حرائق حيفا تلتهم غابات وأحراش تفوق حجم مدن طولكرم وجنين وقلقيلية مجتمعة وإسرائيل تتخبّط
السبت | 04/12/2010 - 07:45 صباحاً
عن صحيفة السفير اللبنانية
مع انقضاء اليومالثاني من الحرائق في جبل الكرمل، ازدادت النار اشتعالا. وجندت إسرائيل حتى اليومجبهة عالمية لا تقل عن 15 دولة للمشاركة في محاربة النيران التي تتقلب وجهتها معتقلب اتجاه الرياح، وأصبحت تتمدد غربا وشمالا، وأغلقت طرقاً رئيسية تربط الشمالبالجنوب. ومما زاد الطين بلة أن بؤر حرائق أصغر من الحريق المركزي اكتشفت فيالعديد من المواضع، ما دفع الشرطة للتحذير من موجة حرائق جديدة. وفي هذه الأثناءوأمام العجز الرسمي الظاهر في مكافحة النيران انطلقت الاتهامات المتبادلة، واشتدتالمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وأعلن المفتش العام للشرطة الإسرائيليةالجنرال دودي كوهين أنه «ليس بالوسع القول إن النيران تحت السيطرة»، مشيرا إلى أنالحريـق لــم يطفـأ، وأن الأمـر قـد يستغرق أياماً. وأشارت قيادة الشرطةإلى وقوع حرائق أخرى في وسط الدولة وجنوبها، موضحة أن الشبهات كبيرة بأنها نجمت عنفعل فاعل. وليس صدفة أن عدداً من الصحف الإسرائيلية خرج أمس بعناوين تذكرالجميع بالتعبير الذي ساد في حرب تشرين العام 1973 وهو «التقصير». كما أن كتابأعمدة رئيسيين طالبوا بإقالة وزراء بينهم الداخلية والأمن الداخلي وتساءلوا عن سببعدم توافر طائرات إطفاء في إسرائيل رغم قوة سلاحها الجوي. ونقلت صحيفة «يديعوتاحرونوت» عن خبراء إطفاء قولهم إنه كان بوسع طائرتين اختصاصيتين القضاء على الحريقخلال وقت قصير قبل أن ينتشر وتصبح السيطرة عليه صعبة. وأشارت الصحيفة إلى أن خطةلشراء طائرتي إطفاء ظلت تتدحرج في الدوائر الحكومية من دون نتيجة طوال عقد كامل،رغم الحرائق الواسعة التي شبت في الأعوام الأخيرة في الكرمل والجولان ومناطق أخرى. والأدهى من ذلك أن سلاح الجو الإسرائيلي الذي سبق أن شارك في عمليات إطفاء فيالماضي عبر استخدام مروحيات يقف هذه المرة عاجزاً عن المشاركة جراء قيود تتعلقبالميزانية. ويجري الحديث عن خطة لاستخدام طائرات النقل من طراز «هيركوليس» من أجلسكب مياه في ممرات اتجاه الحريق بقصد منع امتداده. وفي كل الأحوال اشتعلت جبهةالاتهامات المتبادلة بين المسؤولين والوزارات في إسرائيل. فإضافة إلى مقتل 41 شخصاغالبيتهم من حراس السجون ورجال الشرطة والخسائر المباشرة وإخلاء عشرات الآلاف منبيوتهم، احترق حتى مساء أمس ما لا يقل عن 35 ألف دونم من الأحراج، وقضي على ما لايقل عن خمسة ملايين شجرة. وثمة تقديرات بأن ما احترق حتى الآن يحتاج إلى حوالى 40عاما من أجل تعويض خسارته. غير أن المسألة لا تقف عند هذه الحدود. فحتى منتصفليلة أمس كانت العبارة الشائعة هي «لا نسيطر على النيران، ولكننا نسيطر علىالموقف». فقد حضر رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو والكثير من وزرائه في منطقة حيفابذريعة قيادة الجهود لمكافحة النيران. غير أن الكثير من المداولات كانت تتم أمامكاميرات التلفزيون، ما أثار الكثير من الغضب ودفع إلى ازدياد المطالبة بتشكيل لجنةتحقيق رسمية. ففي نظر الجمهور الإسرائيلي كانت رائحة التقصير قوية بشدة رائحةالحرائق التي عمت الشمال. وفي هذه الأثناء يسعى نتنياهو إلى «تغطية عجزه» منخلال إعلانه إشراك العالم بأسره في مكافحة النيران في جبل الكرمل. فقد أعلن أنهاتصل بالكثير من رؤساء الحكومات والدول في العالم، وأن الاستجابة كانت كبيرة، بلتباهى بأن البعض بادر إلى عرض المساعدة. وإضافة إلى الموقف الأميركي الجلي برزالموقف التركي. وللمرة الأولى منذ حوالى العام ونصف العام يجري حديث مباشر بيننتنياهو ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان. وشكر نتنياهو تركيا على موقفهاوأمل أن يسهم ذلك بتغيير وجهة العلاقة بين الدولتين. غير أن ما أفسد «المودة» إعلانألمانيا أنها هي التي أقنعت تركيا بمد يد العون لإسرائيل. وطلبت إسرائيلالمساعدة العاجلة في إطفاء حريق الكرمل من بلغاريا، كرواتيا، اسبانيا، فرنسا،ايطاليا، روسيا ورومانيا وأذربيجان. ووصلت مساعدات من 15 دولة، بينها طائرتان منتركيا، فضلا عن مروحية مصرية وعربات إطفاء أردنية وفلسطينية. وأعلن مدير الدفاعالمدني الفلسطيني العميد أحمد رزق أن المطافئ الفلسطينية شاركت في إخماد حرائق جبلالكرمل. وقال «إن الدفاع المدني الفلسطيني شارك في إطفاء حريق في بلدة برطعة بالقربمن أم الفحم وأنقذنا مئات الدونمات، وأطفأ حريقاً في مدينة الطيبة في المثلث» شمالتل أبيب. غير أن جهد الإطفاء الرئيس هو ذلك الآتي من روسيا عبر طائرات إطفاء هيالأضخم في العالم وهي من طراز «أليوشن 706» والتي ستبدأ هذا الصباح عملها. ومنالمقرر أن تلحق بها أربع طائرات فرنسية وطائرتان من أسبانيا. وأعلن أمس أنمخزون إسرائيل من المواد الكيميائية لمكافحة الحرائق قد نفد، وأن الحكومة «قررت» شراء المزيد من فرنسا بعد انتشار الحريق. وكان قد أعلن صباح أمس أنه رغم الجهداليوناني والبلغاري والقبرصي، إلا أن النار عادت للاشتعال في العديد من المواقع. وفي أسباب الحريق أشارت التحقيقات الإسرائيلية إلى أن كل الاحتمالات مفتوحة،وليس من المستبعد أن تكون قد نجمت عن فعل فاعل أو بسبب الإهمال. وحذرت وزارة الأمنالداخلي من أن تعدد بؤر الحريق وازديادها قد يشير إلى وجود أشخاص يشعلون هذه البؤر. وكانت الشرطة قد أعلنت عن اعتقال شخصين من قرية دالية الكرمل الدرزية بشبهة إشعالحرائق لكن سرعان ما تم الإفراج عنهما وإلغاء الاتهام. وحدد نتنياهو لجهودمكافحة الحرائق أهدافاً في مقدمتها المحافظة على الأرواح، وبعد ذلك السيطرة علىالحريق. واعتبر أن الكارثة «وطنية»، وعقد اجتماعا للمجلس الوزاري المصغر للشؤونالسياسية والأمنية أعلن في ختامه أن هذه «كارثة بمستوى دولي».