة نسور الهيملايا في منطقة كولو بالهند.

وقد أخذوا الطائر إلى طبيب بيطري. وكان الطائر يعاني من ساق مكسورة، ولذلك أعطاه الطبيب البيطري ديكلوفيناك لعلاج الورم والألم. وبعد يومين فقط نفق النسر.

وكان سبب موته تضخم في الكلية سببه التسمم بعقار ديكلوفيناك. وقد أثبت فريق الدكتور أوكس وكذلك أثبتت فيما بعد دراسات أخرى أنه عندما يأكل النسر لحم ماشية محقونة بذلك العقار، فإن التأثير يكون قاتلاً خلال أيام معدودة.

عقار آمن للنسور

وفي مارس/آذار 2006، فرضت الحكومة الهندية حظرا على استعمال عقار ديكلوفيناك. وقد نصحت بعقار مشابه اسمه ميلوكسيكام كبديل آمن للنسور.

لكن عقار ديكلوفيناك أرخص ثمناً من عقار ميلوكسيكام، ولا يزال استعماله في الهند قائماً. لكن الأمور في تحسن ولو كان طفيفا.

فقد أشارت دراسة صدرت عام 2014 إلى تقرير للجمعية الملكية لحماية الطيور والكائنات الأخرى، والتي درست النسور والماشية في الفترة بين عامي 2006 و 2010. وتوصلت الدراسة إلى أنه بحلول عام 2009 تراجع عدد الماشية النافقة التي عولجت بعقار ديكلوفيناك، بنسبة 49 في المئة.

نسر يطير في الجو 

وكانت النتيجة الملفتة للنظر هي أن موت النسور المرتبط بعقار ديكلوفيناك انخفض أيضا بنسبة 65 في المئة. وربما يكون ذلك جهدا قليلا ومتأخرا.

ويقول دكتور توبي جاليجان العالم في الجمعية الملكية لحماية الطيور والمشارك في كتابة الدراسة: “الأخبار المبشرة والمطمئنة هي أن استخدام الأطباء البيطريين لعقار ديكلوفيناك في الهند قد انخفض بشكل كبير، أما الأخبار السيئة فهي أن استخدام هذا العقار لم يتوقف بشكل كامل”.

ويضيف: “يرجع هذا إلى أن شركات صناعة الدواء الهندية تقوم بتصنيع عقار ديكلوفيناك للاستخدام الآدمي في قوارير كبيرة تكفي لمعالجة الماشية، وبعض البيطريين وملاك الماشية مستمرون في استخدام ديكلوفيناك الأرخص ثمناً بدلاً من عقار ميلوكسيكام البديل الآمن للنسور”.

وتلعب النسور دوراً بيئياً حيويا، إذ أنها مزودة بجهاز هضمي يحتوي على أحماض خاصة يمكنها إذابة مادة الأنثراكس والتخلص منها، وكذلك بكتيريا الكوليرا، والسموم المعوية.

وتعد قدرة النسور على التخلص من الجيف والقضاء على البكتيريا التي تتغذى عليها أمرا مفيدا للغاية في بلدان مثل الهند، حيث تعتبر الماشية رصيداً قيماً للفلاحين، الذين ويحتفظون بها حتى تموت بالأسباب الطبيعية.

كما أنه ليس من المقبول أكل لحوم الأبقار في شبه القارة الهندية لأسباب دينية، ولهذا تلعب النسور دوراً حيوياً في التخلص من الماشية النافقة.

لكن لم تعد هناك أعداد كافية من الطيور للقيام بهذا الدور بفعالية، وتعد النتائج المترتبة على ذلك في غاية الخطورة.

فهناك نحو 65 مليون رأس من الماشية تنفق في الهند كل عام، وينبغي أن يتم التخلص منها بطريقة صحيحة، لكنها مكلفة أيضا.

المعركة لإنقاذ هذه النسور ستكون قاسية، لكن سبب تناقص أعدادها واضح الآن، والحملة التي تهدف إلى الحفاظ عليها من الانقراض تواصل نشاطها بكل همة.

 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:31
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:16
العشاء 08:44