يوم تمرد أفارقة على العبودية وغيروا التاريخ
يوم تمرد أفارقة على العبودية وغيروا التاريخ

الجمعة | 30/08/2019 - 09:01 صباحاً

ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، أجبر نحو 12 مليون أفريقي على عبور المحيط الأطلسي واقتيدوا كعبيد تم بيعهم بأسواق القارة الأميركية بهدف استغلالهم لإنجاز المهام الشاقة بالحقول والمناجم والمنازل.

ومن ضمن هذا العدد الهائل من الأفارقة الذين سلبت منهم حرّيتهم، فارق ما لا يقل عن 1.5 مليون أفريقي الحياة قبل بلوغهم اليابسة بسبب ظروف نقلهم القاسية والصعبة على متن السفن الأوروبية.

 

صورة لعدد من الأفارقة الذين اقتادهم الأوروبيون نحو القارة الأميركية لبيعهم كعبيد

في الفترة بين شهري شباط/فبراير وآذار/مارس 1839، وجد عدد الأفارقة الذين جيء بهم من وسط سيراليون أنفسهم بمعسكر لومبوكو (Lomboko) التابع لتاجر العبيد الإسباني بيدرو بلانكو (Pedro Blanco).

وعلى حسب مصادر تلك الفترة، حصل هؤلاء التجار الأوروبيون على فرائسهم من العبيد الأفارقة إما عن طريق خطفهم من قراهم، أو من أسواق العبيد الأفريقية المحلية التي كانت تعج بأسرى الحرب، أو عن طريق مقايضات مع عدد من الملوك الأفريقيين.

صورة لعدد من العبيد الأفارقة خلال نقلهم للقارة الأميركية

عند حلولهم بمعسكر لومبوكو، جرّد العبيد الذي جيء بهم من السيراليون من ثيابهم، وأخضعوا لفحوص طبية بغية التأكد من سلامة أجسادهم وقدرتهم على تحمل مشقات العمل.

وبعد أسابيع من الانتظار، أجبر هؤلاء ومعهم مئات من الأفارقة الآخرين على ركوب سفينة تيكورا (Tecora) البرتغالية التي قادتهم نحو كوبا.
أثناء الرحلة، كبّلت أيادي وأرجل هؤلاء الأفارقة بالسلاسل، وربطت الحبال حول رقابهم، كما أجبروا على النوم متلاصقين بأماكن ضيقة بالسفينة، وقدّمت إليها وجبات غذائية هزيلة لا تكاد تسد رمقهم وتحمّلوا أيضا ويلات العطش.

لوحة تجسد عملية القاء الأوروبيون لعدد من الأفارقة بعرض البحر

إضافة لذلك، تعرض العبيد الأفارقة للضرب المبرح لأتفه الأسباب، كما لم يتردد البحارة الأوروبيون في قذف جثثهم بالبحر في حال وفاتهم بسبب ظروف السفر الشاقة.

في هافانا التي كانت حينها مستعمرة إسبانية، اشترى الإسباني جوزيه رويز (José Ruiz) 49 من هؤلاء الأفارقة، بينما حصل مواطنه بيدرو مونتيس (Pedro Montes) على 4 أطفال وقد اتجه الرجلان الإسبانيان لاصطحاب هؤلاء الأفارقة على متن السفينة لا أميستاد (La Amistad) لإجبارهم على العمل بمزارع القطن والسكر بمنطقة كاماغواي (Camagüey) القريبة.

رسم تخيلي لجوزيف سانكي الذي قيل أنه تزعّم ثورة العبيد على سفينة لا أميستاد

في الأثناء، استغل رويز ومونتيس عتمة الظلام ليغادرا اليابسة باتجاه كاماغواي، لتجنب الوقوع في قبضة دوريات البحرية البريطانية التي عمدت لتفتيش السفن بهدف مراقبة تنفيذ اتفاقية حظر تجارة العبيد.

رسم تخيلي يجسد ثورة عدد من الأفارقة بإحدى سفن العبيد

ومع تواصل المعاملة القاسية التي تعرضوا إليها، ثار العبيد الأفارقة بالسفينة يوم 2 تموز/يوليو 1839 على الرغم من تنوع واختلاف أعراقهم، قتلوا اثنين من طاقمها وأسروا أربعة آخرين كان من ضمنهم جوزيه رويز وبيدرو مونتيس، وبدل التوجه لكاماغواي طالب الأفارقة آسريهم بتغيير اتجاه السفينة والعودة لسيراليون بأفريقيا.

رسم تخيلي لثورة الأفارقة بسفينة لا أميستاد

في الأثناء، استغل الإسبانيان رويز ومونتيس جهل الأفارقة بالملاحة بهذه المناطق ليقتربا من السواحل الأميركية، وهناك لاحظت البحرية الأميركية وجود سفينة تكون طاقمها من الأفارقة، فباشرت بمحاصرتها وحررت رويز ومونتيس واعتقلت البقية قبل أن تقتادهم نحو ولاية كونيتيكت (Connecticut) التي حافظت خلافا لنيويورك على قوانينها المساندة للعبودية.

صورة للرئيس الأميركي جون كونسي أدامز

وبينما تخاصم أنصار العبودية من الأميركيين والإسبان على ملكية السفينة وحمولتها، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع حالة تخبط حول مصير الأفارقة الذين مثلوا أمام إحدى محاكم كونيتيكت.

ومع مطالبة رويز ومونتيس باستعادة العبيد، اتجهت السلطات الأميركية والإسبانية لإعادتهم لكوبا حيث كانوا سيواجهون الإعدام بسبب تمردهم.

وبفضل جهود الرئيس الأميركي السابق جون كوينسي آدامز (John Quincy Adams) وعدد من مناهضي العبودية، أقرت المحكمة العليا للولايات المتحدة خلال شهر آذار/مارس 1841 بعدم شرعية عملية نقل هؤلاء الأفارقة من موطنهم لكوبا لتأمر بتحريرهم على الفور.

في الأثناء، لم تحرك السلطات الأميركية ساكنا لمساعدة ما تبقى من الأفارقة المحررين، والمقدر عددهم بنحو 35 شخصا.

خريطة تجسد أدفاق نقل العبيد الأفارقة نحو القارة الأميركية

وبدلا من ذلك، جمع عدد من فاعلي الخير تبرعات نظّموا بفضلها رحلة عودة هؤلاء الأفارقة لموطنهم.

جاءت حادثة السفينة "لا أميستاد" والعبيد المحررين في وقت حساس من تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي كانت على بعد 20 عاما فقط من الحرب الأهلية، فهزت الرأي العام الأميركي وقدّمت شحنة معنوية لمناهضي العبودية والمطالبين بإجهاضها.

إقرأ أيضاً

  • كيف انعكس تنوع الخيارات على المعاملات العقارية بالسعودية؟
  • فضائح الفساد في العراق.. متنفذون يبيعون مناصب بالدولة
  • السعودية.. 392 مليار ريال صادرات نفطية بالنصف الأول
  • ما بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، أجبر نحو 12 مليون أفريقي على عبور المحيط الأطلسي واقتيدوا كعبيد تم بيعهم بأسواق القارة الأميركية بهدف استغلالهم لإنجاز المهام الشاقة بالحقول والمناجم والمنازل.

    ومن ضمن هذا العدد الهائل من الأفارقة الذين سلبت منهم حرّيتهم، فارق ما لا يقل عن 1.5 مليون أفريقي الحياة قبل بلوغهم اليابسة بسبب ظروف نقلهم القاسية والصعبة على متن السفن الأوروبية.

     

    صورة لعدد من الأفارقة الذين اقتادهم الأوروبيون نحو القارة الأميركية لبيعهم كعبيد

    في الفترة بين شهري شباط/فبراير وآذار/مارس 1839، وجد عدد الأفارقة الذين جيء بهم من وسط سيراليون أنفسهم بمعسكر لومبوكو (Lomboko) التابع لتاجر العبيد الإسباني بيدرو بلانكو (Pedro Blanco).

    وعلى حسب مصادر تلك الفترة، حصل هؤلاء التجار الأوروبيون على فرائسهم من العبيد الأفارقة إما عن طريق خطفهم من قراهم، أو من أسواق العبيد الأفريقية المحلية التي كانت تعج بأسرى الحرب، أو عن طريق مقايضات مع عدد من الملوك الأفريقيين.

    صورة لعدد من العبيد الأفارقة خلال نقلهم للقارة الأميركية

    عند حلولهم بمعسكر لومبوكو، جرّد العبيد الذي جيء بهم من السيراليون من ثيابهم، وأخضعوا لفحوص طبية بغية التأكد من سلامة أجسادهم وقدرتهم على تحمل مشقات العمل.

    وبعد أسابيع من الانتظار، أجبر هؤلاء ومعهم مئات من الأفارقة الآخرين على ركوب سفينة تيكورا (Tecora) البرتغالية التي قادتهم نحو كوبا.
    أثناء الرحلة، كبّلت أيادي وأرجل هؤلاء الأفارقة بالسلاسل، وربطت الحبال حول رقابهم، كما أجبروا على النوم متلاصقين بأماكن ضيقة بالسفينة، وقدّمت إليها وجبات غذائية هزيلة لا تكاد تسد رمقهم وتحمّلوا أيضا ويلات العطش.

    لوحة تجسد عملية القاء الأوروبيون لعدد من الأفارقة بعرض البحر

    إضافة لذلك، تعرض العبيد الأفارقة للضرب المبرح لأتفه الأسباب، كما لم يتردد البحارة الأوروبيون في قذف جثثهم بالبحر في حال وفاتهم بسبب ظروف السفر الشاقة.

    في هافانا التي كانت حينها مستعمرة إسبانية، اشترى الإسباني جوزيه رويز (José Ruiz) 49 من هؤلاء الأفارقة، بينما حصل مواطنه بيدرو مونتيس (Pedro Montes) على 4 أطفال وقد اتجه الرجلان الإسبانيان لاصطحاب هؤلاء الأفارقة على متن السفينة لا أميستاد (La Amistad) لإجبارهم على العمل بمزارع القطن والسكر بمنطقة كاماغواي (Camagüey) القريبة.

    رسم تخيلي لجوزيف سانكي الذي قيل أنه تزعّم ثورة العبيد على سفينة لا أميستاد

    في الأثناء، استغل رويز ومونتيس عتمة الظلام ليغادرا اليابسة باتجاه كاماغواي، لتجنب الوقوع في قبضة دوريات البحرية البريطانية التي عمدت لتفتيش السفن بهدف مراقبة تنفيذ اتفاقية حظر تجارة العبيد.

    رسم تخيلي يجسد ثورة عدد من الأفارقة بإحدى سفن العبيد

    ومع تواصل المعاملة القاسية التي تعرضوا إليها، ثار العبيد الأفارقة بالسفينة يوم 2 تموز/يوليو 1839 على الرغم من تنوع واختلاف أعراقهم، قتلوا اثنين من طاقمها وأسروا أربعة آخرين كان من ضمنهم جوزيه رويز وبيدرو مونتيس، وبدل التوجه لكاماغواي طالب الأفارقة آسريهم بتغيير اتجاه السفينة والعودة لسيراليون بأفريقيا.

    رسم تخيلي لثورة الأفارقة بسفينة لا أميستاد

    في الأثناء، استغل الإسبانيان رويز ومونتيس جهل الأفارقة بالملاحة بهذه المناطق ليقتربا من السواحل الأميركية، وهناك لاحظت البحرية الأميركية وجود سفينة تكون طاقمها من الأفارقة، فباشرت بمحاصرتها وحررت رويز ومونتيس واعتقلت البقية قبل أن تقتادهم نحو ولاية كونيتيكت (Connecticut) التي حافظت خلافا لنيويورك على قوانينها المساندة للعبودية.

    صورة للرئيس الأميركي جون كونسي أدامز

    وبينما تخاصم أنصار العبودية من الأميركيين والإسبان على ملكية السفينة وحمولتها، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع حالة تخبط حول مصير الأفارقة الذين مثلوا أمام إحدى محاكم كونيتيكت.

    ومع مطالبة رويز ومونتيس باستعادة العبيد، اتجهت السلطات الأميركية والإسبانية لإعادتهم لكوبا حيث كانوا سيواجهون الإعدام بسبب تمردهم.

    وبفضل جهود الرئيس الأميركي السابق جون كوينسي آدامز (John Quincy Adams) وعدد من مناهضي العبودية، أقرت المحكمة العليا للولايات المتحدة خلال شهر آذار/مارس 1841 بعدم شرعية عملية نقل هؤلاء الأفارقة من موطنهم لكوبا لتأمر بتحريرهم على الفور.

    في الأثناء، لم تحرك السلطات الأميركية ساكنا لمساعدة ما تبقى من الأفارقة المحررين، والمقدر عددهم بنحو 35 شخصا.

    خريطة تجسد أدفاق نقل العبيد الأفارقة نحو القارة الأميركية

    وبدلا من ذلك، جمع عدد من فاعلي الخير تبرعات نظّموا بفضلها رحلة عودة هؤلاء الأفارقة لموطنهم.

    جاءت حادثة السفينة "لا أميستاد" والعبيد المحررين في وقت حساس من تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي كانت على بعد 20 عاما فقط من الحرب الأهلية، فهزت الرأي العام الأميركي وقدّمت شحنة معنوية لمناهضي العبودية والمطالبين بإجهاضها.

  •  



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:31
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:16
العشاء 08:44