سياحة حافة المخاطر.. لماذا يفضل البعض زيارة البراكين النشطة؟
سياحة حافة المخاطر.. لماذا يفضل البعض زيارة البراكين النشطة؟

السبت | 04/01/2020 - 03:00 مساءً

قتل ما لا يقل عن ستة زائرين لبركان الجزيرة البيضاء في نيوزيلندا، والبقية يعانون من حروق في 30% من أجسادهم، في الأسبوع الماضي، بسبب رشقات نارية تخرج من الفوهة. فرغم التحذيرات الأخيرة المتكررة ما زال المئات يسعون لرؤية بركان نشط على وشك الثورة، وما زالت الحكومة تسمح بهذا النوع من السياحة حوله.

يحكي جيف هوبكنز، أحد الزائرين الذين شهدوا الحادث، لموقع نيويورك تايمز، أنه بينما كان يبحر في قارب ومعه ابنته، متجهين نحو البركان، في هدوء ودون أية إشارة إلى أن البركان قد استيقظ. كان البركان على بعد مئات الأمتار عندما انفجر فجأة أمام الرجل وابنته، وشاهدوا الجزيرة وهي تختفي بالكامل تحت الرماد الذي تدحرج على كل أنحاء الجزيرة حتى الشاطئ، واختفى ضوء الشمس وساد الظلام.

كان علماء الجيولوجيا قد حذروا مرارا قبل الحادث، ورغم ذلك سمح للعشرات بالذهاب إلى البركان يوميا، ناهيك عن توسعة نطاق الخدمات للسائحين، مما دفع الكثير لطلب فتح تحقيق، خاصة أنه بعد حادث مقتل الأشخاص الستة، يعتقد أن هناك ثمانية آخرين لقوا حتفهم، في حين لا يزال عمال الطوارئ غير قادرين على الوصول إلى الجزيرة لاستعادتهم. ويبقى السؤال هنا لماذا قد يقدم أحد على رحلة لفوهة بركان نشط رغم التحذيرات المستمرة باحتمالية انفجاره؟

الرقص فوق المخاطر
لطالما افتخرت نيوزيلندا بأنها مكان يمكن فيه للسائحين الرقص على حافة الخطر، ويجري الترويج للجزيرة البيضاء في نيوزيلندا على أنها تحوي أكثر البراكين نشاطا، حيث ظهرت في فيلم "سيد الخواتم" وغيره من الأفلام العالمية. ورغم ذلك فالبركان لا يظهر منه سوى قمة بسيطة، في حين يظل 70% منه تحت الماء.

للوصول إلى البركان يبحر السائحون على قارب لرؤية المناظر الخلابة على امتداد خليج بلنتي حتى يصلوا إلى شاطئ الجزيرة البيضاء، ثم يصعدون درجا في ممر ويصلون إلى شفة البركان، وهناك ينظرون إلى الغليان القوي بداخله.

حول الدرج توجد فتحات للتهوية، حيث ينتشر ثاني أكسيد الكبريت والغازات البركانية السامة، وتوجد بحيرات مليئة بالماء الساخن، تكاد تقترب من درجة الغليان، مما يؤكد على وجود مصدر للحرارة تحت البركان يزيد من عملية إطلاق الغازات والسوائل تحت الصخور وعلى جرف البركان.


الاقتراب من البراكين فرصة نادرة لتجربة الشعور بقوة الأرض المضطربة تحت أقدامهم (مواقع التواصل)
الاقتراب من البراكين فرصة نادرة لتجربة الشعور بقوة الأرض المضطربة تحت أقدامهم (مواقع التواصل)

تدير الرحلات إلى البركان شركة وايت آيلاند تورز، بسعر 450 دولارا للبالغين و260 للأطفال كما هو مدون على موقعهم الرسمي، ويثق الكثيرون في تلك الشركة التي توفر للسائحين أقنعة واقية من الغاز عند الاقتراب من فوهة البركان وفتحات تهوية الغاز.

ولكن الشركة نفسها لم تسع بما يكفي لحماية زوار موقع بعيد بحيث يصعب فيه وجود المساعدة الفورية، كما أنها تغافلت عن تحذيرات الجيولوجيين من زيارة البركان، فالجزيرة البيضاء وبركانها النشط هي الجزء الأكبر من الاقتصاد المحلي المدفوع بالزيارات السياحية اليومية.

المتعة مقابل العودة حيا
أكثر ما يسعد السائحين ويدفعهم للذهاب إلى بركان نشط هي حكايات من ذهب بالفعل وعاد. فيحكون عن حفر الوحل التي تتصاعد منها الأبخرة، والجداول البركانية الساخنة، والبحيرات الحمضية الملونة بأبخرتها، والدرجات الزاهية للون الأصفر والبرتقالي الناتجة عن الكبريت المتصاعد والمنتشر على أرجاء الجزيرة، بحسب صحيفة التلغراف.

لذلك يبدو أن محبي هذا النوع من السياحة لن يكفوا عنه، فقد جذبت أخبار بركان نيوزيلندا المزيد لزيارته وزيارة البراكين النشطة على الكوكب. فيوفر لهم الاقتراب من البراكين فرصة نادرة لتجربة الشعور بقوة الأرض المضطربة تحت أقدامهم الناتجة عن الغليان تحت الصخور والضغط على قشرة الأرض الهشة الناجمة عن سحق الصفائح التكتونية.


المئات يسعون للنوم بجانب البركان طوال الليل ومتابعة أعمدة الأدخنة من فوهته (بيكسابي)
المئات يسعون للنوم بجانب البركان طوال الليل ومتابعة أعمدة الأدخنة من فوهته (بيكسابي)

تعد إندونيسيا من أكثر المناطق النشطة بركانيا، وتزيد فيها سياحة البراكين، خاصة منذ عام 2017، مع انتشار أخبار عن ثوران بركان جبل أغونغ، حتى أغلق المجال الجوي في نطاقه. هناك بركان نشط آخر في بالي يدعى جبل باتور، ولا يزال المئات يسعون للنوم بجانبه طوال الليل ومتابعة أعمدة الأدخنة ليتمكنوا من رؤية شروق الشمس من فوق حافته، رغم انتشار صور له وهو ينفجر عام 2000.

ينشط بركان جبل إتنا في صقلية بإيطاليا بشكل مستمر، ورغم ذلك تصل أعداد كبيرة من السياح إلى أعلى نقطة مسموح بها، وهي 2920 مترا، دون التفكير في كيفية الهرب إذا انفجر فجأة. تلك المرحلة من الشعور بالأمان تأتي دون أساس، فقد تعرض فريق من هيئة الإذاعة البريطانية وعدد من السياح لإصابات بالحروق عام 2017، بعد وقوع حادث ثوران مفاجئ.

يعد بركان جبل فيسوفيوس في إيطاليا أشهر براكين العالم، بسبب ثورته في عام 79 بعد الميلاد، التي قضت على المدن الرومانية بومباي وهيركولانيوم وأبلونتيس وستاباي، وانتهت على يده حضارة كاملة.

يزور هذا البركان سنويا أكثر من مليوني شخص لمشاهدة مواقع الخراب القديمة، وهي تكسوها الحمم المتكلسة كالأمواج. ومع ذلك لا يرهب هذا البركان أحد، لأنه لم يثر منذ عام 1944.



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19