قصة قذيفة واحدة دمرت حصناً شهيراً.. وقتلت 200
قصة قذيفة واحدة دمرت حصناً شهيراً.. وقتلت 200

الجمعة | 19/06/2020 - 02:36 مساءً

مستغلة الحروب النابليونية على الساحة الأوروبية، لم تتردد الولايات المتحدة الأميركية في إعلان الحرب على بريطانيا خلال شهر حزيران/يونيو 1812، فطيلة الأشهر السابقة، استاء الأميركيون من سلوك البريطانيين بالمنطقة حيث عمدت السفن البريطانية لفرض حصار خانق على العديد من الموانئ الأوروبية مكبدة بذلك الولايات المتحدة الأميركية خسائر اقتصادية جمة. وتنضاف لذلك قصص الخطف عند السواحل الغربية للمحيط الأطلسي.

ومع حاجتها لمزيد من القوات لمواجهة نابليون بونابرت، لم تتردد البحرية البريطانية في خطف العديد من الشبان الأميركيين بغية تجنيدهم قسرا وإجبارهم على الخدمة لصالحها.

وفي خضم هذه الحرب التي استمرت لمطلع عام 1815 وقتل وأصيب خلالها عشرات الآلاف وأحرق البيت الأبيض، عمد البريطانيون لإنشاء حصن بإحدى المناطق النائية من فلوريدا الإسبانية عسكرت بداخله العديد من فرق المشاة. وطيلة فترة الحرب، اكتظ هذا الحصن بذوي الأصول الإفريقية حيث لجأ عدد كبير من الفارين من العبودية بالولايات المتحدة الأميركية نحو هذا المكان أملا في الحصول على الحماية والحرية.

أيضا استقبل هذا الحصن البريطاني بعضا من السكان الأصليين لشمال القارة الأميركية فقد أحصي داخله أشخاص انحدروا أساسا من قبائل تشوكتاو وسيمينول.

رسم تخيلي لحادثة إحراق البيت الأبيض على يد البريطانيينرسم تخيلي لحادثة إحراق البيت الأبيض على يد البريطانيين

خلال العام 1815، اتجهت بريطانيا لإخلاء هذا الحصن الذي عرف بنيغرو فورت (Negro Fort). وقبيل مغادرتهم للمكان، ترك الجنود البريطانيون، بناء على أوامر قائدهم إدوارد نيكولز (Edward Nicolls)، كميات هائلة من الأسلحة، التي تراوحت بين البنادق والمدافع، لسكان هذا الحصن من العبيد السابقين.

ومن خلال هذا القرار، حاول إدوارد نيكولز جعل نيغرو فورت عقبة في وجه الولايات المتحدة الأميركية للاستحواذ على فلوريدا الإسبانية مستقبلا كما سعى لجعل المكان بؤرة توتر ومصدر قلق للأميركيين الذين واصلوا اعتماد نظام العبودية حينها خاصة بمزارع القطن.

لوحة تجسد دخول القوات البريطانية لواشنطن خلال حرب 1812لوحة تجسد دخول القوات البريطانية لواشنطن خلال حرب 1812

ومع رحيل البريطانيين ونهاية الحرب، تحوّل نيغرو فورت لملاذ آمن ولقّب بجنّة العبيد حيث تدفّق عليه الأميركيون المتمردون والفارون من براثن العبودية للحصول على حريتهم.

وعلى مدار أشهر، تكون بحصن نيغرو فورت مجتمع متماسك ومتقدم حيث امتلك العبيد المحررون خبرة في العديد من المجالات كانت أهمها بالزراعة.

وبفضل تسليحهم الجيد وقدرتهم على العيش بشكل مستقل، أثار العبيد بنيغرو فورت قلق العديد من الأسياد البيض ومؤيدي العبودية حيث تخوّف هؤلاء من تواصل عمليات فرار العبيد من المزارع وإمكانية اندلاع ثورة يقودها ذوو الأصول الإفريقية بالولايات المتحدة الأميركية.

صورة للجنرال البريطاني ادوارد نيكولزصورة للجنرال البريطاني ادوارد نيكولز

وأملا في إنهاء وجود نيغرو فورت، طالب الأميركيون الإسبان بهدمه. وأمام عدم حصولها على رد إيجابي فضلت الإدارة الأميركية استفزاز أهالي نيغرو فورت وجرّهم للحرب فعمدت لإنشاء حصن عرف بفورت سكوت (Fort Scott) قرب مكان تواجد العبيد المحررين. ولنقل المؤن نحو هذا الحصن الجديد، اضطر الأميركيون للمرور بنهر أبالاتشيكولا (Apalachicola River) الذي هيمن عليه سكان نيغرو فورت.

ومن خلال خطة للجنرال الأميركي إدموند غينز (Edmund P. Gaines)، أرسل الأميركيون سفينتين مدججتين بالأسلحة عبر نهر أبالاتشيكولا أملا في تخويف أهالي نيغرو فورت من غزو محتمل وإجبارهم على التحرك عسكريا.

ومع نزول عدد من رجال الجنرال إدموند غينز قرب النهر، عمد العبيد المحررون لفتح النيران تجاههم متسببين في مقتل خمسة منهم ليجد بذلك حصن نيغرو فورت، الذي رفع علم بريطانيا وعلما آخر أحمر، نفسه في حرب ضد الأميركيين يوم 27 تموز/يوليو 1816.

صورة للجنرال الأميركي إدموند غينزصورة للجنرال الأميركي إدموند غينز

صورة تجسد موقع نيغرو فورت قبالة موقع فورت غادسدنصورة تجسد موقع نيغرو فورت قبالة موقع فورت غادسدن

لوحة تجسد عددا من المقاتلين من ذوي الأصول الأفريقية بمعركة نيغرو فورتلوحة تجسد عددا من المقاتلين من ذوي الأصول الأفريقية بمعركة نيغرو فورت

ومع بداية النزاع، توقّع الجميع معركة قد تستمر لأيام وتكبُّد الأميركيين خسائر جسيمة بفضل كمية الأسلحة بنيغرو فورت. سوى أن النتيجة كانت عكس ذلك بسبب حادثة غريبة. فمع بداية المعركة، أطلق أحد المدافع الأميركية قذيفة سقطت بمخزن البارود فأسفرت عن انفجار هائل دمّر جزءا كبيرا من الحصن وقتل أكثر من 200 من العبيد الأحرار لتنتهي بذلك المعارك بشكل مبكر عن طريق قذيفة واحدة. ومع سقوط نيغرو فورت، فرّ عدد من العبيد الأحرار جنوبا بحثا عن ملاذ آمن بينما اعتقل البقية وأعيدوا مرة ثانية لحياة العبودية بعد أن أعدم قائدهم رميا بالرصاص.



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19