الإنسان المسؤول الأول عن تطرف الطقس حول العالم وتوقعات بتزايد شدته مستقبلا
الإنسان المسؤول الأول عن تطرف الطقس حول العالم وتوقعات بتزايد شدته مستقبلا

الأربعاء | 19/01/2011 - 01:31 مساءً

 


شهدت الاسابيع الثلاثة الماضية فيضانات عارمة فى ولاية كوينزلاند الاسترالية وصفت بانها الاشد فى البلاد منذ عقود, تضررت بسببها ثلاثة ارباع الولاية التى تساوى مساحة دولة بحجم جنوب افريقيا . وتعرضت ولاية ريو دى جانيرو البرازيلية الى فيضانات مماثلة وانهيارات طينية بسبب الأمطار الغزيرة اسفرت عن 548 قتيلا على الأقل..
وشهدت الكثير من الدول فى انحاء متفرقة من العالم فى وقت سابق من العام الماضى كوارث خطيرة كان سببها احداث الطقس المتطرف. ومن المحتمل ان تصبح هذه الكوارث اكثر تكرارا او حدة نتيجة تغير المناخ.

-- ماذا يحدث فى العالم؟
اشار تقرير نشرته منظمة الأرصاد الجوية العالمية على موقعها على الانترنت في ديسمبر الماضي إلى أن 17 دولة على الأقل شهدت في عام2010 مظاهر الطقس المتطرف , الامر الذى جعل 2010 , العام الاكثر تطرفا من حيث احوال الطقس والأوسع من حيث المناطق المتضررة فى التاريخ.
 
وشهدت العديد من الدول في آسيا وأوروبا موجات حارة وباردة لا مثيل لها اثرت بشكل كبير على حركة النقل و الاتصالات واسعار المواد الغذائية.
ففى أوروبا, عانت معظم الدول الاوروبية فى ديسمبر الماضي من موجة برد وثلوج كثيفة أدت إلى اضطراب فى حركة النقل على السكك الحديدية والطرق وشلل الحركة الجوية , حيث تم تأخير وإلغاء الرحلات الجوية في مطارات لندن وباريس وفرانكفورت وأمستردام , ما ادى الى تكدس المسافرين واضطر المئات منهم إلى قضاء ليلة عيد الميلاد في صالات المطارات غاضبين.
وعانت بريطانيا من موجة برد غير مسبوقة وكان شهر ديسمبر المنصرم الابرد فيها منذ 100 عام , فيما كان يوليو أحر شهر في العاصمة الروسية موسكو منذ ظهور سجلات الأرصاد الجوية الحديثة قبل 130 عاما ,حيث تسبب الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة والجفاف الصيف الماضى فى اندلاع سلسة من الحرائق فى الغابات، والحاق خسائر بلغت قيمتها 15 مليار دولار أمريكي , اضافة الى مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا اختناقا بسبب الدخان الناجم عنها.
وأدى حظر تصدير الحبوب الروسية الى هلع في اسواق الحبوب العالمية، وعزز تسارع في ارتفاع أسعار القمح لم يشهد لها مثيل مند 30 سنة، بالاضافة الى القلق الذي اثاره فيما يخص احتمال حدوث ازمة غداء جديدة في المستقبل.
وكان الحال في آسيا اكثر قتامة , حيث تعرضت عدد من مقاطعات جنوب الصين منذ بداية عام 2011 لامطار جليدية وطقس متجمد , الأمر الذي حاصر أكثر من سبعة ألاف شخص وترك الآلاف عالقين فى سياراتهم على الطرق السريعة بعد تحول الأمطار الغزيرة إلى ثلوج عند هبوطها على الأرض.
واودت الفيضانات الناجمة عن الأمطار الشديدة فى باكستان في أواخر يوليو الماضي، والتى وصفت بأسوأ فيضانات في تاريخ البلاد , بحياة حوالي 1800 شخص وأثرت على أكثر من 20 مليون آخرين، إذ تحولت قرابة خمس أراضي باكستان إلى مستنقعات.
 
ولم تسلم ايضا أمريكا الشمالية من الظروف الجوية السيئة , حيث ضربت عاصفة ثلجية شديدة شمال شرقي الولايات المتحدة يومي 26 و27 ديسمبر الماضي، و تساقطت الثلوج ووصلت كمية الامطار إلى نحو 60 سم في مدينة نيويورك, مسجلة رقما قياسيا لسقوط الثلوج فى نيويورك منذ عام 1948.
 
وفي أمريكا الجنوبية, هطلت الأمطار في ولاية ريو دي جانيرو جنوب شرقي البرازيل فى إبريل الماضي, مما تسبب في فيضانات وانهيارات طينية، وأسفرت عن مقتل وإصابة أكثر من 400 شخص.
وفى دراسة لها عن" أخطر 10 حوادث ناجمة عن الطقس السيئ في العالم عام 2010", اختارت ادارة الأرصاد الجوية الصينية فى ديسمبر الماضى الحرارة المرتفعة في الهند، التي بلغت نحو 50 درجة مئوية.,
 
والانزلاقات الصخرية التي ضربت شرق أوغندا في مارس الماضي وأوقعت 94 قتيلا , وإعصار ((جيري)) الذي ضرب جنوب شرق آسيا في أكتوبر الماضي، باعتباره أقوى إعصار في عام 2010.

 اسعار الغذاء فى ارتفاع ومخاوف من اعمال شغب
ويتضح من هنا أنه لم يكن هناك قارة فيما يبدو في الكرة الأرضية نجت من أضرار الطقس المتطرف . ولم تتوقف آثار كوارث الطقس عند الخسائر الفادحة في الأرواح والممتلكات، وإنما امتدت أيضا إلى حياة الإنسان اليومية، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية عالميا.
 
ففي بورصة شيكاغو للعقود الآجلة فى نهاية عام 2010, ارتفعت اسعار العقود الاجلة للذرة لتستقر عند 6.29 دولار أمريكي بزيادة 52 في المئة . وارتفعت اسعار العقود الاجلة لفول الصويا 34 في المئة والقمح 47 في المئة، مقارنة مع أسعار نهاية عام 2009, وذلك نتيجة للجفاف وموجة الحرارة اللذين تسببا في حرائق الغابات في روسيا في الصيف الماضي . وادت لأمطار الشديدة التي هطلت في شهري يونيو ويوليو الماضيين فى كندا إلى خفض مساحات الأراضي المزروعة بالقمح إلى أدنى مستوى منذ 40 عاما.
وقد اعلنت منظمة الامم المتحدة للغذية و الزراعة (الفاو) ان أسعار المواد الغذائية العالمية ارتفعت فى شهر ديسمبر المنصرم لمستوى قياسى , ما زاد المخاوف بين الخبراء الزراعيين الذين عادت الى اذهانهم أعمال الشغب التى سادت البلدان النامية منذ ثلاث سنوات بسبب الغذاء.
 
وزاد مؤشر الفاو الذى يقيس التغيرات الشهرية فى اسعار سلة المواد الغذائية التى تضم الحبوب و البذور الزيتية و منتجات الالبان و اللحوم و السكر الى اعلى قراءة له منذ عام 1990 , متجاوزا مستويات2008 حينما ادت ازمة غذاء الى احتجاجات فى بعض الدول.
وقال دان غوستافسون ، مدير مكتب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة فى واشنطن, ان "الوضع مثير للقلق حقا,السنة المقبلة أعتقد انها تمثل القلق الحقيقى فى هذه المرحلة " . وعزت المنظمة ارتفاع المؤشر الى فشل المحاصيل بسبب سلسلة احداث الطقس المتطرف وتغير المناخ.
ويرى الخبراء ان المنظمة قلقلة بشأن غموض اتجاه الاحوال الجوية حاليا فى ضوء مستويات الاسعار المرتفعة بالفعل وانخفاض امدادات بعض الحبوب . وقال جيمس دنسترفيل المحلل لدى اجرى نيوز فى جنيف انه "على عكس عام 2008 يبدوالوضع سيتسم بالشح مجددا هذا العام اذ تتعرض عمليات نثر البذور لخطر فى بعض مناطق الانتاج المهمة."
 
وتوقعت ممثلة الامين العام للامم المتحدة لشؤون التقليل من مخاطر الكوارث مارجريتا والسترو تصاعد منحنى الكوارث المرتبطة بالطقس والتغيرات المناخية . وقالت "على الرغم من ان الكوارث المرتبطة بالطقس المتطرف لا تزال على رأس القائمة، الا ان اثارها سوف تمتد الى المزيد من الناس فى المستقبل".وتوجد المناطق الاكثر تأثرا فى اسيا وافريقيا، حيث تعتبر اسيا اكثر عرضة للعواصف والفيضانات، بينما افريقيا اكثرعرضة لمعاناة الجفاف.

أسباب الطقس المتطرف
ويعزو العلماء أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع الحوادث المرتبطة بالطقس المتطرف إلى تغير المناخ الناجم عن أنشطة البشر، مؤكدين أن الطقس المتطرف سيتغير في نمطه وكثافته وشدته مع تغير المناخ في الكرة الأرضية.
وأفادت مجلة ((البحوث الجيوفيزيائية)) الأمريكية في مقال لها أن موجة البرد، التي ضربت دول أوروبا في نهاية العام الماضي, يرجع سببها أساسا إلى ذوبان الغطاء الجليدي فى القطب الشمالي بسبب الاحترار العالمي, موضحة أن حجم الغطاء الجليدي يتقلص بنسبة 20 فى المئة على مدى الـ30 عاما الماضية بسبب الاحترار العالمي.
ومن جانبها , ارجعت نائبة مدير إدارة الأرصاد الجوية الصينية جياو مي يان السبب المباشر للكوارث المرتبطة بالطقس المتطرف الى شذوذ الحركة الدورانية للغلاف الجوي مع تأثير الاحترار العالم..
وقال الخبير بمنظمة الأرصاد الجوية العالمية قاسم اصرار ان اسباب حرائق الغابات فى روسيا وفيضانات باكستان تعود الى نشاط غير عادي فى حركة الغلاف الجوي, مشيرا الى ان كثافة حوادث الطقس المتطرف تتأثر بتغير المناخ الناتج عن أنشطة البشر.
واوضح اصرار ان أنشطة البشر خلال المئة سنة الماضية تسببت فى ارتفاع درجات الحرارة فى الكرة الأرضية حيث ارتفعت بمقدار درجة مئوية واحدة فى كل من الغلاف الجوي والبحار مقارنة بما كان قبل قرن.

وقال رئيس هيئة الأرصاد الجوية الروسية (روسجيدرومت) الكسندر فرولوف خلال مقابلة، أجرتها وكالة أنباء ((شينخوا)) معه، حول ما حدث فى روسيا إن "ما تعلمناه من الدروس هو أن الإنسان والمجتمع البشري يعتمدان على الطبيعة إلى حد يتجاوز تصورنا", وحث على البحث عن الاسباب قائلا "ينبغي أن نقوم بدراسات وتحاليل جادة للوصول إلى أسباب تغير المناخ، وعلينا أن نتخذ سلسلة كاملة من الإجراءات الفعالة لتفادي تكرار وقوع الحوادث المماثلة في المستقبل..

 مقترحات للمواجهة
ويعتبر التقدم في رصد التغيرات الجوية ومراقبة الطقس والأخطار الطبيعية الناتجة عن المناخ من أهم عوامل التقليل من المخاطر والخسائر المحتملة في الأرواح نتيجة الكوارث. كما أن الاستعداد والاستجابة الفعالة للطوارئ على الأرض يسهم في انقاذ الأرواح عند وقوع الكوارث.
 
ولا شك ايضا أن الاستثمار في تطوير القدرات والامكانيات لمراقبة المناخ وتوفير معلومات دقيقة لصانعي القرار سيعزز من قدرة المحتمعات على التصدي لمخاطر المناخ والكوارث التي قد تنتج عن الأعاصير والفيضانات والعواصف وغيرها.
وينبغي على كل دول العالم أن تكثف من جهودها الجادة وتتخذ تدابير فعالة لحماية البيئة الحياتية في الكرة الأرضية والتصدى للتغيرات المناخية حتى تتمكن من تفادي وقوع حوادث الطقس المتطرف والوقاية منها والحد منها في المستقبل.
وفى هذا الشأن , قدم بعض العلماء فى مجال الأرصاد الجوية اقتراحات لمساعدة الناس فى مواجهة حوادث الطقس المتطرف وتخفيف الخسائر المالية والبشرية الى حد أقل ومنها:
أولا, بناء الشبكة الشاملة للتنبؤ بالطقس المتطرف التى تتكون من المحطات الهيدرولوجية والردار والأقمار الصناعية للأرصاد الجوية والأقمار الصناعية لمراقبة المحيطات والأراضي لتحسين آلية الإنذار المبكر فى دول العالم.
 
ثانيا, تحسين شبكة الاعلام العامة مثل إلاذاعة والتلفزيون والصحف والانترنت والهواتف المحمولة من أجل نشر معلومات تتنبأ بالطقس المتطرف لوقاية الناس من الكوارث, وتعزيز تعاون المجتمع الدولي فى تبادلات المعلومات هذا المجال.
 
ثالثا , إعادة التفكير فى تعديل معايير تصميم المدن والقرى للبنية التحتية مثل سكك الحديد والطرق السريعة والنقل الجوي وأنظمة الصرف الصحي وسدود الانهار وتوزيع الكهرباء , لتقوية القدرات على مواجهة الطقس المتطرف وتخفيف الخسائر المالية والبشرية وضمان استمرار التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أخيرا, إتخاذ إجراءات فاعلة رامية الى كبح انبعاثات غازات الاحتباس من أجل تخفيف تغير المناخ, مثل تعديل هيكل استهلاك الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود البترولي وتطوير الطاقة المتجددة والنظيفة وتعزيز وسائل النقل العامة الصديقة للبيئة.
ويرى المراقبون أنه قد حان الأوان لتنهض دول العالم جميعا في مواجهة التهديدات، التي تشكلها كوارث الطقس المتطرف, وتسهم إسهاما أكبر في حماية بيئة الحياة التي تعتمد عليها البشرية في تحقيق التنمية المستدامة.
 

النص الداخلي منقول عن الشعب الصينية



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 05:09
الظهر 12:44
العصر 04:15
المغرب 06:57
العشاء 08:20