طقس فلسطين - م.محمد موفق جانم : كثيرة هي متغيرات المناخ التي تتحكم _بإذن الله عز وجل_ في رحب المناخ الواسع ، ولعلّ ما توصّل اليه العلم الحديث لم يصل الى نقطة تحصر فيها هذه المؤشرات المناخية ، ولو أنه حدد كثيراً منها ، وأثبتت الدراسات دقتها وارتباط النشاط الجوي المباشر بها ، لكن نعيد القول أنه لم يتم الوصول الى نظريات ثابتة بخصوص هذا الشأن .
ولعل أحد أهم هذه المؤشرات المناخية هو ما يعرف بتذبذب القطب الشمالي ( AO index ) ، وقد ثبت تأثيره المباشر على مناخ بلاد الشام في السنين الماضية ، كما تبث ارتباطه عن طريق دراسة الأرشيف الماضي ، وبكل الأحوال يعتبر هذا المؤشر مرتبطاً بغيره من المؤشرات التي لها ارتباط بمناخ فلسطين وبلاد الشام مثل تذبذب شمال الأطلسي ( NAO - North Atlantic Oscillation ) وما يعرف بظاهرة النينو ( ولو أن هناك جدلاً في ارتباطها بمناخنا ) وتذبذب المحيط الهندي وارتباطه بمنخفض البحر الأحمر الغني عن التعريف وغير ذلك الكثير من المؤشرات الهامة والتي لا يتسع المجال لذكرها ، وفوق كل ذلك كله هناك العامل الاكبر وهو النشاط الشمسي وما يرتبط به من نشاط البقع الشمسية ، والتي قد تكون السبب المباشر في تذبذب المؤشرات المناخية ، ولعل العلم الحديث "يفرز" مزيداً من هذه المؤشرات التي تعد نقطة الانطلاق في الأبحاث المناخية ، وما زالت الحواسيب الضخمة المركزية والتي تظهر في الصورة أدناه عاجزةً عن انتاج خرائط فائقة الدقة لفترات طويلة بالشكل المنشود .
نعود بكم الى توقعات النشرة الشهرية الخاصة بشهر كانون الثاني - يناير للعام 2014 ، فبعد بداية تاريخية للموسم المطري متمثلة في عاصفة "عربين - يالو " الثلجية قبيل منتصف ديسمبر ، اتجّه سلوك المنخفضات الجوية بعيداً عن المنطقة ، ربما ما عدا حالة محدودة تمثلت بمنخفض "ياردا" نهاية ديسمبر ، ومنذ ذلك الوقت والمنطقة بعيدة عن تأثيرات المنخفضات الجوية المباشرة .
وكان لامتداد المرتفع السيبيري دور هام في إحكام قبضته على بلاد الشام ، وحصر المنخفضات الجوية في أوروبا ، وما زلنا نلمس أثر ذلك ، ولعلّ العاصفة الآيسلندية وانحدارها للجنوب تلفت أنظار الباحثين في هذه الأيام .
وفيما يلي توقعات الشهر على ثلاث فترات رئيسية :
الثلث الأول ( 1/1 - 10/1 ) - الاحتمالية 80% :
تأثرت المنطقة في بداية الفترة بأجواء مستقرة عموماً وسيادة أجواء جافة في ذات الوقت ، وتتأثر البلاد في هذا الوقت بامتداد لمنخفض البحر الأحمر بدون تجاوب فعّال لصالح فلسطين ، كما في الخارطة أدناه :
ويتوقع أن تنخفض درجات الحرارة أيام 5 و 6 يناير ، لترتفع مجدداً في أيام 7 و 8 ، ولكن ربما لا نرى أثر ذلك الارتفاع في ظل سيادة الرياح الشرقية الجافة والبادرة خصوصاً في المناطق الجبلية ، في ظل نشاط لافت للدوامة القطبية الكندية .
أما في نهاية الفترة ، فيزداد احتمال تأثر المنطقة بحالة من عدم الاستقرار الجوي ، والتي يصاحبها تقدم رياح باردة من الغرب ويقظة خجولة نسبياً من منخفض البحر الأحمر ، ما يتسبب في عدم استقرارية الطبقات الجوية والتي من شأنها احتمالية هطول الأمطار وربما البرد في بعض المناطق بشكل غير منتظم ، مع أجواء باردة بشكل واضح ، ورغم أن المؤشرات تشير الى رياح قطبية في الطبقات العالية ، إلا أن الطبقات الأخرى لا تنسجم معها وبالتالي فإن الثلوج مستبعدة في المدن الفلسطينية في هذه الحالة .
الثلث الثاني ( 11/1 الى 20/1 ) ، الاحتمالية 60%
تعتبر هذه الفترة أكثر صعوبة في التنبؤ الجوي ، نظراً لحدة الاختلاف في المؤشرات المناخية ، خصوصاً في مؤشر التذبذب القطبي ، ورغم أنه ليس المؤشر الوحيد ، إلا أنه مهم جداً في حالتنا ، وليس بالضرورة أن يكون أثره سلبياً في حال كانت القيم المسجلة سالبة ، فحسب تتبع "طقس فلسطين " للأرشيف ، وجدنا حالات قوية تأثرت بها البلاد في ظل تسجيل قيم سالبة لهذا المؤشر ، لكن الغالبية كانت في ظل تسجيل قيم موجبة .
مؤشرات التذبذب القطبي وتذبذب شمال الأطلسي :
ويحتمل بداية هذه الفترة أن تبقى المنطقة تحت تأثير حالة من عدم الاستقرار الجوي ، رغم عدم فعاليتها وعدم شموليتها حسب الخرائط الحالية ، وتشير التوقعات الى أن أفضل فترة محتملة لتواجد منخفض جوي هي ما بين 14 الى 17 يناير .
الثلث الثالث ( 21/1 الى 31/1 ) ، الاحتمالية 35%
حسب البيانات مُعادة التحليل ( NCEP Reanalysis 2 ) وبيانات المحيطات العالمية وكذلك بعض النماذج العددية طويلة المدى ، فإن هناك فرصة لنزولات باردة تبدأ من وسط المتوسط وقد تجد طريقها في نهاية المطاف نحو شرق المتوسط ، ما يرفع من احتمالية تأثر المنطقة بمنخفض جوي حول منتصف هذه الفترة .
وفي نهاية الفترة ، فإن التوقعات بالتأكيد ليست ثابتة ، لكن هناك مؤشرات بعيدة المدى لتطور نظام ضغط جوي منخفض يتسم بالعمق في حوض شرق المتوسط مع تدخل لمنخفض البحر الأحمر ، ما ينتج عنه منطومة جوية في صالح المنطقة في حال تبلورت بالشكل المطلوب ، وحسب بعض النماذج قد تتأخر هذه الفرصة للأسبوع الأول من شهر فبراير .
وتتسم معظم فترات شهر يناير بالبرودة ، عدا بعض الأيام التي قد ترتفع فيها درجات الحرارة عن معدلاتها ، أما معدلات الأمطار فإنها تعمد على مدى شمولية المنخفضات وديمومتها ، وليس من السهل تقدير ذلك لجميع فترات الشهر ، ولكن الأرجح أن تكون الأمطار أقل الى حول معدلاتها بمشيئة الله تعالى .
* ملاحظة : النشرات الشهرية تعبّر عن وجود مؤشرات عامة ولا تعبر بالضرورة عن توقعات تفصيلية دقيقة كما هو الحال في النشرات الجوية اليومية التي نصدرها ، وتكون التوقعات دقيقة في الثلث الأول ، ودقيقة نسبياً للثلث الثاني ، أما الثلث الأخير فإن الدقة تكون ليست عالية نظراً لبعد الفترة الزمنية ، ولتبدل المؤشرات المناخية وتحوّلها .
ومن الجدير بالذكر أن النشرة الشهرية لشهر ديسمبر الماضي اتّسمت بالدقة الكبيرة والتي وصلت الى 90% ، في حين لم تكن النشرة الشهرية لشهر نوفمبر دقيقة ، ولم تتجاوز دقتها 55% .
إن أصبنا فمن الله ، وإن أخطأنا فمن أنفسنا .
والله تعالى أعلم .
الفجر | 04:56 |
الظهر | 12:37 |
العصر | 04:11 |
المغرب | 06:55 |
العشاء | 08:19 |