لقد أصبحت حقا الدولارات المجنونة لشركات التكنولوجيا الكبرى أشدّ جنونا.
وقد كتبت أنا وزملائي كثيرا عن المبيعات والأرباح والفورة غير المعقولة لعمالقة التكنولوجيا الخمسة في أميركا؛ "آبل" (Apple)، و"مايكروسوفت" (Microsoft)، و"غوغل" (Google)، و"أمازون" (Amazon)، و"فيسبوك" (Facebook). وقد يبدو ذلك كأنه مثل الأخبار القديمة؛ فعمالقة التكنولوجيا الخمسة أصبحوا كبارا وأغنياء لفترة طويلة، بل وأصبحوا أكثر من ذلك؛ لأن الناس والمنظمات أظهروا احتياجا لمنتجاتهم خلال وباء فيروس كورونا. نعم، نعم نحن نفهم ذلك.
لكن لا، نحن في الحقيقة لا نفهم ذلك؛ فلقد انطلق نجوم التكنولوجيا الأميركيون في طبقة أخرى من الفضاء الخارجي المختلفة تماما عن شركات أخرى ناجحة جدا أيضا في مجال التكنولوجيا وغيره.
اسمحوا لي أن أقدم لكم نبذة عن هذا الجنون:
أعلم أن الكثير من الأشياء الغريبة تحدث في الاقتصاد الأميركي بالوقت الحالي، ولكن لا يمكنني أن أشرح بشكل كافٍ كيف أن هذه الأرقام غير طبيعية من القوى العظمى في مجال التكنولوجيا؛ وربما لهذا السبب أراد بيزوس لمس الفضاء الخارجي؛ لقد تجاوز عمالقة التكنولوجيا الخمسة الكبار كوكب الأرض.
ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة من حجم ونطاق هذه الشركات؛ هو كيف أنها أصبحت في الغالب أكثر ربحية، وذلك في وقت كان يمكن -أو كان ينبغي- أن تتشكّل فيه ظروف اقتصادية تضر بأرباحها.
ما هو جلي أكثر من أي وقت مضى هو أن عمالقة التكنولوجيا الأميركيين قد شكلوا عالما منفصلا يكونون هم فيه الشمس، والجميع -أي مليارات البشر والشركات الأخرى والبلدان والحكومات بأكملها- مجرد كواكب تدور حولهم.
وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للدهشة من حجم ونطاق هذه الشركات؛ هو كيف أنها أصبحت -في الغالب- أكثر ربحية، وذلك في وقت كان يمكن -أو كان ينبغي- أن تتشكّل فيه ظروف اقتصادية تضر بأرباحها.
لقد شعرت بالحيرة لأن أمازون وآبل أظهرتا هوامش ربح أعلى من تلك التي حققتها لسنوات، ربما على الإطلاق. وحدث ذلك على الرغم من أن الوباء أجبر تلك الشركات على إعادة تنظيم المصانع والمستودعات، والتعامل مع الشحن العالمي المعطّل، والتزاحم للحصول على قطع الغيار التي تعاني من نقص في المعروض، وإنفاق ثروة كبيرة في الحفاظ على سلامة قواهما العاملة.
وكان من المفترض أن تؤدي هذه الفوضى والإنفاق غير المخطط له إلى جعل الشركات أقل ربحية، لا أكثر ربحية. (لقد أخافت شركة آبل المستثمرين قليلا بقولها -في آخر يوليو/تموز الماضي- إنها كانت تواجه مشكلة في الحصول على قطع الغيار التي تحتاجها للأشهر القليلة المقبلة).
إذن ماذا يعني كل هذا؟ حسنا، لسبب واحد، قد ينظر أعضاء الكونغرس أو المدعون العامون في الولايات إلى الأرقام ويسألون -كما تقول شركات التكنولوجيا الكبرى- عما إذا كانوا يواجهون منافسة شديدة ويمكن أن يموتوا في أية لحظة، إذ كيف يمكن أن تستمر هوامش الربح في الارتفاع هكذا؟
ويشير المنطق إلى أنه إذا كانت الشركات تجابه الكثير من المنافسين، فقد تضطر إلى خفض الأسعار، وبالتالي تتقلص هوامش الربح. فكيف إذن يحوّل فيسبوك كل دولار من الإيرادات -وكلها تقريبا من الإعلانات التي يبيعها- إلى 43 سنتا من الأرباح، وهو مستوى عال لا يمكن لمعظم الشركات إلا أن تحلم به فقط، وهو مستوى أعلى مما حققته فيسبوك قبل الوباء؟
لقد سألت مرارا وتكرارا في هذا المقال الدوري عما إذا كان عمالقة التكنولوجيا الخمسة الكبار في أميركا لا يُقهرون. ومع استمرار اتساع الهوة بين بالغي الثراء والنجومية بمجال التكنولوجيا وبين الممتازين وحسب؛ فلقد بدأت أعتقد أن الإجابة هي بالإيجاب.
المصدر : نيويورك تايمز
الفجر | 05:00 |
الظهر | 12:35 |
العصر | 04:06 |
المغرب | 06:47 |
العشاء | 08:10 |