العاصفة الثلجية "المستحيلة" ...6 شباط 1950
العاصفة الثلجية "المستحيلة" ...6 شباط 1950
الثلوج تراكمت في مدينة "تل أبيب" الساحلية المحتلة بتاريخ 6 شباط 1950

السبت | 17/10/2015 - 12:14 مساءً

طقس فلسطين - م.محمد جانم : في ذلك اليوم "المشهود" تأثرت بلاد الشام بإحدى أبرد الموجات القطبية على مدار مئات السنين والتي قد بدأت فعلياً في 4 شباط ، لكن ذروتها كانت في 6 شباط، فقد انزلقت كتلة قطبية تاريخية من أقاصي شمال الكرة الأرضية صوب بلاد الشام مباشرة ، وتميزّت تلك الموجة بالعمق الكبير والقياسي جداً في جميع الطبقات الجوية إضافة الى البرودة القوية والصعبة جداً ، وبالرغم من عدم توفر أرقام دقيقة حول المعطيات التي حدثت في الطبقات الجوية ، إلا أن الخرائط الجوية الأرشيفية المستخرجة (Re-Analysis maps من نموذج NCEP و كذلك NOAA-CR20 ) تشير الى موجة قطبية "عنيفة" وصل عمقها الى ارتفاع أقل من 5240 متر في طبقة 500 هكتوباسكال ، ووصلت درجة الحرارة في طبقة 850 هكتوباسكال القريبة من السطح الى حوالي -7 أو -8 حسب تلك الخرائط ، وربما أبرد من ذلك لعدم توفر خرائط شاملة لكل أوقات تلك الموجة القطبية ، والمرجّح أنها اقتربت من -10 سْ وهي درجة تاريخية بكل معنى الكلمة .

سماكات الثلوج

وبالنسبة لسماكات الثلوج ، فالبيانات الأرشيفية تشير الى وصولها 70 سم في مدينة القدس ، بعد 3 أيام من تساقط الثلوج ، حيث كانت جميع الهطولات ثلجية ولا يوجد أي هطول للأمطار نتيجة البرودة القارصة وغير المعهودة .
وفي عكا وصلت السماكات الثلجية الى 55 سم وفي حيفا 50سم، وفي الناصرة  40 سم، وفي العفولة 27 سم، وفي طبريا 15سم، وفي العوجا 15سم ، وكذلك تساقطت الثلوج في جميع المدن الساحلية الفلسطينية بما فيها غزة .
والذي قد يستغربه البعض هو عدم وجود فرق كبير في السماكات الثلجية بين منطقة القدس مثلاً ومنطقة عكا الساحلية ، رغم الفارق الكبير في الارتفاع بين هاتين المنطقتين ، ولكنّ مردّ هذا الأمر هو أن البرودة كانت كافية في المنطقتين للتساقطات الثلجية ، وكان الفيصل هو الهطول وليس درجات الحرارة ، أي أن المناطق التي تعرضت لهطول أكبر حظيت بسماكات ثلجية أكبر ، بغض النظر عن الارتفاع عن سطح البحر ، وذلك في المناطق التي شهدت درجة حرارة صفر فما دون ، وحسب تقديرنا فإن المناطق التي كانت ترتفع 100 متر وصلها خط التجمد وخط الصفر المئوي آنذاك .

الثلوج لم تقتصر على الجبال ولا حتى الساحل !


فقد غطت الثلوج معظم أنحاء فلسطين التاريخية بما فيها بعض مناطق الأغوار التي تنخفض حوالي 200 الى 250 متر عن سطح البحر ووصلت الثلوج الى البحر الميت أيضاً في مشهد لا يمكن تصديقه الا عند رؤيته !
فالبحر الميت ينخفض عن سطح البحر المتوسط بأكثر من 400 متر ( ارتفاعه أقل بحوالي 1200 متر عن مدينة الخليل ) وهو أخفض منطقة في العالم ، وتعتبر الثلوج في البحر الميت أمراً أشبه بالمستحيل ، لكن المستحيل حصل آنذاك في تلك الموجة التي جعلت فلسطين تعيش أياماً مستوحاةً من حقبة العصر الجليدي لعدة أيام .
وأما الجبال الفلسطينية ، فحدّث ولا حرج ! فقد عاشت أجواء صعبة جداً بسبب درجات الحرارة المتدنية جداً التي وصلت الى حوالي 5 درجات تحت الصفر في القدس ، وكذلك الحال أيضاً في عموم مرتفعات بلاد الشام وسيناء وشمال السعودية .

معاناة كبيرة ..وحالة استثنائية بعد النكبة


جاءت تلك العاصفة بعد النكبة الفلسطينية بحوالي عامين إلا قليلاً ، وكان المهَجرّون يعانون من ويلات التهجير القسري في ظروف صعبة للغاية ، الأمر الذي جعلهم يعانون بشدة أثناء تلك العاصفة ، حيث تم اقتلاع الخيام من أوتادها ووقعت الخيام على رؤوس أصحابها نتيجة الثلوج التي تثاقلت فوق الخيام ، وقد مات عشرات الأشخاص في فلسطين والأردن أثناء تلك العاصفة.

 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19