هل للعواطف المعنى ذاته في جميع أنحاء العالم؟
هل للعواطف المعنى ذاته في جميع أنحاء العالم؟

الخميس | 23/01/2020 - 09:05 صباحاً

يتمتع الجدل القائم بين الثقافة والبيولوجيا -فيما يتعلق بعواطفنا- بمكانة بارزة في الاكتشافات العلمية والفلسفية، فهناك من يقترح أن بعض المشاعر تركت بصمة تطورية في البنية الحيوية العصبية للجنس البشري، بينما يرى آخرون أنه بعيدا عن كونها عالمية، فإن العواطف تعتبر بنيات ثقافية نتعلم معانيها من الاستدلالات الاجتماعية.

فهل يتعامل الناس حول العالم مع العواطف بطرق مختلفة أم أن لها المعنى ذاته عندنا جميعا؟

24 كلمة عاطفية من ثلث لغات العالم
في تقرير نشرته مجلة "سايكولوجي توداي" الأميركية، قالت الكاتبة ماريانا بوغوسيان إنه في دراسة حديثة نشرتها مجلة "ساينس"، فحص فريق دولي من الباحثين 24 كلمة عاطفية من حوالي ثلث لغات العالم.

ومن خلال الجمع بين قواعد البيانات اللغوية الواسعة والأساليب الكمية، أنشأ الباحثون شبكات متماثلة من الحالات التي تُستخدم فيها نفس الكلمة داخل لغة للتعبير عن مفاهيم متعددة، على سبيل المثال: "مضحك" (funny) في اللغة الإنجليزية يمكن أن تدل على معنى الدعابة أو الغرابة، على حد سواء.


ارتبط مفهوم الحب بشكل أكبر بالسعادة في اللغات الهندوأوروبية (مواقع التواصل)
ارتبط مفهوم الحب بشكل أكبر بالسعادة في اللغات الهندوأوروبية (مواقع التواصل)

الاختلاف الثقافي لمعنى العواطف
تسلط نتائج هذا البحث الضوء على العمليات البيولوجية والثقافية التي تؤثر على طريقة تفكيرنا وتجربتنا للعواطف. إضافة لذلك يدل الاختلاف الشامل بين الثقافات في معنى العواطف على أن الناس في العالم قد يتعاملون مع العواطف بشكل مختلف.

فعلى سبيل المثال، يرتبط مفهوم الحب بشكل أكبر بالسعادة في اللغات الهندوأوروبية، إلا أنه كان أكثر ارتباطا بالشفقة في اللغات الأسترونيزية (مثل لغات جنوب شرق آسيا). وفي حين كان مفهوم القلق أكثر صلة بالخوف في لغات تاي كاداي، فإنه اقترن في كثير من الأحيان بالحزن في اللغة النمساوية.

كما تعتمد أنماط تماثل العواطف على القرب الجغرافي للغات، بمعنى أن المجموعات اللغوية المتقاربة جغرافيا تميل لتجميع مفاهيم العواطف على نحو مماثل أكثر من اللغات المتباعدة.

 

ووفقا للباحثين، يعود هذا لزيادة فرص التواصل المتاحة بين المتحدثين بتلك اللغات، من خلال التجارة أو الهجرة أو الأصل المشترك، والتي أثرت مع مرور الوقت على الطريقة التي تصوروا بها عواطفهم.

بنية عالمية لمعنى العواطف
كما وجدت الدراسة قواسم مشتركة في الطريقة التي رسم بها الناس معنى العواطف عبر اللغات، فعلى سبيل المثال، تنتمي العواطف الإيجابية المتكافئة (السارة) في جميع اللغات تقريبا إلى مجموعات متماثلة دلاليا.

يقول المؤلف الرئيسي جوشوا كونراد جاكسون "يبدو أن جميع البشر يشعرون ويعبرون عن عواطفهم الإيجابية مقابل العواطف السلبية، وعواطف الإثارة مقابل الهدوء، نظرا لأن التكافؤ والإثارة يسلطان الضوء على النظم البيولوجية التي تساعد في الحفاظ على التوازن الداخلي".

في الحقيقة، نتائج الإنسانية المشتركة في أي مجال من مجالات وجودنا ملهمة دائما، ولكن ما الذي يمكننا أن نحققه من خلال الاختلافات؟ ما الذي يمكننا تعلمه من الطرق المتباينة التي يحوّل بها البشر في مختلف أنحاء العالم هذه العواطف إلى عواطف مُستوعبة بالكامل؟


العواطف الإيجابية المتكافئة (السارة)  تنتمي في جميع اللغات تقريبا إلى مجموعات متماثلة دلاليا (غيتي)
العواطف الإيجابية المتكافئة (السارة)  تنتمي في جميع اللغات تقريبا إلى مجموعات متماثلة دلاليا (غيتي)

الحب عاطفة إيجابية ولكن..
لا ينبغي أن يكون التنوّع الشامل بين الثقافات في الدلالات العاطفية مفاجئا للغاية، نظرا للفوارق الدقيقة الثرية التي نتعامل معها بشكل يومي في لغاتنا، بحسب الكاتبة.

وعلى سبيل المثال فيما يتعلق بالحب، نبه جاكسون إلى أنه "قد يكون عاطفة إيجابية إلى حد كبير في الثقافات الغربية، ولكنه يُستخدم بشكل أكثر سلبية في لغات جزر المحيط الهادئ. ولكن حتى المتحدثون باللغات الهندية الأوروبية قادرون على إدراك حقيقة مفادها أن الحب يمكن أن يمثل مشاعر أكثر سلبية، مثل الشفقة أو الافتتان".

بشكل عام، مثلما لا تستطيع الكلمات بلغاتنا أن تُصور دائما عمق تجاربنا العاطفية، قد لا ترسم قواميس الترجمة دائما صورة كاملة للعواطف عبر الحدود اللغوية.

وفي هذا الصدد، يقول جاكسون: "في حين يستمر العلماء في كشف غموض وروعة العواطف البشرية والعثور على أوجه التشابه والاختلاف على طول الطريق، يتعين علينا أن نحتفل بالقدرة البشرية على تجربة مثل هذه التصوّرات الذهنية الغنية والمعقدة".



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19