يوم تمردت باريس على الحكومة وقتل 20 ألفاً من سكانها
يوم تمردت باريس على الحكومة وقتل 20 ألفاً من سكانها

الخميس | 14/02/2019 - 07:30 صباحاً

في خضم الحرب الفرنسية البروسية (Franco-Prussian War)، تمكنت الجيوش البروسية يوم 2 من شهر أيلول/سبتمبر سنة 1870 من أسر الإمبراطور الفرنسي #نابليون الثالث (Napoleon III) عند منطقة سيدان (Sedan)، وانهارت الإمبراطورية الثانية لتحل مكانها الجمهورية الثالثة التي أعلن عن قيامها يوم الرابع من نفس الشهر.

وبعد مضي نحو أسبوعين على حادثة وقوع نابليون الثالث في الأسر، فرضت الجيوش البروسية حصارا خانقا على العاصمة الفرنسية باريس التي سرعان ما انتشرت فيها المجاعة والفوضى، وتمكن البيروسيون من إلحاق هزيمة قاسية بقوات وزير الداخلية الفرنسي ليون غامبيتا (Léon Gambetta).

 

وأمام هذا الوضع، وافقت الحكومة الفرنسية، التي فرّت في وقت سابق لمدينة بوردو (Bordeaux)، يوم 28 من شهر يناير/كانون الثاني سنة 1871 على مناقشة معاهدة استسلام مع البروسيين والتحضير للانتخابات القادمة.

مطلع شهر آذار/مارس سنة 1871، شعر أهالي باريس بالذل وعار الهزيمة، حيث سمح المسؤول عن السلطة التنفيذية بفرنسا أدولف تيير (Adolphe Thiers) للبروسيين باستعراض قواتهم بالعاصمة#باريس مقابل احتفاظ فرنسا بمنطقة بلفور (Belfort) الحدودية. وعلى الرغم من رفع الحصار عنهم ونهاية المجاعة، اتهم الباريسيون أدولف تيير بالاستسلام مبكرا للبروسيين والتنكر لدماء الجنود الذين ضحوا بأنفسهم.

صورة لوزير الداخلية الفرنسي ليون غامبيتاصورة للمسؤول الفرنسي أدولف تييرصورة للإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث

وتزامنا مع ذلك، تزايد غضب الباريسيين عقب إقدام الحكومة على إلغاء مرتبات الحرس الوطني، والذي ضم ما يزيد عن 180 ألفا من الطبقة الفقيرة وطبقة العمّال، وإعادة العمل بنظام دفع الكراء والدين، فبسبب ذلك واجه مئات الآلاف خطر الإفلاس والفقر.

وخلال نفس الفترة، تخوف الجميع من إمكانية عودة الملكية لفرنسا حيث شهدت الانتخابات انضمام العديد من النواب الملكيين للمجلس الوطني.

وفّرت هذه العوامل المناخ المناسب لبداية تمرد العاصمة باريس، والتي تواجد داخل أسوارها عشرات الآلاف من الحرس الوطني ونحو 500 ألف بندقية.

وفي حدود يوم 18 من شهر آذار/مارس سنة 1871، أرسل تيير نحو 4000 جندي للعاصمة من أجل استرجاع 227 مدفعا كانوا بداخلها. وبالتزامن مع ذلك، تجمّع الباريسيون وأجبروا الجنود على التراجع قبل أن يقدموا على اعتقال وإعدام الجنرالين جاك كليمونت توماس (Jacques Clément-Thomas) وكلود ليكونت (Claude Lecomte).

صورة لعملية إعدام يوجين فارلان أحد قادة كومونة باريسصورة لعملية إعدام الجنرالين كليمنت توماس وليكونتصورة لإحدى المتاريس التي نظّمها جنود كومونة باريسصورة لإحدى المتاريس بالعاصمة باريسصورة تجسد اجتماع المستشار الألماني بسمارك والإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث عقب وقوع الأخير في الأسر بسيدانصورة فوتوغرافية لعدد من الأطفال الفقراء بباريس منتصف ستينيات القرن التاسع عشر

وفي الأثناء، شهدت باريس أعمال عنف واحتجاجات ومع تواصل الأزمة فضّل أدولف تيير سحب الجيش الفرنسي من العاصمة استعدادا لغزوها عسكريا واستعادتها مرة ثانية، حيث لجأ المسؤول الفرنسي لهذا الخيار بسبب عدم ثقته في ولاء الجيش للحكومة.

وتزامنا مع تخلي الحكومة عنها، وقعت باريس في قبضة مجموعة من المناضلين اليعاقبة (Jacobins) الجدد والفوضويين والاشتراكيين الذين اتخذوا من قصر البلدية مقرا لاجتماعاتهم ونظموا انتخابات محلية يوم 26 من شهر آذار/مارس سنة 1871 قبل أن يعلنوا بعدها بيومين عن نشأة كومونة باريس (Paris Commune) تشبها بكومونة باريس الثورية التي ظهرت سنة 1792 وأطاحت بالملك لويس السادس عشر أيام الثورة الفرنسية.

وعقب توقيعه على اتفاقية السلام مع امبراطورية #ألمانيا، حديثة النشأة، يوم 18 من شهر أيار/مايو من نفس السنة، حصل تيير على 60 ألف جندي إضافي، كانوا أسرى سابقين لدى الألمان خلال الحرب الفرنسية البروسية، فما كان منه إلا أن كوّن جيشا من 130 ألف عسكري، كان من ضمنه الأسرى السابقون، أرسله لاستعادة العاصمة.

ومرة ثانية، وجدت العاصمة نفسها محاصرة حيث فرض الجيش الفرنسي حصارا خانقا على باريس قبل أن يباشر بعملية اجتياحها يوم 21 من شهر أيار/مايو سنة 1871.

وفي الأثناء، استمرت المعارك إلى حدود يوم 28 من نفس الشهر، حيث أجبر الجيش الفرنسي على خوض معارك في شوارع باريس ضد قوات الكومونة، الملقبين أيضا بالفدراليين، الذين شيدوا متاريس (Barricade) في مختلف أرجائها.

وأسفرت عملية إنهاء ثورة كومونة باريس واستعادة السيطرة على العاصمة عن مقتل ما لا يقل عن 20 ألف شخص، واعتقال 30 ألفا آخرين فضلا عن ذلك تعرضت العديد من معالم باريس التاريخية كقصر التويليري (Tuileries Palace) وقصر أورساي (Orsay palace) والقصر الملكي إلى خراب واسع.

بعدها بسنوات، تركت ثورة كومونة باريس أثرها على العديد من الموسيقيين والأدباء والمفكرين والمنظرين، لعل أبرزهم كارل ماركس (Karl Marx) والذي وصفها بالمثال الحي لدكتاتورية البروليتاريا.

 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:38
الظهر 12:38
العصر 04:17
المغرب 07:12
العشاء 08:39