تُدرك المرأة أنّ التدخين خلال حملها ممنوع نهائياً نظراً إلى المخاطر التي يُحدثها، بدءاً بانخفاض كمية الأوكسيجين المتدفّفة إلى الجنين وصولاً إلى الإجهاض. لكنّ هذا ليس كلّ شيء!

أظهرت الدراسات العلمية الحديثة أنّ 47 في المئة فقط من النساء يُدركنَ أنَّ التدخين مُضرّ لخصوبتهن. وبما أنّ امرأة من أصل ثلاث تُعَدّ مُدخّنة، لا بُدّ إذاً من تسليط مزيد من الضوء على العوامل التي تُقلّل فرص الإنجاب.

بحسب إختصاصيّي الخصوبة والعلماء الذين أجروا أبحاثاً تكشف العلاقة بين التدخين والخصوبة، تبيّن أنّ المرأة التي تدخّن أكثر من 15 سيجارة يوميّاً، تُعاني تأخُّر الحمل مرّتين أكثر من نساء لا يُدخّنَّ. هذه الإطالة في فترة الحمل مرتبطة بعدد السجائر المدخّنة. من جهة أخرى، إنَّ تعرُّض المرأة للتدخين السلبي، يؤثّر سلباً أيضاً في الحمل.

صحيحٌ أنّ تأخُّر الحَمل مزعج، غير أنَّ عدم حدوث الحمل حقيقة ميؤوس منها لأنّها تعوق تحقيق حلم الأمومة والأبوّة. وبما أنَّ المرأة المدخّنة تواجه خطراً إضافياً للإصابة بالعقم، مقارنة بتلك غير المدخّنة، فذلك يعني أنّ نسبة فشلها في الحمل تكون مرتفعة جداً. وقد قدّرت الأبحاث التي أجريت في هذا الصدد أن يكون هذا الخطر مرتفعاً أكثر بمرّة ونصف مقارنة بغير المدخّنات.

لكن لِمَ يؤثِّر التدخين في خصوبة المرأة؟ في الواقع إنه يعدّل المبيضات، ويلاحَظ ذلك بوضوح في حال الإنجاب بمساعدة طبية، حيث إنّ النساء المدخّنات ينتجن كمية أقلّ من البويضات.

كذلك تبيّن أنّ فرص نجاح عمليّة التلقيح الإصطناعي لدى المدخّنات تبلغ ثلاث مرّات أقلّ مقارنة بغير المدخّنات، على أن تصبح أربع مرّات أقلّ في حال كان الزوج بدوره مُدخِّناً أيضاً. علاوةً على ذلك، تواجه المُدخّنات خطراً مرتفعاً في دخول مرحلة انقطاع الطمث باكراً لتزداد حدّته بحسب عدد السجائر المدخّنة، ما يُخفِّض مدّة خصوبتهنّ.

عراقيل إضافيّة
إضافة الى التدخين، توجد عوامل أخرى ثبُت أنّها تُقلِّل خصوبة المرأة، بينها:

- البدانة أو الوزن الزائد: فهما يؤثّران سلباً في الدورة الشهريّة، لذلك ينصح الأطبّاء باتّباع نظام غذائي صحّي ومتوازن لخسارة الكيلوغرامات الزائدة تدريجاً ليس فقط لتعزيز فرص الإنجاب إنما أيضاً حفاظاً على الصحّة العامّة.

- تكيّس المبيض: غالباً ما يتمّ ربطه بزيادة الوزن. تتجلّى أعراض هذا المرض بعدم انتظام الدورة الشهريّة، وإفراط في الأندروجين الذي يمكن أن يؤدي إلى ظهور البثور والشعر في شكل مفرط.

- التهاب بطانة الرحم: تتجلّى أعراضه بآلام خلال الدورة الشهريّة وممارسة الجنس. يحصل هذا الأمر عندما تقوم الأنسجة التي تنمو عادة في الرحم بالنموّ في مناطق أخرى، وهذا النموّ الإضافي للأنسجة قد يؤدي إلى الندوب التي بدورها تعوق الخصوبة. عموماً، يؤدي التهاب بطانة الرحم إلى خفض مخزون حويصلات المبيض.

- العمر: يُعدّ عمر المرأة العدوّ الرقم واحد للعقم. فمخزون حويصلات المبيض يبدأ بالانخفاض تدريجاً في سنّ البلوغ ليتقلّص بعدها في الثلاثينات من العمر. أمّا في الأربعينات، فإنّ نصف النساء يعجزن عن الحمل في شكل طبيعي.

يُذكر أنّ التدخين يؤثّر أيضاً في خصوبة الرجال، فيؤدّي إلى إضعاف حركة الحُوَيْنات المنويّة ويقلّل عددها، وفي المُقابل يرفع إنتاج السوائل المنوية غير الطبيعية. وبذلك نستنتج أنّ الزوجَين المُدخّنين قد يواجهان صعوبة إضافيّة في الإنجاب.

إذاً، لا يكفي فقط التوقّف عن التدخين خلال الحمل فحسب، إنما قبلَ ذلك أيضاً. أمّا الخطوة المثاليّة فتتمثّل في الإقلاع عنه نهائياً ليس لتعزيز فرص الإنجاب فقط، بل أيضاً للحماية من المشكلات الصحّية التي يسبّبها، بما فيها أمراض القلب والسرطان.