في نابلس: "للحمير فقط"
في نابلس: "للحمير فقط"

الخميس | 23/05/2013 - 12:22 صباحاً

  تقرير الزميل الصحفي عماد سعاده

"للحمير فقط "ليس عنوانا لفيلم ولاغمزا او تعريضا بمن يضرب فيهم المثل عند مقارنتهم باداء هذا المخلوق الصبور.. بل انه اسم لمستشفى خاص بالحمير والبغال والخيول هو الاول في فلسطين يعالج هذه المخلوقات مجانا وبدون انتظار تحويلات طبية قد يموت المريض قبل ان يحصل عليها.

المستشفى الجديد الذي افتتح في مدينة نابلس الى جانب انه يعالج تلك الحيوانات من امراضها وجروحها وكسورها الناجمة عن حوادث عرضية، او بفعل سوء المعاملة البشرية لها فانه يشكل ملجأً آمناً للحمير والخيول العاجزة، التي تقدم بها السن وتخلى عنها مالكوها بعد ان استنزفوا قوتها، واصبحت عبئا عليهم لا فائدة ترجى منها.

الرفق بالحيوان:

يقول نور الدين كلباني 30 عاما.الطبيب البيطري الجراح في المستشفى "دورنا لا يقتصر على تقديم العلاج والرعاية والطعام فقط لهذه الحيوانات المسكينة، بل يمتد لتعليم اصحابها وتثقيفهم بكيفية الرفق بحيواناتهم"

ويضيف كلباني: "نبذل جهودا حثيثة لاقناع الناس بضرورة التعامل مع حيواناتهم بانسانية، انطلاقا من ان هذا الحمار او الحصان او البغل الذي خدمك على مدار السنوات وهو في عنفوان قوته دون ان يتأوه، من حقه عليك ان تهتم به في لحظات ضعفه ومرضه اواخر عمره".

المستشفى يحمل اسم "الملجأ الآمن للحمير في الاراضي المقدسة"، ويشرف عليه فريق من الاطباء البيطريين، بينهم الجراح كلباني، وهو جاهز باستمرار لاجراء العمليات الجراحية الاعتيادية والطارئة للحيوانات المريضة او المصابة بعد تخديرها موضعيا او كاملا حسب الحالة.

اطباء بيطريون يقومون ببرد اسنان فرس
اطباء بيطريون يقومون ببرد اسنان فرس

يضم المستشفى وهو مبنى متواضع اسطبلا نظيفا مرتبا تم تقسيمه الى 7 خانات تتسع كل واحدة منه لحيوان واحد، او اكثر عند الضرورة، وفيه عيادة صحية تشمل ادوية ومراهم مختلفة وحقنا وادوات اخرى كجهاز لبرد اسنان الحمير والخيول، واخرى لتقليم اظافرها، اضافة الى كتيبات ارشادية لتعليم اصول التعاون مع الحيوان والرفق به.

الفكرة جاءت من مضيفة طيران بريطانية.

وحسب كلباني فقد جاءت الفكرة من مضيفة طيران سابقة من بريطانيا تدعى "لوسي فينسوم". ويروي بان "فينسوم" لاحظت في احدى رحلاتها الى فلسطين (داخل الخط الاخضر) حمارا مصابا مهملا، فقررت اصطحابه معها الى بريطانيا، حيث اشرفت على علاجه، ومن ثم راودتها فكرة تأسيس جمعية اطلقت عليها اسم "الجمعية البريطانية لحماية وعناية الحمير الفلسطينية".

ويتابع: "بالفعل بدأت الجمعية عملها عام 2000، وفي البداية تم افتتاح مركز للعناية بالحمير والخيول داخل الخط الاخضر، ويضم الان نحو 180 حمارا وحصانا وبغلا غالبيتها يملكها فلسطينيون وقد تخلوا عنها لكبرها في السن او لمرضها او اصابتها".

ويضيف كلباني: "قبل عام تقريبا تم افتتاح هذا المستشفى في مدينة نابلس تحديدا، وذلك نظرا لوجود سوق مركزي للدواب في المدينة يخدم كل محافظات الضفة الغربية".

وحول التمويل، اوضح كلباني بان صاحبة الجمعية "لوسي فينسوم" تعتمد على ما تجمعه من تبرعات، وتصر على تقديم خدمات العلاج والرعاية مجانا لهذه الحيوانات.

خيول وحمير نزيلة في المستشفى
خيول وحمير نزيلة في المستشفى

بات المستشفى يستقبل عشرات الحالات اسبوعيا، كما يؤكد الاطباء العاملون فيه. ويقولون بان "هذا الكم من الحالات يعكس نجاحنا في تغيير نظرة المجتمع للحيوانات، واقتناع الافراد بضروة الاهتمام اكثر بها وعدم اهمالها في لحظات ضعفها".

في المستشفى الان هناك ثلاثة نزلاء مرضى، مهرة وفرس وأتان (انثى الحمار)، وهن موجودات فيما يشبه غرفة العناية المكثفة، حيث العلاج المكثف والرعاية التامة والطعام الملائم، الى جانب النظافة وحسن المعاملة.

ويشرح الطبيب البيطري المقيم في المركز، راكان السلعوس، عن الوضع الصحي لنزيلات المركز الثلاث، مشيرا الى ان المريضة الاولى هي المهرة "سلوى"، موضحا انها ضحية من ضحايا الاستيطان؛ فقد أفلتت من مالكها في قرية تل، جنوب مدينة نابلس، وهامت على وجهها الى ان علقت في سياج احدى المستوطنات القريبة، واصيبت بعدة جروح عميقة وصعبة، وهي تخضع منذ نحو عشرة ايام للعلاج وربما تحتاج الى اسبوعين اضافيين.

يشير راكان الى الحالة الثانية، موضحا انها " أتان طاعنة في السن، تخلى عنها صاحبها وهو من قرية قصرة جنوب نابلس بعد اصابتها بكسر في المفصل، وقد قمنا بايوائها ومعالجتها، واطلقنا عليها اسم "ميليسيا" (مجرد اسم) واكتشفنا خلال علاجها بانها حامل في شهرها التاسع، ونحن نوليها الرعاية التامة، وننتظر ان تضع مولودها بعد نحو شهرين او اكثر، ذاكرا بان فترة الحمل لدى الحمير تتراوح بين 9 - 12 شهرا".

اما الحالة الثالثة فهي فرس تعود لمواطن من قرية عراق التايه شرق مدينة نابلس. ويقول راكان بأن "مالك الفرس كان يربطها بطريقة خاطئة مما ادى الى التفاف الحبل حولها ووقوعها واصابة ساقها بالكسر، وهي الان قيد العلاج وتتحسن باستمرار".

ويروي الطبيب الجراح كلباني، قصصا كثيرة من الواقع تعكس، مدى تخلف المجتمع المحلي في التعامل مع الحمير والخيول وغيرها من الحيوانات، وعدم معالجتها في حال الاصابة والمرض، احيانا بسبب ارتفاع تكاليف العلاج، واحيانا اخرى بفعل عدم الاكتراث. ويقول ان قسما كبيرا من الحالات التي يتم استقبالها في المستشفى هي اصابات ناجمة عن الاستخدام الخاطيء للادوات كاللجام والرسن والبردعة والحبال، او بفعل الضرب المبرح للحمار او الحصان لاجباره على السير او العمل.

ويقول كلباني بان الفترة الاخيرة تشهد تناقصا في حجم التبرعات للجمعية الام، الامر الذي يحول دون تطوير المستشفى، مشيرا الى انهم لا يزالون بحاجة الى مختبر يمكنهم من اجراء بعض التحاليل للحيوانات المصابة او المريضة، اضافة الى جهاز تصوير اشعة خاص بالخيول، وبعض الادوات التي تساعدهم في العمل مثل رافعة "ونش" لحمل الخيول ووضعها على طاولة العمليات.

المصدر: القدس



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19