"على العالم الاستعداد لموجات حر أكثر شدة".. هذا التحذير الذي صدر اليوم عن الأمم المتحدة هو أحدث التحذيرات التي تتوالى منذ أيام بشأن خطر موجة الحر التي تضرب أنحاء مختلفة من العالم وترافقها حرائق وفيضانات تسببت في العديد من الوفيات وإجلاء آلاف السكان من منازلهم، بالإضافة إلى الضغط على شبكات المياه والكهرباء.
ويعود ارتفاع درجات الحرارة القياسي إلى ظاهرة القبة الحرارية التي تحدث في طبقات الجو العليا (الستراتوسفير) حيث تكون درجات الحرارة متدنية، في الوقت الذي تكون فيه درجات الحرارة مرتفعة في طبقات الجو الدنيا المعروفة بالتروبوسفير.
وأمس الاثنين، قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن من المتوقع أن تشتد موجة الحر على منطقة البحر المتوسط بحلول منتصف الأسبوع الجاري، ومن المرجح أن تستمر هذه الموجة حتى أغسطس/ آب في بعض الأماكن.
وفي إطار رصدها لتطورات القبة الحرارية في التقرير التالي موجة الحر في 4 دول عربية أصدرت سلطاتها تحذيرات بعد أن رصدت درجات قياسية:
أطفال يلعبون في نافورة مياه خلال موجة حر في تونس العاصمة (رويترز)
تشهد تونس موجة حر قياسية للأسبوع الثاني على التوالي، حيث وصلت درجات الحرارة في العاصمة تونس المحاذية للبحر 49 درجة.
وقال خبير الأرصاد الجوية حمدي حشاد إن موجة الحر في تونس لا يمكن فهمها بمعزل عما يجري من حرارة في العالم.
وأوضح أن درجات الحرارة في المناطق المحاذية للبحر المتوسط ارتفعت 5 درجات فوق المعتاد عما كانت عليه الحرارة في المواسم الماضية.
ورغم أن حرارة الطقس في تونس لم تكسر الرقم القياسي السابق البالغ 51.7 درجة، فإن حشاد يتوقع أن تتصاعد موجة الحر في الفترة المقبلة.
ويرجع خبير الأرصاد الجوية ارتفاع الحرارة في تونس إلى وقوعها تحت ما يسمى القبة الحرارية، مشيرا في الوقت نفسه إلى وقوع مياه المحيط الأطلسي والبحر المتوسط تحت تأثير المد الحراري البحري.
وحول تداعيات موجة الحر في تونس، يشير حشاد إلى أنه لا توجد إحصاءات حول عدد الوفيات الناجمة عن ارتفاع الحرارة رغم توافد الكثير من كبار السن على المستشفيات.
من جهة أخرى، يوضح خبير الأرصاد الجوية أن ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي ستكون له تداعيات مكلفة على الموازنة بسبب ارتفاع استهلاك الكهرباء، وسيتسبب في تنامي الطلب على المياه، لا سيما أن تونس تعيش أزمة مائية تفاقمت بسبب الجفاف.
يقع لبنان تحت تأثير موجة الحر الشديدة التي تجتاح العالم، ومنذ نحو 3 أيام، يسجل ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة، يتجاوز المعدلات الطبيعية، حيث وصلت لنحو 35 درجة مع انخفاض في الرطوبة.
ولعل أبرز النتائج التي ترتبت على موجة الحر، هي تعزيز العوامل المؤدية إلى تمدد الحرائق في المناطق الحرجية الجبلية والخضراء، علما أن الأحراج والغابات تشكل نحو 23% من مساحة لبنان.
وعلى مدار أيام، شهدت مناطق حرجية في محافظة عكار شمال لبنان حرائق واسعة، وكان أبرزها في منطقة "وادي جهنم".
وفي مناطق أخرى، تسببت الحرائق بالتهام العشرات من هكتارات المساحات الخضراء. وقد دفع ذلك الجيش اللبناني إلى التدخل عبر طوافاته مع فرق الإطفاء، خصوصا أن بعض الحرائق وقعت في منحدرات ومناطق وعرة، وتسببت بتآكل كميات كبيرة من أوراق أشجار الشوح والأرز، وحولت أجزاء من إحدى الغابات إلى رماد.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح لبنان يشهد مع كل موجة ارتفاع بدرجات الحرارة تمددا هائلا بالحرائق، مما تسبب بخسائر فادحة في ثروته الطبيعية.
وبحسب بيان وزارة البيئة اللبنانية قبل يومين، "يتعرض لبنان كسائر البلدان في المنطقة إلى موجة طقس حارة وجافة، مما يفاقم أكثر خطر اندلاع الحرائق في الغابات والأراضي العشبية والزراعية".
كذلك حذرت مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة اللبنانية، قبل أيام، من موجة الحر الشديدة، ومما قاله رئيسها ميشال أفرام: "هناك تخوف من الوصول لحالة من الجفاف سينعكس سلبا على القطاع الزراعي وعلى المواشي".
يقول مدير موقع طقس لبنان جو القارح، إن ما يشهده العالم عموما، وكذلك لبنان، هو نتيجة لحالة الاحتباس الحراري، ولأن الأرض لا تبرد نفسها كالسابق.
ويقول القارح إن ما نعيشه حاليا يسمى بحالة "التطرف بالمناخ"، علما بأن موجة الحر الحالية في لبنان مثلا، ليست استثنائية بحدتها مقارنة مع السنوات السابقة، حيث كانت تصل لأكثر من ذلك بنحو 4 درجات بالفترات عينها.
أما الظاهرة المستجدة في لبنان، بحسب القارح، فهي ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة على المرتفعات في الجبال بأكثر من معدلاتها الموسمية، وتصل بصورة استثنائية في بعض الجبال إلى نحو 35 درجة.
كذلك، شهد الأردن ارتفاعا كبيرا في درجات الحرارة منذ يوم الأربعاء الماضي، إذ وصلت درجة الحرارة في العاصمة عمان إلى 39 درجة مئوية، في حين سجلت أعلى درجة حرارة في المملكة في منطقة غور الصافي وبلغت أكثر من 46 درجة مئوية، وبدأت الموجة بالانحسار نسبياً منذ مساء الاثنين.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال المدير العام للأرصاد الجوية الأردنية رائد آل خطاب إن شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب هما الأشد حرارة في الأردن، حيث تشهد الملكة فيهما تأثراً بالموجات الحارة، وتعد هذه الموجة هي الأولى، ومن المتوقع بحسب المؤشرات وجود موجات أخرى خلال الفترة القادمة، حسب قوله.
وتزامنت هذه الموجة في الأردن مع امتحانات الثانوية العامة، فقد تم تزويد الطلبة في قاعات الامتحان بالمياه، في حين قال آل خطاب للجزيرة نت إن دائرة الأرصاد وجهت نصائح للمواطنين بالإكثار من شرب السوائل وعدم التعرض المباشر لأشعة الشمس، وارتداء الملابس الخفيفة والقبعات، خاصة طلبة الثانوية.
كما دعت الأرصاد الجوية المواطنين لعدم إشعال النيران في الغابات والمناطق العامة لتفادي اشتعال الحرائق التي تتمدد بسرعة في مثل هذه الأجواء.
وقد شهدت غابات في مدينتي عجلون وجرش شمال المملكة حرائق واسعة امتدت لأكثر من ألف دونم خلال هذه الموجة، حيث تم الاستعانة بالطائرات وحوالي 178 طنا من المياه للسيطرة عليها.
الجزائر سجلت درجات حرارة هي الأعلى في تاريخها (الفرنسية)
وفي الجزائر، توالت التحذيرات من عدد من الوزارات والهيئات الرسمية التي رفعت درجة التأهب للقصوى، في ظل ارتفاع الحرارة لدرجات قياسية لم تشهدها البلاد سابقا.
وتقول الخبيرة في مجال البيئة والتغيرات المناخية بسمة بلبجاوي إن الجزائر "سجلت درجات تتعدى 60 درجة في مناطق الجنوب، حسبما أعلنه مركز الأرصاد الجوي بالبلاد".
وكان موقع Eldoradoweather قد نشر أسماء 5 ولايات جزائرية ضمن قائمة المناطق الأكثر ارتفاعا لدرجة الحرارة بالعالم.
وترجع بلبجاوي بلوغ درجة الحرارة في المناطق الشمالية خلال الأسبوع الماضي مستوى يتجاوز 51 درجة مئوية إلى "الضغط الجوي المنخفض مما أدى لتشكل قبة حرارية".
وتوقعت أن تتواصل درجات الحرارة في الارتفاع في الفترة المقبلة، معتبرة أن حالة الطقس المسجلة بالبلاد خلال سنة 2023 هي الأعلى في تاريخ الجزائر.
تقول بلبجاوي "حسب الدراسات بالجزائر نحن نشهد زيادة في معدلات الحرارة بنسبة 2 درجة مئوية، في الوقت الذي يتحدّث فيه العالم عن زيادة 1.5″، وتواصل "نحن نعيش هجرة مناخية داخلية
المصدر : الجزيرة
الفجر | 05:16 |
الظهر | 12:27 |
العصر | 03:47 |
المغرب | 06:17 |
العشاء | 07:38 |