تاريخ أبرز الأسلحة التي غيَّرت العالم: من الرماح إلى «السماء التي تُمطر الموت»
تاريخ أبرز الأسلحة التي غيَّرت العالم: من الرماح إلى «السماء التي تُمطر الموت»

الجمعة | 18/03/2022 - 09:09 مساءً

تخيل لوهلة أنك إنسان كهف بدائي عاش قبل 300 إلى 400 ألف سنة قبل الميلاد، بلا أي حماية أو أسلحة، وأن أحد أكبر مخاوفك هو النجاة بحياتك وسط كائنات أقوى منك، وأن زئيرها وعواءها يصلك من وقت لآخر ليذكرك بمدى ضعفك وهشاشتك أمامها، أو ربما يذكرك بأنك أنت أو امرأتك أو أبناءك قد تكونون الفريسة القادمة لتلك الوحوش الضارية، علاوة على الآخرين من حولك، الذين لا تعرف نواياهم تجاهك؟

ألن تدفعك كل تلك الأخطار والمآزق للاستعانة بأداة تساعدك في تخطي كل هذه العقبات؟ هذا بالضبط ما فكر فيه أجدادنا الأوائل حين شرعوا في ابتكار أول الأسلحة، والذي كان نقطة تغير بارزة في مسار الحضارة الإنسانية، وتحول لاحقًا إلى أحد أكثر الابتكارات جدلًا في جدواه وأخلاقياته.

الرمح: النواة الأولى لصناعة جميع الأسلحة

ربما تطور الرمح من فكرة استعانة الإنسان البدائي الأول بالعصي وفروع الأشجار المدببة لإبعاد الحيوانات المفترسة وإخافتها، كان الرمح الأول هو أول تصميم بشري لعصا مثبت في طرفها جسم مدبب يمكنه اختراق أجساد الضواري، والذي مكَّن الإنسان أيضًا من تطوير مهارة أخرى؛ ألا وهي رمي الرمح عن بُعد لإصابة هدفه.

 

Embed from Getty Images

العديد من الدلائل العلمية والأحفورية تُعيد زمن ابتكار الإنسان أول رُمح في التاريخ لفترة تتراوح ما بين 200 إلى 500 ألف سنة قبل الميلاد، والذي يرجح العلماء أن ابتكار الرمح الأول، أول الأسلحة التي عرفها البشر، كان على يد إنسان هايدلبيرج (Homo heidelbergensis) الذي سبق الإنسان البدائي الأول (Neanderthal) والإنسان العاقل الأول (Homosapien)، وهو ما يعطي أبعادًا جديدة للسرد التاريخي لتطور البشر، إذ كان الرمح هو النواة الأولى لمبدأ وآلية عمل الأسلحة كلها لاحقًا؛ «المقذوف ذو الطرف المدبب»، وهو المبدأ الأساسي أيضًا لعمل مقذوفات وذخائر الأسلحة الحديثة مع اختلاف التكنولوجيا وتطورها بالطبع، وجدير بالذكر أن إحدى أولى الرياضات في التاريخ الإنساني كانت تتضمن مسابقات رمي الرمح، والتي يفوز بها من يستطيع قذف الرمح لأبعد مسافة ممكنة.

القوس والسهام: تطوير قدرة القذف

إذا تتبعنا رحلة الإنسان الأول الذي طوَّر الرُمح من أجل الصيد ومحاربة الضواري، سوف نجد أن اعتماديته على هذا السلاح مكَّنته من البقاء على قيد الحياة، وساعدته في التغلب على الكائنات الأقوى منه؛ لكن قدرات بعض الكائنات الأسرع، أو الأكثر قدرة على المراوغة، أو أكثرها خطورة، هو ما كان الحافز لتطوير قدرة السلاح الذي ابتكره؛ فبينما يساعد الرمح – عند قذفه – في مهاجمة حيوان بطيء أو غير آكل للحم كالأبقار والغزلان والثيران وغيرها، فهل سيجدي نفعًا مع سرعة النمور، وردات فعل الذئاب ووحشية الأسود؟ هنا كان على الإنسان الأول تطوير قدرة قذف السلاح عن بُعد لاتِّقاء اللقاءات القريبة مع تلك الضواري.

 

Embed from Getty Images

تعيد إحدى أحدث الدراسات ابتكار أول قوس وسهام إلى فترة تتراوح بين 32 إلى 64 ألف سنة قبل الميلاد، عندما اكتشفت إحدى بعثات التنقيب مجموعة من رؤوس السهام المصنوعة – 130 رأس سهم – من الأحجار وعظام بعض الحيوانات في أحد كهوف جنوب أفريقيا.

لاحقًا جرى تطوير الأقواس والسهام والتي انتشرت في كل أقطار الأرض تقريبًا، ودخلت في التراث الحربي في الحضارات القديمة مثل الصين وبلاد ما بين النهرين ومصر القديمة، وبالطبع تطور عن ابتكار القوس والسهم رياضة شائعة أخرى هي الرماية، والتي لا تزال رائجة حتى اليوم بعد أن اختفت الاستخدامات الأخرى للقوس والسهم.

السيوف والخناجر والفؤوس: أسلحة للقتل فقط

بعدما تطور الإنسان القديم، واكتشفت الزراعة وأقيمت الحضارات بأشكالها القديمة المعروفة، تخلص الإنسان من أبرز المخاطر والمصاعب التي واجهته قديمًا مثل الحصول على الغذاء عن طريق الصيد، أو الخوف من الضواري – بعدما بنى بيوتًا محصنة – وهنا انتقل تفكير البشر في الخطورة التي لا تزال أحد أهم معضلات البشرية حتى اليوم؛ ألا وهي الإنسان في مواجهة الإنسان.

سواء كانت تلك المواجهات بين البشر عدوانية أم دفاعية؛ فقد كان ولا بد على الإنسان أن يبتكر سلاحًا يعتمد كُلية على «تهديد» الإنسان الآخر في حال حدوث مواجهة مباشرة بينهما، وهو ما قد يكون السبب في الابتكار الذي جاء به الإنسان من أجل هدف واحد فقط: القتل عند المواجهة.

 

Embed from Getty Images

كان الظهور الأول للسيوف في التاريخ مع ازدياد الصراعات الإنسانية وطموح الاتساع، وهو ما يتزامن مع بدايات الحقبة البرونزية  – نحو 3000 عام قبل الحقبة العامة- وظهر في عدة مواقع في العالم كان أبرزها مصر القديمة في شكل سلاح مميز عُرف باسم «الخوبيش» المصري – مزيج بين الفأس والسيف – وكان حكرًا في البداية على كبار رجال الدولة والجيش – هو والخناجر – ثم انتشر لاحقًا في أغلب أرجاء حضارات البحر المتوسط، وازدهر في أيام الإمبراطورية الرومانية، وتغيرت مواد صنعه من البرونز إلى الحديد، بعدما أثبتت قدرته الفائقة ونصله الحاد على إلحاق الأذى بالبشر وقتلهم بشكل مخيف، وهو ما أدى إلى نشوب الحروب البشرية التي لم تتوقف حتى يومنا هذا.

البارود: أبو الدمار العالمي

في القرن التاسع الميلادي تقريبًا مزج مجموعة من الرهبان الصينيين المهتمين بعلم الخيمياء – بعض المصادر تقول إن الابتكار جاء مصادفة – بعض مسحوق الفحم مع الكبريت مع الملح الصخري «نترات البوتاسيوم»، فوُلد مسحوق الدمار المتفجر الشهير: البارود.

ومن ذلك الحين تغيرت قواعد الحروب تمامًا، وللأسف من السيئ إلى الأسوأ. فقد أثار هذا الاختراع المتفجر دهشة الصينيين القدماء واهتمامهم، ودفع بعض الخبراء ورجال الجيش الإمبراطوري في عهد أسرة «سونج» إلى توظيف هذا الابتكار في صنع أول سلاح ناري قاذف في التاريخ.

 

Embed from Getty Images

وفي حربهم ضد المغول ابتكر الصينيون الرمح الناري، الذي كان عبارة عن رُمح متوسط الحجم يوضع في أنبوب معمَّر بالبارود، ومن ثم يُشعل البارود لقذف الرمح نحو الجنود المغول الذين تسلحوا والسيوف والفؤوس والأقواس، وهو ما رجَّح كفة الصينيين في النهاية.

بعدها انتقل البارود عبر طرق التجارة إلى الشرق الأوسط، ثم العالم، وجرى تطوير العديد من الأشكال التي اعتمدت على التقنية نفسها مع تغيير المقذوف، فظهرت أشكال عرفت في المنطقة العربية والشرق الأوسط بأسماء مختلفة مثل «الغدَّارة» أو «القربينة» و«البارودة»، وعرفت في العالم الغربي بأسماء مثل (Musket) أو (flintlock rifle) أو (matchlock gun)، والتي كانت أنوية تطور المُسدسات والبنادق الآلية والنصف آلية والفردية في عصرنا الحالي.

وهو ما يخبرنا كيف تحول أول أشكال الأسلحة النارية في التاريخ إلى أبرز أداة قتل، والتي انتقلت من شكل إلى آخر عبر الأزمان لتصبح أداة القتل الأولى في حروب وجرائم وأجهزة الأمن في العالم إلى اليوم.

الطيران العسكري: السماء تمطر موتًا

في عام 1909، احتفى الأمريكيون والعالم أجمع بأول محاولة طيران ناجحة قام بها الأخوان «رايت»، إذ أصبح حلم الإنسان الممتد منذ قرون طويلة بالطيران جوار الطيور واقعًا ملموسًا يمكن تحقيقه، وبينما رأى البعض هذا الحلم خطوة تمثل قفزة هائلة في التقدم الإنساني؛ رأى البعض الآخر هذه الخطوة من زاوية أخرى؛ فماذا لو حلقت هذه الطيور الحديدية المرعبة فوق الأعداء وأسقطت عليهم المتفجرات والقنابل؟

 

Embed from Getty Images

من إجابة هذا السؤال ولد الطيران العسكري لأول مرة عام 1911 عندما قام أحد الطيارين الإيطاليين أثناء الحرب العثمانية الإيطالية، بالطيران عبر البحر المتوسط بطائرة ذات محرك واحد  شبيهة بنموذج الأخوان رايت، وأسقط القنابل على بعض مواقع الجيش العثماني في ليبيا.

بعدها استخدمت كلٌّ من ألمانيا وبريطانيا الطائرات في المعارك بعد إلحاق مخازن للقنابل بها ودعائم لتثبيت المدافع الرشاشة، وانتشر استخدامها في الحرب العالمية الأولى، وهو الأمر الذي كان نقلة نوعية للحروب من فسيح الأرض إلى عنان السماء، ولم يهدأ العالم بعدها لحظة؛ إذ صار في كل جيوش العالم سلاح مخصص للطائرات الحربية، وتسابقت دول العالم – حتى الآن – على الريادة في ابتكار أقوى الطائرات القاتلة؛ والتي انتهت بابتكار الإنسان للطائرات المُسيرة العسكرية «الدرونز» التي أصبحت الآن أداة بحتة للتدمير في الحروب الحديثة وتخلو حتى من المخاطرة بحياة قائدها، وهو ما كان العنصر الأكثر أهمية في عالم الطيران الحربي قبل ظهورها.

 

المصدر: ساسة بوست  ؤر



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:10
الظهر 11:44
العصر 03:15
المغرب 05:56
العشاء 07:19