هذه حكاية الطفل مشاقي. ترك خلفه رسالة اعتذار وأما باكية وشقيقةُ سانده "شالها" على الانتحار
هذه حكاية الطفل مشاقي. ترك خلفه رسالة اعتذار وأما باكية وشقيقةُ سانده "شالها" على الانتحار

الإثنين | 31/03/2014 - 01:33 مساءً

لم تكن عائلة الطفل فارس مشاقي  تتصور يوما انه علامة متدنية حصدها في مدرسته ستودي بحياته، وتدفعه نتيجة محصلات نفسية متراكمة الى الانتحار، ويبقى السؤال الغامض ما الذي كان يفكر به هذا الطفل الذي لم  يتجاوز عمره الخامسة عشر في اللحظة التي قرر بها لف حبل الموت على رقبته ، وفي يوم عيد ميلاده.

تتحدث والدة الطفل  بأسى وحرقة، ودمع منهمر ، " كان يوما اسودا حلٌ علينا، كنت في "حوش" البيت اعتني بالأرض قرابة الساعة الرابعة مساءٌ،  لم الاحظ ان ابني فارس لم يعد له صوت او حراك، كل اعتقادي انه في البيت مع اخوته يدرس، لم تمضي سوى نصف ساعة حتى اتت لي شقيقته البالغة من العمر اثنا عشر عاما تزحف على يديها وترجف، تردد وتقول لي " اخي  فارس مات، اخي شنق نفسه".

لم تُكمل والدة الطفل هذه الكلمات حتى انهارت ولم تعد قادرة على اكمال حديثها، ان الصّدمة التي تلقتها لحظة صعودها الى الطابق العلوي ، لترى ابنها قد شنق نفسه بشال شقيقته، وفي غرفة نوم والديه، جعلتها في حالة صدمة شديدة ما زالت اثارها ماثلة في وجهها حتى هذه اللحظة التي التقيناها بها .

خلال التوجه الى مدرسة الطفل في بلدة ياصيد، ما ان تمشي في اروقة المدرسة حتى تدرك ان الجميع بحالة صدمة ، المدير والمدرسون والطلاب وحتى باعة المقصف، المريب حسب وصفهم ان الطفل كان بحالة عقلية سوية تٌصعق كل من يسمع ان طفل مثله يقدم على فعل كهذا .

تنهد مدير المدرسة طويلا قبل ان يقول كلمات يصف بها الطفل فارس، يشبك يديه ببعضهما ويقول : " كان طفلا هادئا، اجتماعيا ، معتزا بنفسه الى ابعد حد، محبوب، وكنا نطلق عليه لقب " الطفل المبتسم" ، اذكر جيدا قبل يوم واحد فقط مازحني فارس اقترب الي وقال لي" انظر يا حضرة المدير لأول مرة اقوم بحلق ذقني اليست ناعمة! .

تقرير الصحفية: ولاء خضير:

 

تدخلت حينها بائعة المقصف وقالت " اشهد ان فارس طفلا رائعا، يملك عزة نفس، اذكر في احد المرات قدم الي المقصف ليشترى بعض الحاجيات، لكن لم يتوفر معه كل المبلغ، قلت له " خذ الي بدك ياه يا فارس بدون فلوس" ، لكنه لم يقبل غادر وعاد الي بعد بوقت ودفع لي المبلغ كله ".

الصدمة تهز خال الطفل وهو استاذ في مدرسته، ولسان حاله يقول" كيف فعلت ذلك يا حبيب خالك"، يتحدث عن تفاصيل عايشها  خلال تواجد فارس في صفه ويقول : " فارس كان يواجه صعوبات في تحصيله الدراسي، وكان يشتكي احيانا من انه غير قادر على دارسة بعض المناهج الصعبة،  لكنه كان يثابر ويحاول جاهدا ان يحسن من تحصيله ، وبالفعل استطاع ذلك، شهدنا له ارتفاعا ملحوظا في علامته، لكنه كان يبدو دائما متعبا وفي حالة ضغط " .

كما تجرى العادة في المدارس فأنه خلال الفصل يقوم المدرس باستبدال اماكن جلوس الطلبة، فقام احد الاساتذة بوضع ابن عمة فارس بجانبه في المقعد، اين عمة فارس هو الطالب النجيب في المدرسة، والأول على صفه، لم نعلم ان كان اهل الطفل هم من طلبوا ذلك اذعانا منهم بان ذلك سيحسن من تحصيل فارس، او انه المدرسة قامت بذلك كأمر عادي يحصل خلال الفصل الدراسي" .

من هنا بدأت المعاناة النفسية لدى فارس، ما ان يصل بيته حتى يسمع كلام اهله بأن " اقتدي بابن عمتك انه الاول على صفه"، " لماذا لا تكون مثله ما الذي ينقصك" ، وقبل شهر من اقدامه على الانتحار لاحظ الجميع انه ابدى تراجعا واضحا في دراسته، وكان شاحب الوجه ويبدو مهموماً .

وقبل ايام قليلة حصد على علامة 2/ 30 في مادة "الوطنية"، كانت صاعقه للجميع في صفه، خجل فارس من علامته هذه، خبئها عن اهله لم يكن يريد ان يوبخه احد على علامته، وفي احد الايام عاد  الى بيته، وجلس في الغرفة العليا لبيتهم، لم يكن ليدرك احد ما الذي دار في خٌلدهِ في تلك اللحظات، وبأي منطق سحبت ساعداه شال اخته، علقها على حديدة بسقف الغرفة وشنق نفسه .

قرر الطفل فارس مشاقي الانتحار، طفل في عمره جلُ همه ان يلعب كرة قدم مع اولاد حارته، أي منطق واي عقل يمكن ان يستوعب اقدامه على ذلك، ترك رسالة له على الطاولة، خطها وهو في كامل قواه العقلية يعتذر فيها لاهله ويقول لهم " ادعوا لي بالرحمة"، يعتذر لاستاذه بسبب العلامة المتدنية التي حصل عليها، يقول " سامحوني وادعو لي… وخلي الاستاذ بالمدرسة يسامحني هاد اخر عيد ميلاد الي".

الطفل الهادئ فارس الذي يعتبر اصغر اخوته الذكور، وصديق اخواته الاناث، يعمل والده سائق تكسي في مدينة نابلس، شكل  خبر وفاته بهذه الطريقة صدمة رهيبة  لأهله، ولأهالي بلدته، ولا يسعنا الى ان نتسائل هنا ما الذي نفعله بابنائنا، لماذا نفرض عليهم ما نريده نحن، لماذا لا نراعي مشاعرهم، ولا نتحدث معهم، لماذا لا نراعي الفروق الفردية لهم ، وفي الختام ما هذه المناهج الدراسية التي ندرسها لابنائنا وتصل بهم حد الانتحار !!.

المصدر: وكالة ايلان الاخبارية



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:17
الظهر 12:36
العصر 04:17
المغرب 07:24
العشاء 08:55