الصباح الاخير لمعلم الفيزياء توفيق خنفر من جنين.. ماذا قال قبل ان يعلق احلامه على حبل المشنقة؟
الصباح الاخير لمعلم الفيزياء توفيق خنفر من جنين.. ماذا قال قبل ان يعلق احلامه على حبل المشنقة؟

الجمعة | 12/04/2013 - 08:36 مساءً

 مثل كل النساء الكسيرات بسبب من فقدان شركائهن في الأحلام على نحو مباغت و غير مألوف، قالت الأم عايدة عبد الرحيم أن صورته وهو معلّق إلى السقف لن تفارق مخيلتها؛ إلى أن تلحق به إلى حيث الثرى...

الأم عايدة عبد الرحيم التي عادت إلى منزل العائلة لتجد زوجها توفيق عبد اللطيف خنفر معلقا في  سقف إحدى الغرف، لم تكن تدري أن الرجل الذي شاركته الكثير من الأحلام منذ تزوجته في الأردن قبل 18 عاما، بما فيها العودة إلى أرض الوطن، سيتركها وحيدة مع جثث أحلام كثيرة كانت في انتظار التحقق؛ أحدها - كما قالت لـموقع صحيفة القدس تربية وتعليم أولادنا الخمسة ليكونوا صالحين لنا و للمجتمع".

وهي تحكي فجيعتها التي لم تكن في وارد خواطرها الكثيرة يوما، اقترح نجلهما الأكبر محمد خنفر ( 17 عاما ) أن نطلع على سجل الديون المستحقة على العائلة لدى صاحب البقالة المجاورة للمنزل "أبو عبد الله"؛ لعله يفسر أحد الأسباب الرئيسة لانتحار والده، غير أن والدته التي اهتمت بإخفاء دموعها، قالت أن زوجها الذي عمل مدرسا للعلوم والرياضيات في مدرسة يوسف العظمة في جنين، وعرف بثقافته وحبه لعمله رغم معاناته بسبب من ظروفه الاقتصادية الصعبة و مرضي السكري والضغط – قالت أنه أحس بنفسه تحت جبل من الضغوط منذ إحالته للتقاعد في 8 آذار العام الماضي؛ ذلك أن الهيئة المسؤولة عن صرف مخصصات التقاعد – كما أكدت - "حولت حياته إلى جحيم" .

 
وتوضح أرملة المرحوم "خنفر" في هذا الخصوص، أن الديون الباهظة التي ترتبت على العائلة و حالة العوز الشديدة التي عاشتها بسبب من عدم كفاية الراتب الشهري الذي كان يتقاضاه ( 2500 شيكل ) وينفق نصفه لدفع أجرة المنزل و مستحقات الكهرباء والمياه ، ثم لاحقا "مماطلة" هيئة التقاعد في صرف مستحقاته؛ مرة ( بعد 4 أشهر ) بحجة أن الأوراق ناقصة، بالرغم من أنهم أبلغوني "أن كل شيء تمام"، ومرة أخرى بحجة وجود  خطا في  توقيع اللجنة الطبية على ملفه و ملفات متقاعدين آخرين.. ثم بعد ذلك، إغلاق الملف بتحديد نسبة عجز 40% رغم أن الملف السابق أشار إلى نسبة عجز 100 % ، كل ذلك – كما قالت – ولم تصرف المستحقات التي كان زوجها في انتظارها للتخفف من الديون التي اضطرته، في أيام كثيرة، إلى الانزواء في المنزل خجلا من الدائنين، لافتة إلى أن العائلة قرعت أبواب العديد من الوسطاء لكي يتم صرف الراتب التقاعدي، إلا أن آخر ذريعة، قبل إقدامه على الانتحار، كانت "إن الملف في ديوان الموظفين" !


خلال الفترة بينما كان المواطن "خنفر" في انتظار مستحقاته بحسب قوانين التقاعد المعمول بها، أوضحت عائلته أن أوضاعها المعيشية غرقت في الديون و تدهورت بدرجة مأساوية . قالت "أم محمد" وهي تغص في الدموع : أصبحت حياتنا جحيم، حتى أن زوجي لم يعد قادرا على الخروج من منزلنا لتجنب الإحراج أثناء المرور من أمام بقالة جارنا "، مشيرة إلى أن العائلة اضطرت خلال الفترة للاستدانة من الجيران و الأقارب لدفع بدل الطعام و الغاز و لشحن بطاقة الكهرباء مسبقة الدفع .. وأيضا لأجل تأمين مصاريف الأطفال وثمن الأدوية .

  وأضافت الأم عايدة عبد الرحيم في حديثها ، أن زوجها الذي ينحدر من قرية الرامة في محافظة جنين، والحاصل على درجة "الماجستير" في الفيزياء من إحدى الجامعات في الهند، كان عمل قبل عودته وعائلته من الأردن معلما في عدة مدارس في "عمان"، وخلال تلك الفترة رزقت وإياه بابنيهما محمد و أسيل ( 14 عاما )، ثم بعد عودته إلى الوطن في اليوم الذي سبق اندلاع انتفاضة الأقصى ( 19 أيلول عام 2000 ) تمكن من تأمين وظيفته كمدرس في رام الله، ورغم عدم تأمين وظيفة لها كما كان الحال في عمان، تابعت العائلة حياتها في رام الله لخمس سنوات أصبح خلالها عدد أفراد الأسرة 7 أشخاص، مشيرة إلى أن زوجها المعلم توفيق خنفر، انتقل بعد ذلك للتدريس في مدرسة يوسف العظمة وتقاسم معها صعوبات الحياة إلى أن داهمه مرض السكري ثم الضغط ، ثم التضخم في القلب .
 وخلال الفترة قبل إقدامه على الانتحار، قالت الأم عبد الرحيم أيضا أن زوجها الذي قضى ما تيسر له من حياة وهو متمسك بعفة النفس، "كان يمتنع عن طلب المساعدة من كثيرين"، لكنها خلال الفترة عندما أصبحت عاجزة عن توفير الطعام لأطفالها، توجهت الأم لـ"لشؤون الاجتماعية" و مؤسسات أخرى، لكن الجميع رفضوا المساعدة لأن زوجها كان مسجلا كموظف؛ لافتة في هذا المجال إلى أن "حتى وكالة الغوث قطعت عنا التموين"، بينما كان زوجها يعاني بسبب من ذلك تدهورا في وضعه الصحي ، حيث أدت الضغوط المعيشية‘ إلى حدوث مضاعفات في "السكري" ، بينها الم شديد في الركبة لم يمكنه من المشي مسافات طويلة .. وكل ذلك، كما قالت – لم تنقطع العائلة عن مناشدة "هيئة التقاعد" و الجهات المختصة لأجل صرف راتبه؛ لكن دون جدوى !


..في الصباح الأخير قبل أن يقرر إنهاء حياته مشنوقا إلى سقف غرفة بالمنزل، نهض المعلم "خنفر" من نومه قبل الجميع. شرب مع العائلة كوب الشاي الأخير ثم قال لزوجته " غطيني، سأنام إلى أن تعودي.."، وفي الواحدة بعد الظهر عادت "أم محمد" لتجده قد أنهى حياته على نحو لم تتخيله في أحلك الكوابيس، فيما نجله الأكبر الطالب في الصف الأول ثانوي بالفرع الصناعي، تحدث بأسى عن إشاعات بأن والده المنتحر كان "مختلا"، مؤكدا أن والده الذي أرهقه المرض و مماطلات "هيئة التقاعد" كان "عبقريا" يستطيع أن يحل المعادلات الفيزيائية في المنهاج بطريقة زرعت فيه روح الإلهام والمبادرة إلى البحث والابتكار، لافتا وهو يشير إلى كراريس أحضرها ليثبت أن الأقاويل التي تستهدف سمعة والده ليست أكثر من إشاعات كاذبة - قال" جميع هذه المعادلات أسسها والدي وأدت  لاكتشافنا، هو و أنا، طريقة علمية لاستبدال التيار الكهربائي بالمياه لتشغيل بعض الأشياء"، ويضيف : " أنا فكرت بالموضوع و والدي اخترع المعادلات وبعد عدة تجارب أنجزنا التصميم الذي تبنته "مؤسسة النيزك" وكان من المقرر إجراء فحص عملي للجهاز اليوم .

محمد توفيق خنفر الذي يأسره هول الفجيعة بفقدان والده فجأة و على نحو غير مألوف، قال لـموقع صحيفة القدس أن حقه و أشقاءه يتمثل في تشكيل لجنة للتحقيق في الأسباب التي أدت لإنهائه حياته بهذا الشكل، فيما قالت والدته عايدة عبد الرحيم : " زوجي لم يقدم على الانتحار بسبب المرض النفسي ، فليس كل من يتعب نفسيا يختل؛ وعلى المسؤولين، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس، متابعة قضية زوجي ومحاكمة المقصرين" ... 



 

المصدر: القدس دوت كوم



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 03:53
الظهر 12:38
العصر 04:19
المغرب 07:43
العشاء 09:23