بير الباشا: عاصمة البامية الفلسطينية
بير الباشا: عاصمة البامية الفلسطينية

الثلاثاء | 07/10/2014 - 08:43 صباحاً

 تقرير للزميل الصحفي عبد الباسط خلف:

ورث سليمان غوادرة ( 50 سنة) عن جده طحيمر العلي تخصص زراعة محصول البامية دون غيرها منذ العام 1950. يروي، وهو يقف بجوار عربة الكارو التي ينطلق بها نحو مزرعته، ومعه جالونات للمياه: كل أهالي بير الباشا يزرعون البامية دون غيرها، ولا يكاد  بيت من بيوتها لا يشتغل بها، وفي الموسم نُعزب (نقيم) في السهل ونقضي معظم وقتنا.
ووفق غوادرة، فإن حكاية التخصص بزراعة البامية بدأت منذ نكبة العام 1948، يوم  فقد أجداده وأعضاء عائلة الغوادرة وغيرها من الحمائل أرضهم في الخضيرة ومنطقة "برديس حنا" المجاورة لحيفا، حيث هُجّروا إلى غرب جنين، وصاروا يزرعون المحصول بكثرة، بعد أن كانوا يزرعونه في أراضيهم المفقودة.

باب رزق
يقول سليمان: "البامية باب رزقنا الوحيد وعلمنا أولادنا على هالشغلة حتى أتقنوها، وصاروا يساعدونا، حيث أزرع 16 دونم كل سنة، وهناك من يزرع مثلي وأكثر مني".
وتنتشر الحقول الخضراء بأزهارها الصفراء المُحمرة بعض الشيء، حول القرية التي يسكنها قرابة 600 مواطن، وتمتد على مساحات شاسعة من سهل عرابة، ومعظمها مستأجرة من  جانب سكان بير الباشا لهذه الغاية.
بحسب المزارع الشاب محمود غوادرة، فإن لا معنى لبير الباشا بدون البامية، وهي مضرب المثل في الأنواع الجيدة من هذا المحصول.
يعود سليمان غوادرة ليشرح حكاية الموسم الطويلة، فيقول: نضمن الدونم الواحد بمئة دينار، ثم نحرث الأرض قبل المطر على "الغميق" (جرار زراعي ضخم يرتبط بمحراث كبير يدخل بعمق الأرض)، بعدها نحرثها مرة أخرى، ونُقطعها لاتلام (أثلام وسطور زراعية)، ونزرعها في شباط وآذار، ونغطيها بالنايلون، بدون أن نرويها بالماء، ونبدأ من آخر نيسان وحتى تشرين الثاني بالقطف والتعشيب، ولا نستخدم الكيماويات، ونستعمل الزبل العربي.

توارث
يروي أحمد، وهو نجل سليمان: عمري 12 سنة، وتعلمت كل شيء، وصرنا ننهض من النوم باكراً كل يوم، وتعودنا على القطف، والتعشيب والبحاشة (نقش الأرض)، وتعبئة البامية في الصناديق، ونقلها للحسبة.
يروي سليمان، الأب لسبعة أبناء: "كل واحد في البلد بيزرع على قدر استطاعته وهمة أولاده، وما بتوفي معنا نوقف عمال بالأجرة، ونبيع المحصول داخل الخط الأخضر وفي جنين ونابلس والخليل".
تتقاطع رواية سليمان ونجله والمزارع محمود بالكهل أبو علي الذي يتذكر جيدًا أن المحصول مريح ومربح. يقول: "في أيام الغلال والأسعار الجيدة بيدخل علينا موسم مليح".

طقوس
يتسع صندوق البامية لنحو 12 كيلو غرامًا، وهي بصنفين: أحمر وأخضر، ويتشرط في عملها ارتداء كفوف تجنباً لشوكها الذي يسبب الحكة، كما أن الاستيقاظ المبكر والعمل التعاوني بين أفراد الأسرة ينجح المحصول ويسهل مراحله.
يتذكر أهالي بير الباشا جيداً أبو تيسير الضميري، الكهل الذي يعد أكبر شاهد على تخصص القرية بالبامية، فهو تجاوز العقد الثامن، ويعرف كل شيء عن هذا المحصول.
يضحك سليمان غوادرة مرة أخرى، ويقول: في أول الموسم تكون البامية بالعلالي، وفي الأيام العادية نبيع الصندوق بثلاثين شيقل، ولا نطبخها كثيرًا في بيوتنا، وهناك من يجففها للشتاء أو يضعها في (الفريزر) لأيام الشتاء، لكن أشغال البامية صعبة كثيراً في شهر رمضان".

ثقافة
يروي المهندس الزراعي إبراهيم يوسف: "المحصول مهم بالنسبة لأهالي القرية، لكن الخطأ الشائع في زراعتها قلة التقيد بإتباع دورة زراعية جيدة للحفاظ على خصوبة الأرض، وثقافة المضاربة بين بعض المزارعين التي رفعت أسعار استئجار الأرض وضمانها لمبالغ عالية كثيراً  تجاوزت المئة دينار، بعد أن كانت بأربعين".
وبالإجمال، يعد محصول البامية ثقافة، يضيف يوسف، وهو طبيعي أكثر من غيره، ولا تستخدم فيه الكيماويات كل يوم مقارنه بالكوسا والخيار، ويمنح صاحبه مردوداً مادياً معقولاً، مقارنة بمزروعات أخرى.

 

منقول عن مجلة افاق البيئة والتنمية



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 05:09
الظهر 12:44
العصر 04:15
المغرب 06:57
العشاء 08:20