لم يكن ظهور الحديد فقط: أحداث كارثية عديدة ساهمت في نهاية العصر البرونزي
لم يكن ظهور الحديد فقط: أحداث كارثية عديدة ساهمت في نهاية العصر البرونزي

الأربعاء | 05/05/2021 - 10:07 صباحاً

يعيش الإنسان على الأرض منذ مئات آلاف السنين ويقوم بتطوير نظامه عليها كل يوم، وقبل الذكاء الاصطناعي ومواقع التواصل الاجتماعي وقبل أن يتحول العالم إلى قرية صغيرة، مرت البشرية بالكثير من العصور والحضارات التي كان لها إنجازات وإسهامات في التطور الذي وصلنا له اليوم، فهناك حضارات قديمة عاشت قبل آلاف السنين لكن أثرها لا يزال موجودًا حتى الآن مثل العصر البرونزي على سبيل المثال، لذا تابع معنا القراءة لتتعرف على أحد أهم الحقبات الزمنية على مر العصور وأسباب انهيارها.

 

العصر البرونزي

العصر البرونزي

 

سمي هذا العصر بالبرونزي بسبب شعبية استخدام البرونز، حيث اكتُشف المعدن وتم العمل به ثم حلت الأدوات والأسلحة البرونزية محل الأدوات الحجرية القديمة التي تم استخدامها في العصر الحجري.

وتشير الأدلة الأثرية إلى أن الانتقال من النحاس إلى البرونز حدث عام 3300 قبل الميلاد عندما تم اكتشاف البرونز الذي أدى إلى إنهاء العصر الحجري ودخول المجتمعات البشرية العديدة العصر البرونزي في أوقات مختلفة، فاليونان مثلا عمل بالبرونز عام 3000 قبل الميلاد بينما دخلت الجزر البريطانية العصر البرونزي عام 1900 قبل الميلاد والصين عام 1600 قبل الميلاد، وقد شهد تقدم الحضارة في كل مناطق البحر المتوسط، حيث يعد العصر البرونزي هو الفترة المعروفة بظهور التكنولوجيا البسيطة والثقافة واللغة والعمارة والأديان والفن والاقتصاد والسياسة والتجارة.

ويُعتبر العصر البرونزي هو المرحلة الثالثة في تطور الثقافة المادية بين الشعوب القديمة في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، ويعد السومريون القدماء هم أول من دخل العصر البرونزي في الشرق الأوسط، حيث حقق البشر هناك العديد من التطورات التقنية خلال العصر البرونزي بما في ذلك أنظمة الكتابة الأولى واختراع العجلة.

واستمر العصر البرونزي من حوالي 3300 إلى 1200 قبل الميلاد وانتهى فجأة بانهيار العديد من الحضارات المشهورة والتي تسمّى مرحلة انهيار العصر البروزنزي قبل بدء العصر الحديدي.

 

الحضارات التي عرفها العصر البرونزي

  • سومر: كانت سومر القديمة أول حضارة بدأت في إضافة القصدير إلى النحاس لصنع البرونز، وقد أقام السومريون حوالي اثنتي عشرة مدينة في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين، بما في ذلك أوريدو و أوروك في جنوب العراق الآن وذلك بحلول الألفية الرابعة قبل الميلاد.
  • بابل: برزت دولة بابل في العصر البرونزي عام 1900 قبل الميلاد، عاصمتها مدينة بابل وقد احتلها الأموريون في بداية ازدهارها.
  • آشور: كانت آشور قوة عسكرية سياسية كبرى في بلاد ما بين النهرين، حيث امتدت الإمبراطورية الآشورية من العراق الحديث في الشرق إلى تركيا في الغرب ومصر في الجنوب، كما حارب الآشوريون فراعنة مصر القديمة والإمبراطورية الحثية في تركيا في العديد من الحروب.

انهيار العصر البرونزي

انهيار العصر البرونزي

انتهى العصر البرونزي بشكل مفاجئ عام 1200 قبل الميلاد، وذلك عندما بدأ البشر في تشكيل معدن أقوى وهو الحديد لتكون نهاية هذا العصر وبداية العصر الحديدي، وانهيار العصر البرونزي هو مصطلح حديث يشير إلى تراجع وسقوط حضارات البحر الأبيض المتوسط ​​الرئيسية خلال القرنين الثالث عشر والثاني عشر قبل الميلاد، ما دفع العلماء لمناقشة السبب الدقيق لانهيار العصر البرونزي لأكثر من قرن مع تحديد تاريخ بدايته ونهايته.

على الرغم من تفاوت الآراء وعدم الإجماع على معلومات محددة، لكن الأحداث المؤكدة هي انقطاع العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين العديد من الحضارات التي سقطت، بالإضافة إلى اختفاء أنظمة الكتابة واضطراب العلاقات الاقتصادية وعدم الاستقرار السياسي وذلك بين 1250- 1150 قبل الميلاد، كما تأثّر الفن والعمارة ونوعية الحياة العامة بالمقارنة مع العصر البرونزي.

سقطت حضارات العصر البرونزي الرئيسية بما في ذلك اليونان الميسينية والإمبراطورية الحثية في تركيا ومصر القديمة في فترة قصيرة من الزمن ومفاجئة، كما تم التخلي عن المدن القديمة وفُقدت طرق التجارة المشهورة وانخفضت معرفة القراءة والكتابة في جميع أنحاء المنطقة، إلى أن أتى العصر الحديدي الذي كان فترة تحول وتطور مقارنةً بفترة الانهيار، حيث تم إعادة بناء الحضارات وتطويرها تدريجيًّا.

أسباب انهيار العصر البرونزي

افترض عالم الآثار الألماني هارالد كلاين أن هذه الإمبراطوريات لم تنهار لسبب واحد إنما بسبب سلسلة من الأحداث البشرية والطبيعية على حد سواء، والتي تضافرت لاندلاع العاصفة التي أنهت هذا العصر مثل:

تغير المناخ الذي تسبب في الجفاف والمجاعة

وُجدت أدلة تاريخية على حالات غير مسبوقة من المجاعة والجفاف خلال العقود الأولى من القرن الثاني عشر قبل الميلاد وفي السنوات الأخيرة من القرن الثالث عشر والتي يبدو أنها أثرت على المنطقة بأكملها، حيث أُجريت تحاليل على الحبوب في المناطق الساحلية في سوريا وقبرص وتحليل بيانات نظائر الأكسجين من الرواسب المعدنية في فلسطين بالإضافة إلى بيانات نظائر الكربون المستقرة في عينات الحبوب من بحيرة فولكاريا في غرب اليونان وجميعها تشير إلى أن الجفاف بدأ منذ 3200 عام والذي استمر حوالي 300 عام.

أدّى هذا التغيير في المناخ إلى المجاعة والهجرات البشرية وفشل المحاصيل، كما أن ندرة الموارد تسببت بمشاكل مثل العنف في الداخل والخارج، حيث أشارت النصوص والأدلة إلى أن أوغاريت سقطت بسبب الغزو الخارجي ولكن من الواضح أنها انهارت بسبب المجاعة.

الكوارث الطبيعية كالزلازل

دلّت العديد من الأبحاث الحديثة التي أجراها علماء الآثار على تعرّض الكثير من البلدان في تلك الحقبة إلى زلازل مدمرة مثل اليونان وشرق البحر الأبيض المتوسط بما في ذلك أوغاريت مع الكثير من مدن بحر إيجه، وهي سلسلة من الزلازل التي بدأت حوالي 1225 قبل الميلاد واستمرت أكثر من خمسين عامًا أي حتى 1175 قبل الميلاد، فعلى الرغم من وجود أدلة على تكرار عمليات إعادة البناء إلا أن الضرر قد تسبب في تعطيل التجارة والعلاقات الدبلوماسية على الأقل بشكل مؤقت.

التمردات الداخلية والحروب الطبقية

إن أحد أسباب دمار المدن الكنعانية أو المراكز الميسينية الفخمة التي تطورت في نهاية العصر البرونزي هي النزاعات الداخلية والحروب المحلية بين السكان والتي أدت إلى إضعاف هذه الحضارات، ففي عهد رمسيس الثالث (1186-1155 قبل الميلاد) سُجل أول إضراب عمالي في التاريخ عندما لم يتم تسليم المدفوعات لبناة المقابر في المدينة، كما انتشرت سرقة المقابر في هذا الوقت إضافة إلى غزوات شعوب البحر.

الصراعات والحروب الدولية

تُظهر الكتابات التاريخية جميع الصراعات والحروب بين الدول التي نشبت وانتهت بهزيمة أوانتصار، والمعاهدات التي تم عقدها وخرقها، والحظر الاقتصادي الذي فُرِض، وتدمير العلاقات الدبلوماسية التي نشأت، مما تسبب في ركود الاقتصاد في أواخر العصر البرونزي.

ازدهرت الإمبراطورية الحثية ووصلت إلى ذروتها خلال العصر البرونزي المتأخر بدءًا من القرن الخامس عشر واستمرت حتى العقود الأولى من القرن الثاني عشر قبل الميلاد، إلى أن ضعُفت شوكة الحيثيين الميتانيين وتدميرهم على يد الآشوريين في النهاية والذين لعبوا دورًا مهمًا في المنطقة بحلول عام 1207 قبل الميلاد لمدة مئتي عام، كما وسع الآشوريون إمبراطوريتهم غربًا وضموا جزءًا كبيرًا من الإمبراطورية الحيثية وتسببوا بانحدارها وذلك في الربع الأخير من القرن الثالث عشر.

أمراض وأوبئة

تظهر أدلة الحمض النووي الحديثة من الهياكل العظمية البشرية العائدة للعصر البرونزي علامات مبكرة على البكتيريا التي كانت سببًا في مرض الطاعون الذي انتشر في تلك الحقبة، حيث يعتقد علماء الوراثة أن جائحة الطاعون الرئوي تُفسر الهجرة الجماعية المفاجئة غربًا وشرقًا لشعوب اليامنايا من السهوب إلى آسيا الوسطى وأوروبا، وهناك سجلات عن الطاعون والهجرة مع أسرى الحرب من مصر إلى المنطقة الحثية في وسط الأناضول والتي تسببت في وفاة سوبليوليوما الأول في القرن الرابع عشر قبل الميلاد.

إن تشابه أسباب انهيار الحضارات بعد عام 1200 قبل الميلاد يجب أن تكون بمثابة تحذير لنا، فعالمنا ليس محمي ونحن أكثر عرضة للانهيار مما نعتقد، وفي الوقت نفسه يجب أن نكون شاكرين بسبب تقدّمنا التكنولوجي الذي مكننا من فهم ما يحدث من أجل اتخاذ خطوات لإصلاح الأشياء السلبية بدلاً من مجرد قبولها عند الحدوث.



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19