يعتبر عنكبوت "جورو" (Jorō) -المعروف علميا باسم "تريكونيفيلا كلافاتا" (Trichonephila clavata)- من العناكب كبيرة الحجم وزاهية الألوان. وتعد اليابان الموطن الأصلي لهذا العنكبوت. كما أنه يستوطن مناطق أخرى في القارة الآسيوية مثل كوريا وتايوان والصين. وقد بدأ هذا العنكبوت في غزو جنوبي شرقي الأراضي الأميركية -وبالتحديد ولاية جورجيا- بين عامي 2013 و2014.

غازٍ سريع الانتشار

وعنكبوت جورو ليس من العناكب الخطيرة. ويتراوح حجم إناثه البالغات بين 17 و25 مليمترا، في حين يبلغ حجم الذكور البالغين 7 إلى 10 مليمترات. وعادة ما تكون أنيابها قصيرة بالقدر الذي لا يمكنها من اختراق جلد الإنسان.

غير أن الساحل الشرقي للولايات المتحدة مهدد الآن بغزو الكثير من هذه الفصيلة سريعة الانتشار. إذ أشارت دراسة بحثية حديثة نشرت في دورية "فيسيولوجيكال إنتومولوجي" (Physiological Entomology) إلى أن ذاك المخلوق المميز بلونيه الأسود والأصفر لن يواجه أي عائق يحول بينه وبين قدرته على الانتشار.

المعدل الأيضي المرتفع لعناكب جورو يسمح بنموها ونشاطها عند درجات الحرارة المنخفضة (غيتي)

وطبقا للتقرير الذي نشره موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فقد قارنت الدراسة بين هذا العنكبوت وعنكبوت غازي آخر يستوطن جورجيا، وهو عنكبوت الحرير الذهبي.

وقد أظهرت المقارنة أن العنكبوت جورو يتميز بمعدل أيض أسرع، ومعدل ضربات قلب أعلى ومقاومة أكثر للبرد. إضافة إلى ذك، فقد أظهر هذا العنكبوت جدارة في استعمار معظم المناطق في موطنه الأصلي اليابان، والتي تمتاز بمناخ مشابه لمناخ الولايات المتحدة، ويقع هذان البلدان على دوائر العرض نفسها تقريبا.

ووفقا للبيان الصحفي الذي نشرته جامعة جورجيا (University of Georgia) في الثالث من مارس/آذار الجاري، يقول عالم البيئة أندرو ديفيس قائد الدراسة إن "عائلة العنكبوت جورو قد تتمكن من غزو غالبية أنحاء الساحل الشرقي، وهو أمر متوقع للغاية".

وللوصول إلى هذه النتائج، اقتفى الباحثون أوجها عدة في مقارنتهم بين نوعي العناكب آنفة الذكر حتى يتمكنوا من تحديد قدرة عناكب جورو على الانتشار في الولايات المتحدة.

فيسيولوجية العنكبوت جورو تجعله أكثر مواءمة للبيئات الباردة (غيتي)

اختبارات مختلفة

في البداية، فحص الباحثون كمية الأكسجين التي تستهلكها العناكب لمعرفة معدل نشاطها الأيضي. وقد وجدوا أن النشاط الأيضي لعنكبوت جورو يعادل ضعف ما يقوم به عنكبوت الحرير الذهبي. وقد أشار الباحثون في ورقتهم البحثية إلى أن "هذا المعدل الأيضي المرتفع يسمح بنمو العناكب ونشاطها أثناء انخفاض درجات الحرارة".

ومن ثم قام الباحثون بتحليل معدل ضربات القلب لكلا النوعين من العناكب أثناء درجات الحرارة المنخفضة، وذلك بعد أن وضعت العناكب على الجليد لمدة 10 دقائق. إذ لاحظ الباحثون أن معدل ضربات القلب الخاصة بعنكبوت جورو كانت أعلى بنسبة 77% مقارنة بعنكبوت الحرير الذهبي. وهو ما يؤكد مرة أخرى على قدرة هذه العناكب على مواجهة البرد.

وأخيرا حدد الباحثون قدرة العناكب على مواجهة البرد. إذ وضعت العناكب في ثلاجة مُجمِدة، تتناقص فيها درجات الحرارة -تدريجيا- من 10 درجات مئوية حتى تصل إلى ما دون الصفر بقليل وذلك على مدى 15 دقيقة.

وقد لاحظ الباحثون أنه لم يمت أي عنكبوت ينتمي لعائلة جورو خلال هذا الاختبار، ولكن عانى بعضها من إصابات جراء البرد المطبق عليها. وعلى النقيض، فقد ماتت 4 من عناكب الحرير الذهبي، كما أصيب 6 آخرون جراء التعرض لتلك الظروف الباردة.

تتبع الباحثون خريطة انتشار عنكبوت جورو منذ العام 2015 حتى العام 2021 (غيتي)

ضيوف سريعو الانتشار

وقد تتبع الباحثون خريطة انتشار عنكبوت جورو منذ العام 2015 حتى عام 2021، ولاحظوا أن وتيرة انتشار هذه العناكب كانت سريعة.
إذ تمكن عنكبوت جورو من استيطان كل من كارولينا الشمالية والجنوبية وتينيسي وأوكلاهوما -إضافة إلى جورجيا- وذلك خلال بضع سنين. وبالمقارنة، فإن عنكبوت الحرير الذهبي ظل مستوطنا جنوب شرق الولايات المتحدة منذ أن وصل إليها من 160 عاما.

ومن خلال تلك الاختبارات الثلاثة ومعرفة الانتشار الجغرافي، خلص الباحثون إلى أن فيسيولوجية العنكبوت جورو تجعله أكثر مواءمة للبيئات الباردة مقارنة بنظيره الذي اقتصر وجوده على الجنوب الشرقي للولايات المتحدة. كما أشارت تجارب التجميد إلى أن عنكبوت الحرير الذهبي لم يستطع تحمل التجمد ولو لوقت قصير، وهو ما يختلف عن عنكبوت جورو.

ويشير الباحثون إلى أن عنكبوت جورو لم يأت برغبته إلى هذه البيئة الجديدة. إذ يعتقدون أن هذه العناكب قد وصلت من اليابان مخبأة في حاويات الشحن. ولذا، فإنها ضيوف طارئة على البيئة الأميركية.

المصدر : ساينس ألرت + مواقع إلكترونية