نشر موقع «هاو ستاف ووركس (HowStuffWorks)» مقالًا لفاليري ستيماك، كاتبة ومدوِّنة سفر وتدير عدة مواقع للسفر والسياحة الفضائية، حول حدوث ما يعرف بظاهرة نبض الأرض، والتي تشبه نبضات القلب، وتحدث كل 27.5 مليون سنة، وهي الأحداث التي رافقت عمليات الانقراض الجماعي الكبرى في تاريخ الكوكب.

في مطلع مقالها تقول الكاتبة قد يبدو كما لو كان الجيولوجيون يدرسون فقط مجموعة من الصخور القديمة – وأحيانًا أقدم الصخور على الإطلاق. والحقيقة هي أن باحثي علوم الأرض ينظرون إلى السجل الجيولوجي لكوكبنا لفهم كيف وصلنا إلى هنا، وما الذي يمكن أن نتوقعه بعد ذلك للحياة على الأرض.

وفي دراسة نُشرت في مجلة جيوساينس فرونتيرز (Geoscience Frontiers) في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، ساعد باحثون من نيويورك وكاليفورنيا في تحديد حقيقة مهمة عن كوكبنا لها تداعيات هائلة علينا: للأرض «نبض» أو قِمَم منتظمة من النشاط الجيولوجي. لقد حددوا النبض جزئيًّا من خلال النظر إلى الانقراض الجماعي، وهو أمر من الواضح أننا نريد أن نعرف عنه؛ لأن هذا هو الكوكب الوحيد الذي يسمِّيه جنسنا حاليًا موطنًا.

أخذ نبض الأرض

تشير الكاتبة إلى أن نتائج هذه الدراسة ليست جديدة في الواقع – إنها مجرد قياس أكثر تحديدًا يحاول الإجابة على سؤال كان الباحثون يطرحونه منذ ما يقرب من قرن. وفي هذه الدراسة الجديدة، استخدم الباحثون أحدث تكنولوجيا لتحليل 89 حدثًا جيولوجيًّا في الـ260 مليون سنة الماضية من تاريخ الأرض، مستخدمين تقنية إحصائية تسمى «تحليل فورييه» لتحديد هل هناك أي نمط في تكرار البيانات وثباتها أم لا.

وعند معالجة جميع الأرقام، اتَّضح أن هناك نمطًا، ويقع بالضبط ضمن النطاق الذي اقترحه الباحثون السابقون. وعبر تلك الأحداث الـ89 – والتي كتب المؤلفون أنها تضمَّنت «الانقراضات البحرية وغير البحرية، وأحداث نقص الأكسجين في المحيطات، وتذبذبات مستوى سطح البحر، وثورات بازلت الفيضانات القارية، (وكذلك) نبضات الصهارة داخل الصفائح»، وجدوا 10 مجموعات من البيانات. وحدثت هذه الأحداث الجيولوجية كل 27.5 مليون سنة تقريبًا.

وأشارت الأبحاث السابقة إلى أن كل نبضة للأرض يفصل بينها وبين النبضة الأخرى ما يتراوح بين 26.4 إلى 30 مليون سنة. وهذه الدراسة تُضيِّق ذلك الفاصل الزمني أكثر.

نبض الأرض.. لم تزل الأسباب مجهولة

تقول الكاتبة: وفي حين أنه من الرائع بالتأكيد وجود نقطة بيانات أخرى تشير إلى وجود إيقاع ثابت لدورات النشاط – والحياة – على الأرض، فإن الباحثين في هذه الدراسة ليسوا أقرب كثيرًا إلى فهم سبب وجود نبض للأرض.

ومع ذلك يقترح مؤلفو الدراسة بعض الأفكار، حيث يقترح أحدهم أن القوى الداخلية داخل الأرض وعليها (نشاط الصهارة والنشاط التكتوني وتغيُّر المناخ) قد تفسر النمط الدوري. وتشير أفكار أخرى إلى تغييرات ثابتة في الدورات المدارية للأرض، وإلى حقيقة أن نظامنا الشمسي لديه أيضًا حركة دورية داخل مجرة ​​درب التبانة كل 30 مليون سنة تقريبًا.

وبغض النظر عن السبب تشير هذه الدراسة إلى أن البيانات قاطعة: كل 27.5 مليون سنة، يمكننا أن نتوقع ارتفاعًا في النشاط الجيولوجي الذي غالبًا ما يؤدي إلى الانقراض الجماعي.

النبضة التالية قادمة في نهاية المطاف

تنصح الكاتبة قائلةً: لا ينبغي أن يسيطر عليك الخوف، لأن 27.5 مليون سنة هي فترة طويلة جدًّا أمام البشرية. وعلى مقياس تاريخ الكواكب، هذا الإطار الزمني قصير، لكن يُعتقد أن وجود الإنسان العاقل (homo sapiens) بوصفه نوعًا يعيش على الأرض يبلغ حوالي 200 ألف سنة عام فقط – وهذا أقل من 1٪ من كل نبضة.

ونحن الآن بين النبضات: تقترح الدراسة أن النبضة التالية ستكون بعد حوالي 20 مليون سنة في المستقبل. ولمزيدٍ من التوضيح، بينما انقرضت الديناصورات منذ ما يقرب من 65 مليون سنة، كانت الحيوانات الحديثة المعروفة مثل الدببة، والغربان، والحيتان، آخذة في الظهور على الجدول الزمني التطوري قبل 20 مليون سنة.

عن المادة المظلمة

تشير إحدى النظريات لشرح نبض الأرض إلى أنه قد يكون له علاقة بالمادة المظلمة في الكون. وأشار العديد من الباحثين إلى أن المادة المظلمة المتزايدة قد تكون مسؤولة عن زيادة النشاط الفلكي مثل النيازك والكويكبات، وكذلك النشاط البركاني على الأرض. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أحداث انقراض جماعي كتلك التي خضعت للقياس في الدراسة – على الرغم من أن العلماء لا يزال لديهم الكثير لتعلمه عن المادة المظلمة قبل أن يتمكنوا من البدء في تحديد هل كان هذا سببًا منطقيَّا للنبض على كوكبنا أم لا، بحسب ما تختم الكاتبة.