كيف واجه المصريون القدماء التغيرات المناخية؟
كيف واجه المصريون القدماء التغيرات المناخية؟

السبت | 19/11/2022 - 08:00 مساءً

قبل آلاف السنين واجه العالم تداعيات تغيرات مناخية، وهو ما انتبه إليه المصريون القدماء محاولين التعامل مع بيئتهم المهددة، بآليات مناسبة لعصرهم.

وخلال مباحثات قمة المناخ "كوب 27" (COP27) المنعقدة حاليا في مدينة شرم الشيخ المصرية، قالت رئيس جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، مينوش شفيق، إن العالم شهد تغيرات مناخية قبل 3 آلاف عام بسبب انفجارات بركانية أدت للجفاف والمجاعات التي أسفرت بالتبعية عن اضطرابات سياسية تأثرت بها مصر القديمة.

 

وأوضحت أن الفراعنة -تحديدا في العصر البطلمي- بذلوا جهدا كبيرا للتكيف مع التغيرات المناخية مثل التحرك لأرض خصبة ومنح إعفاءات ضريبية للسكان، مؤكدة أن جهودهم كان لها أثر إيجابي لما يزيد عن 5 عقود لاحقة. وتابعت "الفارق بين عالمنا ومصر القديمة أننا اليوم السبب في التغير المناخي ونمتلك الأدوات لمواجهة تغير المناخ".

يحترمون الأرض

"كانوا يحترمون كوكب الأرض" هكذا وصف المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون المناخ، جون كيري، المصريين القدماء حيال تعاملهم مع بيئتهم قبل آلاف السنين.

ودعا كيري -خلال كلمة ألقاها في الجامعة الأميركية بالقاهرة، في فبراير/ِشباط الماضي- للاقتداء بالمصري القديم في حماية المناخ، محذرا من خطر داهم حال تجاهل التغيرات المناخية التي تحدث لكوكب الأرض.

وأردف "في العالم القديم كان هناك شروق الشمس وكان يوجد الإله رع عند المصريين.. إله الشمس.. وكانوا يحترمونه جدا، واليوم على العلماء في العالم كله أن يقوموا بما قام به المصريون القدماء بشأن حماية المناخ".

تصحر وهجرة

وفي يناير/كانون الثاني 2021، أظهرت دراسة علمية أعدها أكاديميون بجامعة بازل السويسرية، حول تأثير التغيرات المناخية على مصر القديمة، أن البيئة المتغيرة تسببت في عدم هطول الأمطار مما أدى إلى هجرات وزوال مستوطنات بأكملها خلال العهد الروماني.

ومن بين الأماكن التي هجرها المصري القديم بسبب التغير المناخي منطقة الفيوم، جنوب غرب القاهرة، بعد أن كانت تعد سلة خبز الإمبراطورية الرومانية حينئذ، حسبما أفادت الدراسة.

مقابر رومانية في أسوان (الجزيرة)

وأوضحت أن مشاكل الري في الحقول كانت هي السبب في هذه الهجرات، مشيرة إلى محاولات المزارعين المحليين لتكييف حقولهم مع الجفاف والتصحر عبر تغيير ممارساتهم الزراعية.

ومن تلك الممارسات أنهم تحولوا إلى زراعة الكروم بدلا من الحبوب، وتربية الأغنام بدلا من الأبقار. وطالب المزارعون السلطات الرومانية بالإعفاء الضريبي "وأدت تلك الإستراتيجيات التكيفية للمزارعين إلى تأخير موت قراهم لعدة عقود".

وقالت أستاذة التاريخ القديم المؤلفة الرئيسية للدراسة، سابين هوبنر، إن البيانات المناخية لتلك الفترة توضح ضعف هطول الأمطار الموسمية على منابع النيل في المرتفعات الإثيوبية بشكل مفاجئ ودائم، مما أدى إلى انخفاض منسوب المياه المرتفعة للنهر في الصيف.

وأردفت "تم العثور على أدلة تدعم ذلك في الرواسب الجيولوجية من دلتا النيل والفيوم والمرتفعات الإثيوبية، والتي توفر بيانات مناخية طويلة الأجل عن الرياح الموسمية ومستوى مياه النيل".

وترجح الدراسة حدوث انفجار بركاني استوائي قوي حوالي عام 266، وهو ما أدى العام التالي إلى فيضان نهر النيل إلى مستوى أقل من المتوسط.

وقد تؤدي الانفجارات الكبرى من رواسب حامض الكبريتيك إلى تبريد المناخ عبر الجزئيات المتساقطة بالغلاف الجوي الطبقي، مما يؤدي إلى تعطيل نظام الرياح الموسمية.

معبد كلابشة أسوان حيث سجل الفراعنة المجاعة على الجداريات (الجزيرة)

مواجهة التغيرات

من جهته أكد عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، بسام الشماع، أن المصري القديم رصد ووثق كتابًة ونقش على جدران المعابد التغيرات المناخية منذ آلاف السنين.

وأوضح -في تصريحات للجزيرة نت- أن المصريين القدماء رصدوا كثيرا من الظواهر الطبيعية مثل الخسوف والكسوف والعواصف واتجاهات الريح وحركة الأجرام السماوية، مضيفا أنهم أطلقوا على الكواكب مصطلح "النجوم التي لا تهدأ" في إشارة إلى حركتها الدائمة.

ولفت الشماع إلى اختراع مصري يرجع تاريخه إلى نحو 14 ألف سنة، يستهدف الكشف عن التقويم الشمسي والتنبؤ بحالة الطقس، قائلا "حدد هذا الاختراع مكان الشمس أول يوم من أيام موسم الفيضان".

وتطرق الخبير الأثري إلى ما ورد في بردية الكاهن نفرتي، قبل 4 آلاف سنة، من رصد لظواهر وتغيرات مناخية، وجاء بها "إن البشر لن يستطيعوا الحياة عندما تحلق الغيوم العاصفة، والكل مذهول من غياب الشمس.. الرياح الجنوبية تصطدم بالرياح الشمالية ولن يكون هناك نسمة واحدة.. النهر في مصر فارغ والمياه يمكن اجتيازها على الأقدام".

وأكد أن كثيرا من جدران المعابد والمقابر وثقت فترات الجفاف والمجاعة التي عاصرها المصري القديم، مثل تلك المنقوشة على الممر المؤدي إلى هرم ونيس بمنطقة سقارة بالجيزة.

وكانت لدى المصري القديم عدة سبل لمواجهة التغيرات المناخية، وفق تأكيد الشماع، حيث لجأ إلى حفر الآبار للبحث عن المياه أوقات غياب الفيضان، وخصص أماكن لتخزين الحبوب والغلال وتسمى "الشونة".

واستطرد "وكانت الطبقة الحاكمة لديها طريقتها الخاصة لمواجهة التغيرات المناخية حيث رفضت فرض الضرائب على المواطنين أوقات غياب الفيضان".

ومن ضمن طرق مواجهة التغيرات المناخية ما نقلته صحيفة نيوزويك Newsweek الأميركية عن علماء آثار حيث اتجه الفراعنة إلى تربية أبقار أكثر صلابة وأكثر ملاءمة للبقاء على قيد الحياة في المناخ القاسي.

المصريون القدماء واجهوا التغيرات المناخية بطرق عدة ( الجزيرة)

الحفاظ على البيئة

خلال إحدى الجلسات النقاشية بقمة المناخ "كوب 27" أشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، إلى دور المصري القديم في الحفاظ على البيئة، مؤكدا أن الحفائر الأثرية أثبتت حرصه على زراعة الكثير من الأشجار خاصة في مواقع صهر المعادن.

وأضاف أن المصري القديم أول من صمم مخرات للسيول لحماية المعابد والمقابر، وأنشأ السدود في مواجهة الفيضانات.

وتعامل الفراعنة بتقديس كبير لنهر النيل، ففي كتاب الموتى يعترف المصري "لم أمنع الماء في موسمه، لم أقم عائقا أمام الماء المتدفق".

بل وارتبط عدد من آلهة الفراعنة بالنيل وأشهرهم الإله "حعبي" الذي مثل فيضان النيل سنويا، كما تضمن قانون ماعت -عبارة عن 42 اعترافا يتلوه الميت خلال محاكمته في العالم السفلي- إنكار المصري لتلويث ماء النهر.

المصدر : الأهرام المصرية + الجزيرة + مواقع إلكترونية + نيوزويك



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:34
الظهر 12:38
العصر 04:17
المغرب 07:14
العشاء 08:42