بالصور: سد العوجا الترابي.. الأول في فلسطين لتجميع مياه الأمطار
بالصور: سد العوجا الترابي.. الأول في فلسطين لتجميع مياه الأمطار

الأحد | 12/05/2013 - 12:43 مساءً

 تقرير الصحفي : علي حنني

على الطريق الإقليمي الشرقي الذي يربط بيسان مع البحر الميت في الضفة الغربية، بمحاذاة نهر الأردن، تطول المسافة أو تقصر، وتلوح في الأفق تلال من الأتربة، تولد لديك شعوراً بأن هناك أعمالاً ومشاريع اسكانية، لكن سرعان ما يتضح لك عكس ذلك، فبعد تسلق الطريق الوعرة وسط هذه الأكوام المنشأة حديثاُ، يرتفع بك البصر لجبل من الحجارة الصغيرة المتراكمة على شكل هرمي، تواصل الصعود بخطىً متعثرة، لتصل إلى رأس الهرم الذي قطع رأسه ليشكل طريقاً صغيرة اعتليناها لنشاهد هذا العمل الرائع.



وخلال وجهتنا إلى الأغوار الفلسطينية، على بعد 12 كم إلى الشمال الشرقي من مدينة أريحا، حط بنا المسير في "خربة العوجا"، التي تنخفض 160م تحت مستوى سطح البحر، ويبلغ تعداد سكانها خمسة آلاف نسمة، تتربع على مساحة تقدر بحوالي 120 ألف دونم، منها عشرون ألفاً صالحة للزراعة، يستغل منها 12 ألف دونم فقط، وذلك بسبب عدم توفر مياه ري كافية ليتم استصلاح جميع الأراضي الزراعية هناك.
وللتغلب على هذه الظاهرة، قدمت وزارة الزراعة في حكومة د. سلام فياض، مشروع "سد العوجا الترابي"، التجربة الأولى في فلسطين التي توفر مياه الأمطار الفائضة في فصل الشتاء، لتروي أراضي المزارعين العطشى في الصيف الحارق، في خطوة لبث الحياة في هذا الركن البعيد من البلاد، الذي ترك وحيداً في وجه مطامع الاسرائيليين.



قرصنة المياه الاسرائيلية
من أعلى قمة السد الترابي يحدثنا المهندس فهمي نجوم 56عاماً -من دائرة زراعة أريحا- وبالتنسيق مع مجلس العوجا، عن سبب إنشاء هذا السد: حيث كانت نبعة العوجا أكبر ينابيع فلسطين تضخ الفي متر مكعب في الساعة، تغذي أراضي المزارعين وتفيض عن حاجتهم، ولكن الإحتلال جففها عن طريق حفر آبار إرتوازية في محيطها، من ما أدى إلى انخفاض مياه ري المزروعات من الآبار الإرتوازية لتقتصر على ري مساحة تقدر بألف ونص من الدونمات.

ويؤكد نجوم بأن هذه المنطقة مناسبة لإقامة السد، من ناحية طبيعة التضاريس والمرتفعات التي تساعد على انسياب مياه الأمطار لتتجمع في المكان المخصص لها خلف السد، والذي تم جرفه ليستطيع استيعاب 750الف كوب من الماء، وكذلك مناسبة لأنها تصنف على أنها منطقة "أ"، خارج سيطرة الإحتلال الذي لم يعارض على المشروع.


آلية عمل السد
يصف فهمي نجوم لـ"اخباريات" ما نشاهده من أعلى السد، ففي الجهة المقابلة جرفت مساحات شاسعة -قابلة للتوسيع إذا تطلب الأمر ذلك- لتشكل "حاووز" تجميع طبيعي للمياه يمنع تسربها وجود السد الترابي، والذي تم بناؤه على شكل هرم قاعدته 12م وعرضه ثمانية أمتار، رصف بحجارة صغيرة تضمن عدم انجراف التربه مع المياه المجمعة خلفه.
ويتابع نجوم شرح كيفية انتقال المياه من جهة إلى أخرى، وذلك عن طريق أنابيب مغلقة من القناة ومدفونة أسفل السد الترابي، مزودة في منطقة التجميع بمصفاة لتنقية المياه، تنقل مياه المطر المجمعة إلى الطرف الآخر، مغلقة بمحابس في الطرف الآخر لتنظيم عملية ري الأراضي الزراعية.



القرصنة الاسرائيلية للمياه
في رأي مرافق رحلة قسم الجغرافيا العلمية إلى "سد العوجا الترابي" د. ماهر أبو صالح، بأن هذا المشروع يمثل خطوة أولى لحل مشكلات المياه الكثيرة في فلسطين، والتي تواجه جميع المناطق الفلسطينية، والمتمثلة في سيطرة الإحتلال على المنابع الرئيسية للمياه، وكذلك تحكمهم في الآبار الإرتوازية، وعمقها، ومكانها، وعددها، للحفاظ على آبارهم الرئيسة ومستوى منسوبها من المياه.
وتولى الأستاذ لؤي أبو ريدة -محاضر قسم الجغرافي في جامعة النجاح- الشرح عن الظواهر الطبيعية والجغرافية التي شوهدت في تلك المنطقة، وركز على طبيعة الجبال المحيطة بالسد، والتي تسهل انسياب مياه الأمطار وتجميعها في مكان السد، لا سيما والإنخفاض التدريجي الذي لاحظناه أثناء سيرنا على الطريق نزولاً إلى الأغوار.


ويوضح أبو ريدة –على طول الطريق إلى الأغوار- خط المياه الوهمي الذي يقسم جبال فلسطين إلى نصفين، ويصف طريقة تجميع المياه عن طريق المنحدرات الشرقية لجبال نابلس والقدس -التي سرنا على طول خطها المحاذي- عبر الأودية المختلفة مثل وادي العوجا، والذي يغذي نهر الأردن.
ومن أعلى السد الترابي أبدى الطلبة المشاركون إعجابهم بهذا المشروع، وطرحوا استفساراتهم وآرائهم على المهندس المسؤول، ويقول محمد دراغمي -أحد الطلبة الحاضرين- بأنه: لم يتوقع أهمية هذا السد الذي وجد صعوبة في تسلقه، ولكنه سعيد الآن لاختباره هذه التجربة التي يتمنى لها النجاح، وللمستفيدين منها بالتوفيق.

 

باقون هنا
ومن الجدير بالذكر بأن هذا المشروع مقدمة لإنشاء منطقة سياحية مستقبلية في قرية العوجا التي تعود جذورها التاريخة إلى عهد الإمبراطور الروماني "هيرودس الكبير"، ومساحات زراعية خضراء تجذب الزائرين والسياح، ويذكر بأن مهندسي دائرة زراعة أريحا أخذوا دوراتِ تدريبية على يد خبراء أردنيين اختبروا مثل هذه المشاريع في بلادهم سابقاً.
"سد العوجا الترابي" الأول من نوعه في فلسطين، تحدٍ لقرصنة المياه التي تمارسها يد الإستيطان اليهودية، ونواة أولى لواقع أفضل يعزز صمود المزارعين في الأغوار الفلسطينية.

المصدر: مدونة الصحفي علي حنني



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:34
الظهر 12:38
العصر 04:17
المغرب 07:14
العشاء 08:42