إستئصال رحم الفتيات الفلسطينيات المعاقات عقلياً ... جريمة تحارب بجريمة أم إخلع الضرس واخلع وجعه!؟
إستئصال رحم الفتيات الفلسطينيات المعاقات عقلياً ... جريمة تحارب بجريمة أم إخلع الضرس واخلع وجعه!؟

الثلاثاء | 30/04/2013 - 02:47 مساءً

 تحقيق الصحفية : رحمة خالد

الماء لا يحارب بالماء والنار المشتعلة لا تطفئها نارٌ أخرى تضاهيها الحرارة واللهب ، فإذا أمسكنا بزمام عجلة الزمن وأوقفناها في زماننا سنرى أن الجريمة تحارب بجريمة والصمت بات سيد الموقف ، وإذا ما فتحت ثلاجة العقول ستجد أنَ الحلول تعفنت كما يتعفن الخبز  فستغضب والكلمات ستغضب أيضاً، وعسى ألَا تكون غاضبة رحمة في أستاذ اللغة العربية الذي علمنا لا تكتب وأنت غضبان ، لكن المعذرة أستاذنا الفاضل فأنا أكتب وأنا في قمة  الغضب والألم والحسرة على الفتيات المعاقات في مجتمعنا واللواتي تستأصل أرحامهن .

وإذا ما سألت عن السبب ستلقى أن العذر أقبح من ذنبٍ والمبرر غوغائيٌ وتعالج الجريمة بجريمة، فقد تكون الأيام قاسية جداً والواقع متعبٌ جداً وجهل البعض ومرضهم وشذوذهم خطير لكن غياب البصيرة والحكمة أخطر من ذلك.

فيستأصل رحم الفتيات المعاقات كي تمنع عملية الحمل والإنجاب في حال الاعتداء الجنسي عليهن، فما ذنبهن في دفع ثمن تفكير وشذوذ وحوش مجتمعهن ؟؟ ومن المسؤول في إخضاعهن لعملية جراحية غير مضمونة الأعراض تودي بهن لحافة الهاوية، وتفتح آفاق الجريمة ؟؟؟.

 

مبررات غوغائية

 

" استئصال الرحم لا يعني استئصال الإحساس الجنسي من الفتاة المعاقة، حيث يتم استئصال جسم الرحم والإبقاء على عنقه والمبايض حيث يتم تعطيل الحمل والإنجاب في حال تعرضها لإعتداء جنسي .

هذا ما قاله الدكتور فتحي عودة  المختص بإجراء عمليات  استئصال الرحم في مستشفى رفيديا الحكومي في نابلس، وأشار إلى أنه من 4 لـ 5  حالات تجرى لها العملية سنوياً .

وتذكر أخصائية النساء نسرين مرجان" عملية الاستئصال تخلص الفتيات المعاقات من آلام الطمث وتجنبهن الحمل وقد جاءت متوافقة مع اللا إدراك الموجود لدى اولئك الفتيات "، ويجمَل حقوقيين البشاعة بمسمى الحفاظ على طفولة الطفلة المعاقة ، حيث تصف مريم كنعان الناشطة في جمعية  حقوق الطفل المعاق في سلفيت تلك العملية فتقول " استئصال رحم الفتاة المعاقة هو الحل الأمثل للحفاظ على طفولتها حيث هي لا تعد قادرة على استيعاب الحمل والإنجاب ولا حتى القدرة على التعامل مع هذه الوضعية".

وتشير أخصائية النساء في المستشفى العربي التخصصي غصون بدران إلى الأعراض الناجمة عن عملية استئصال الرحم فتقول "هناك أعراض عديدة ناجمة عن الإستئصال منها التهاب في الجرح والتصاقات وإغلاق الأمعاء " ، وتتابع " الاستئصال ليس حلاً مجدياً ، حيث النزعة تظل موجودة في الفتاة المعاقة وتصبح عرضة للاعتداء دون أن يعلم أحد وبذلك لا تلغى فكرة الاعتداء بل تسهل أكثر من السابق ."

أمَا عنان المصري وكيل وزارة الصحة ينفي الموافقة على مثل هذه العمليات الجراحية فيقول "لم نصرح بأي موافقة على مثل هذه العمليات وسيتم ملاحقة كل من يجريها دون إذنٍ رسمي من الوزارة". .

فتلك المبررات لا تنم إلاَ عن العجز الكبير في حماية الفتيات المعاقات ، وغياب الرقيب وضعف الجمعيات الحقوقية في آداء الدور المخولة به في المجتمع ، وأيضاً غياب للمسؤولية حيث تتم العمليات دون أن تلقى اليد الرادعة لها , وكل جهة اكتفت بإلقاء اللوم على الأخرى .

 

الإستئصال ملاذهم

أجهشت بالبكاء عندما سألناها عن ابنتها البكر والتي تعاني من إعاقة كاملة حيث تم استئصال رحمها ، فتقول رحاب 45 عاما من أحدى قرى جنين  "قمنا بإجراء عملية الاستئصال لابنتي عبير قبل أربع سنوات ، وكان ذلك بإلحاح من أقرباء زوجي حيث كانت تخرج كثيراً من البيت دون علمنا وخفنا أن تلتقطها أحد النفوس المريضة وتصبح أماً وهي لا تدرك الأشياء . "

وتقول أم أسامة التي أصابها الهلع جراء خروج ابنتها ذات الأربعة عشر ربيعا، و"المعاقة" من البيت " خرجت أبحث عن ابنتي كالمجنونة، والأفكار السوداء تملأ رأسي، وكانت أكبر مخاوفي، أن تتعرض ابنتي التي لا تدرك تصرفاتها، إلى الاختطاف أو الاغتصاب".
حملة بحث شارك فيها أهل الفتاة وجيرانها، استمرت نحو ست ساعات، قادت عائلة أم أسامة إلى اكتشاف مكان وجود الفتاة التي كانت تلعب بالرمل في متنزه يبعد حوالي 5 كيلومترات عن بيتها. كان الإجراء الأول، الذي أقدمت عليه أم أسامة وزوجها، الذهاب بابنتهما إلى الطبيب، للتأكد من أنها لم تتعرض لأي اعتداء ثم عادت إلى بيتها، وأخذت تفكر بإجراء عملية إزالة رحم لفتاتها، كي تضمن عدم حدوث حمل لديها، إذا ما تعرضت للاغتصاب.

 وتقول أم أسامة إنَ الأطباء شخصوا حالة ابنتها على أنها تخلف عقلي شديد ، وهذا ما يزيد من أعبائها كأم تجاه هذه الفتاة، التي تشدد على إبقائها تحت نظرها، غير أن الاعتناء ببقية الأبناء وشؤون المنزل تزيد من صعوبة المهمة على الأم، في حين لا تسمح ظروف العائلة المادية بإحضار ممرضة خاصة للطفلة.

 أمَا أم سناء تركت لي نصف الجواب في حنجرة ابنتها سناء البالغة من العمر خمسة عشر عاماً فتقول والكلمات تخرج منها ذبذبات " ترددنا كثيراً قبل إجراء الإستئصال لسناء لكن بعد أن فكرنا بها وجدنا أن بعض من الآلام أهون علينا من أن يتعرض بها أي شخص ويلتصق بنا العار والفضيحة " ، وتابعت " بعد إجراء العملية تعرضت ابنتي لالتصاق في الأمعاء استمر بأسبوعين وتم فصلها بعملية أخرى " .

الحلول كثيرة أمام الأهل لحماية بناتهم فقليل من الشعور بالمسؤولية والإهتمام أفضل من الملاذ لعمليات جراحية ، إلاَ أن الأهل اتخذوا من المقولة التي تقول "إخلع الضرس واخلع وجعه " حكمة !!

وعند سؤالنا مصطفى 40 عاماً من سلفيت عن السبب الذي دفع بهم لإخضاع ابنته الوسطى لعملية استئصال الرحم أجاب وعيناه بحرٌ الخوف فيه مضطربٌ " أشغال الحياة تجبرنا في كثير من الأحيان ترك الأولاد لوحدهم في المنزل وحتى لا يصيب ابنتي كما صاب غيرها احتطنا بهذه العملية ، ونحن غير قادرين على جعل ابنتنا طيلة اليوم أمام أعيننا فهي كباقي الأطفال بحاجة للعب والمحيط  غالباً يستغل صمت هذه الفئة لتكون ضحية شهواته " .

المجتمع بهذه الخطوة لا يخلق حلاً لمشكلة بل يخلق مشكلة أخرى بأمَ عينها ، فيعدَ الإستئصال هروباً من فضيحة تحدث مرتين مرة باغتصاب الفتاة ومرة أخرى بعدم معاقبة المعتدي عليها ، فيجب حمايتها بمعاقبة المعتدين ومثولهم أمام القضاء .

ومن الجدير ذكره أن قانون العقوبات في فلسطين يحكم على المعتدي جنسياً بالزواج بالفتاة إذا أصبحت حاملاً لمدة ثلاثة شهور ،  لكن في هذه الحالة يصعب الزواج بالفتاة المعاقة أو البقاء معها فيتم الحكم على المعتدي بسنوات من السجن مع الأشغال الشاقة .

 

"لا يوجد مسؤولية طبية!! والقانون غير مسؤول عن حمايتهم" !! 

تلك الكلمات كانت عالقة في صراخ إحدى السيدات والتي تردى وضع ابنتها الصحي  بعد أن خضعت لإستئصال الرحم فتذكر أم محمد من إحدى قرى  محافظة جنين والصراخ والنحيب قد اختلطا بكلامها  "أصبح وضع ابنتي الصحي سيءٌ جداً حيث أجرينا لها العملية بعد أن أغتصبها ابن أخيها البالغ من العمر 22 عاماً وهي تكبره بخمس سنوات وبحمد الله لم تحمل منه ، ولذلك قمنا بإجراء هذه العملية كي لا تحمل في حال تعرضت للإعتداء مرة أخرى " في حين تم طبطبة الموضوع على الفاعل.

 

 الجريمة والقانون

 "استئصال الرحم لا يمنع تخوف المواطنين من الإغتصاب على الفتاة المعاقة ، بل هو منع للفضيحة والاستمرار في الاعتداء عليها دون إظهار أي دليل على هوية المجرم ."

هذا ما أشارت إليه سحر القواسمي عضو المجلس التشريعي في حديثها لبرنامج حديث الوطن عبر شبكة معاً الإذاعية .

وطالبت القواسمي تعزيز الإهتمام بمثل هذه القضية وعدم تبسيطها لأنها جريمة يجب توجيه الأنظار إليها من قبل الجهات المسؤولة والمختصة ،وتوعية الأهل والمراكز المجتمعية حول برنامج حماية الطفل المعاق باعتباره جزء مهم من المجتمع وحمايته هي أساس التحضر واحترام القيم الإنسانية والكرامة البشرية.

ويقول المحامي زكريَا علي  "من غير المنطقي إجراء استئصال الرحم للفتاة المعاقة، خوفا من افتراض تعرضها للعنف الجنسي، وبالتالي حملها، ما يعني التراخي عن حمايتها"، ويعتبر ذلك من عوامل خطورة التعرض لهذا العنف، كونه سيتركها عرضة للأمراض الجنسية المعدية، بما فيها الإيدز، والمعاناة النفسية التي ستعاني منها أيضا، وإن كانت معاقة.
ويشدَد على أنَ حماية كافة الأطفال من العنف، بمن فيهن الفتيات المراهقات، وإن كن معاقات، هي مسؤولية اجتماعية مشتركة، ما بين والدي الطفل والدولة.

ويبين أنَ الحكومة ملزمة بحماية كافة الأطفال من جميع أشكال العنف، إذ تنص المادة (19) من اتفاقية حقوق الطفل على أن" تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة، لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية والإهمال، أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال، بما في ذلك الإساءة الجنسية."

 فقد نصت القوانين على حماية الطفل بشكل عام والمعاق بشكل خاص، إلاَ أنَ المجتمع يتنصل من تلك المسؤولية ضارباً بالتدابير عرض الحائط متوجهاً للحل المأساوي الذي ما هو إلاَ بمشكلة تدق ناقوس التنمية والبناء داخل المجتمع وتدعو للجريمة .

حيث نصت المادة 23من القانون أن تتخذ جميع الدول التدابير التشريعية والتنفيذية والقضائية لحماية الطفل وتوفير احتياجاته وتأمين الحماية والأمان له ، أما المادة 16 فقد جاءت خصيصاً لحماية الطفل المعاق وأخذ التدابير اللازمة لتوفير الحياة الكريمة له ومنع الإعتداء عليه بكل أشكاله وأهمها الاعتداء الجنسي .

 

 أرقام الجريمة بالتزايد !!

يذكر الطبيب محمد برجيت وهو اختصاصي في علم النفس" خمسون عائلة  تنتظر استئصال أرحام الفتيات المعاقات ، حيث توصلنا لهذا الرقم في مناقشةٍ حول حقوق الطفلة المعاقة والتي أجريت في جامعة القدس المفتوحة."

ويحمل برجيت المسؤولية لرجال الدين والمستشفيات الحكومية فيقول " الكل مسؤول عن حدوث هذه الجريمة البشعة وعلى رأسهم المستشفيات الحكومية التي سنحت الفرصة للأهل بالإقدام على مثل هذه العملية دون أي تردد، ورجال الدين تقع على عاتقهم المسؤولية أيضاً حيث قام العديد من المشايخ في شمال الضفة الغربية ووسطها بتشجيع هذه الخطوة وجعلها الحل الأمثل لدى الكثير من العائلات الفلسطينية ."

وتتقارب نسبة الجريمة داخل المستشفيات الحكومية حيث حيث تتراوح عدد الحالات سنوياً من 4 ل7 حالات.

وحسب دراسة حول العنف الأسري والعنف ضد الفتيات المعاقات في قطاع غزة , وصلت نسبة الاعتداء الجنسي على المعاقات ل56% ، فهذه الأرقام ليست النهاية بل هي بداية العديد من الأرقام في ظل استمرار المستشفيات الحكومية بإجراء عمليات الاستئصال، والتي تجعل من الاعتداء تصريحاً مفتوحاً وتترك الفتيات المعاقات مرتعاً للنفوس المريضة .

وحول الفتوى الشرعية لاستئصال الرحم يقول رمضان شتات أستاذ العلوم الشرعية والإسلامية والموظف في دائرة الأوقاف  "لا يوجد فتوى شرعية مطلقة تجيز مثل هذه الجراحات لأنها اعتداء صريح على عضو حي من أعضاء الجسم ، وقد تم سماحها لمرةٍ واحدة حيث كانت الحالة خاصة واضطرارية وتمت الموافقة عليها من قبل مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين ."

ويضيف شتات" لا يجوز إزالة الرحم بحجة حماية المعاقة عقليا من الحمل الناتج عن الاغتصاب و من الأولى توفير العناية والرقابة للمعاقات، ومن ضمنها صيانة وحماية عرضها الذي  يعتبر صيانته فرضاً شرعياً حيث  يشترك في تنفيذه الاهل والمجتمع من مؤسسات حكومية ومدنية. "
ويصف المؤيدين لإجراء هذه العملية بأنهم" ليسوا عقلاء"، مؤكداً أنه لا يوجد هدف طبي لإزالة الرحم والهدف الوحيد لإزالته هو "فتح باب الرذيلة والزنا.
وأوضح شتات أنه يقصد بذلك، أنَ الأهالي عندما يرحبون بإزالة أرحام بناتهم المعاقات، وكأنهم موافقون على أن تتعرض للتحرشات والاغتصاب وهمهم الوحيد هو عدم حدوث الحمل.

 استئصال رحم الفتيات المعاقات هو جريمة لا تغتفر وتبريرها ما هو إلاَ تسطيحٌ للأمور وصرفها عن واقعها الفعلي ، ومع استمرار المستشفيات الحكومية في إجراء تلك العملية وغياب المحاسبة الرادعة وجهل الأهل وعدم الأخذ بالفتاوى الشرعية ، تبقى حروف السؤال نفسه الذي لا زال يسأل من المسؤول ؟؟ تضبط نفسها بأدق إيقاع من التكوين السرمدي كي تصل لمسامع أولي الألباب، وتبعد نفسها عن ثقافة الهوس الظني التي أصبحت ثقافة سائدة في مجتمعنا .

فالسؤال لا زال يطرح نفسه من المسؤول ؟ والجواب ملقىً عرض الحائط، لتُفتح آفاق جرائم أخرى وتُجعل الفتاة المعاقة مشاعاً لكل من تسول له نفسه، فهو على يقين أنَ الأرض بورٌ لن تثمر وتلك الفتاة دون رحم فلن تنجب .

 

 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:39
الظهر 12:39
العصر 04:17
المغرب 07:11
العشاء 08:38