اكتشاف قبل 400 عام أنقذ البشر وساهم في فهم الحياة
اكتشاف قبل 400 عام أنقذ البشر وساهم في فهم الحياة

الجمعة | 19/06/2020 - 01:16 مساءً

يصنف روبرت هوك (Robert Hooke) كإحدى أهم الشخصيات بالأوساط العلمية الإنجليزية، حيث يضاهي هذا العالم الموسوعي نظيره الإيطالي ليوناردو دا فينشي الذي أذهل الجميع بابتكاراته ما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر. وقد ولد هذا الفيلسوف الطبيعي والمعماري يوم 28 تموز/يوليو 1635 بجزيرة وايت (Isle of Wight) ونال أثناء مسيرته منصب أمين تجارب الجمعية الملكية وأصبح أستاذ هندسة بكلية غريشام (Gresham) وعمل بمجال مسح الأراضي عقب حريق لندن عام 1666 وساهم في وضع جانب من أسس العاصمة.

وأثناء طفولته، عانى روبرت هوك من مشاكل عديدة، حيث قضى الأخير فترات طويلة طريح الفراش بسبب المرض. وعلى الرغم من ذلك، لم يمنع المرض روبرت هوك من تطوير قدراته العقلية فقد أبدى الأخير شغفا كبيرا بالأعمال الميكانيكية والعلوم فكان دقيق الملاحظة واستخدم مخيلته لتقديم العديد من الرسوم التي وصفها والده بالرسوم السابقة لعصرها والنابعة عن عقل إنسان عبقري.

رسم لروبرت هوك يجسد قملةرسم لروبرت هوك يجسد قملة

في الثالثة عشرة من عمره، خسر روبرت هوك والده الذي توفي تاركا له ثروة تعادل 40 جنيها. وقد التحق "دا فينشي إنجلترا" بمعهد وستمنستر (Westminster) بلندن وبرع في مجال الميكانيكا والرياضيات واللغات، وعند بلوغه الثامنة عشرة انضم روبرت هوك لكلية كنيسة المسيح بجامعة أوكسفورد واتجه للتركيز أكثر على العلوم. من جهة ثانية، عمل روبرت هوك على بناء تلسكوبات لإشباع رغبته في مشاهدة كوكبي المشتري والمريخ. ومع زيادة اهتمامه بعلوم الأحياء والتطور، قرر هوك دراسة الأحافير وتمكن من ابتكار مجهر فريد من نوعه.

في الأثناء، كانت عملية اكتشاف الخلية مستحيلة لولا تطور المجهر، فمع تزايد شغفه بالعالم المجهري عمد روبرت هوك عام 1665 لتطوير تركيبة المجهر الذي كان معروفا حينها. وقد امتلك مجهر هوك ثلاث عدسات ومصدر إضاءة لتوضيح وتكبير العينات. إلى ذلك، شاهد دا فينشي إنجلترا شيئا مذهلا وعالما آخر دقيقا عندما وضع قطعة من لحاء شجر الفلين تحت المجهر فحدّث من خلال كتابه ميكروغرافيا (Micrographia) عن تكون ما شاهده من مجموعة كبيرة من المسام الصغيرة المتلاصقة. وأطلق روبرت هوك على هذه المسام اسم خلية (Cell) نسبة للغرف الصغيرة التي احتوت عليها الكنيسة وسميت Cella باللاتينية. وبكتابه، تحدّث هوك عن اكتشاف جديد فريد من نوعه وغير مسبوق في عالم الأحياء مؤكدا عدم وجود وصف لهذه الخلايا بكل الكتب التي قرأها طيلة حياته.

صورة للعالم الألماني رودولف فيرخوفصورة للعالم الألماني رودولف فيرخوف

صورة للعالم الألماني ثيودور شوانصورة للعالم الألماني ثيودور شوان

وبعد نحو 10 سنوات من إنجاز روبرت هوك، تمكن الهولندي المختص في صناعة وتطوير المجهر فان ليفنهوك (Van Leeuwenhoek) من ملاحظة وجود كائنات دقيقة كالأوليات والبكتيريا كما صنّف كأول إنسان شاهد الحيوانات المنوية عن طريق المجهر.

خلال القرن التاسع عشر، اتجه العلماء لدراسة الخلايا الحيوانية والنباتية بهدف بلورة نظرية الخلية. وقد نجح كثيرون في إثبات هذه النظرية بالنسبة للنباتات بسبب امتلاك خلاياها لجدار خلوي وافتقار الخلايا الحيوانية لهذا المكون. ولهذا السبب آمن عدد من العلماء حينها، بشكل خاطئ، بتكون الحيوانات من مجموعة من الكريات.

من جهة أخرى، أجرى العالمان الألمانيان ثيودور شوان (Theodore Schwann) وماتياس شلايدن (Mattias Schleiden) دراسات معمقة حول الخلايا النباتية والحيوانية فأثبتا الفوارق بين الخليتين وأكدا على دور الخلايا كوحدة أساسية في تكوين الحيوانات والنباتات. وعام 1855، أضاف العالم الألماني رودولف فيرخوف (Rudolf Virchow) قطعة جديدة لأحجية نظرية الخلية مؤكدا على ظهور الخلايا انطلاقا من خلايا أخرى موجودة من قبل.

رسم تخيلي لشخصية ليوناردو دا فينشيرسم تخيلي لشخصية ليوناردو دا فينشي

وأواخر القرن التاسع عشر، اتجه العالم للحديث عن علم الوراثة الخلوي عن طريق الربط بين الخلية وعلم الوراثة فأوكلت بذلك للعالمين والتر سوتون (Walter Sutton) وثيودور بوفيري (Theodor Boveri) مهمة تحديد الكروموزوم (Chromosome). وبالقرن العشرين، حقق كل من جيمس واتسون (James Watson) وفرانسيس فريك (Francis Crick) إنجازا علميا مذهلا عقب نجاحها في الكشف عن مكونات الحمض النووي الصبغي.

طيلة المئة عام التالية، عرفت الأبحاث حول الخلية تقدما مذهلا وساهمت في تقدم العلم، حيث تمكن البشر من اكتشاف الخلايا الجذعية كما نجح عالم الأحياء الأميركي جيمس ثومبسون (James Thomson) عام 1998 في استخلاص خلايا جذعية جنينية بشرية فاتحا الطريق لعلاج العديد من الأمراض التي أرقت البشرية.

إلى ذلك، كان لاكتشاف الخلية قبل نحو 400 عام على يد روبرت هوك دور هام في تغيير مسار حياة البشر. فعن طريق ما توصّل إليه الأخير بالقرن السابع عشر، فتح دا فينشي إنجلترا الطريق للبشرية لفهم الكثير حول أسرار الحياة.



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 05:09
الظهر 12:44
العصر 04:15
المغرب 06:57
العشاء 08:20