غزة : "كأس من الشاي" .. أسقط تاجر مخدرات
غزة : "كأس من الشاي" .. أسقط تاجر مخدرات

الأربعاء | 05/11/2014 - 12:30 مساءً

تقرير - هنادي كرسوع للداخلية

لم يكن يعلم (م-ع) أن كأساً من الشاي سيحول حياته إلى جحيم، ويضعه خلف أسوار تسلب ممن كان ورائها زهرة شبابه وتتحول فيها الأيام كأنها دهور طويلة، القابع فيها يشعر أن الدقائق واللحظات جاءت من خارج نطاق الزمن البشري لطولها.

أسوار تضيع فيها صحة الأبدان وعافية الرحمن لأن الأفكار تبقى تطارد صاحبها (كيف سأخرج؟ ومتى؟ وماذا سيحل بي بعدها؟ وماذا سيقول الناس عني؟) فيبدأ وحش الخوف من المستقبل ينهش قلبه حتى لا تبقي له راحة من بال ينعم بها.

(م-ع) ذو الثلاثين عاماً كان يعمل في مهنة دهن البيوت وكان ماهراً في صنعته، لا يوفر جهداً من أجل توفير المال لزوجته وطفليه لكي يدخل السرور إلى قلوبهم، وعلى الرغم من صعوبة مهنته والتعب الذي كان يشعر به إلا أنه كان سعيداً.

وكعادته كل صباح توجه لعمله وكان أحد العمال يقوم بإعداد الشاي لهم ، ويشعر (م-ع) بعد كأس الشاي هذه أنه أصبح أكثر قوةً ونشاطاً وقادر على أداء عمله ، وتكرر هذا الأمر أكثر من أسبوع حتى تعود على كأس الشاي هذه وأصبح غير قادراً على الاستغناء عنها ، وصار يطلبها هو من العامل (ر-ه) ويسأله عن محتواها فلم يجيبه ولم يقدم له كأسا من الشاي.

وفي اليوم التالي سأله (ر-ه ) إن كان يريد كأس الشاي المعهودة فجاءت إجابة (م-ع ) كالريح مسبوقة بانتفاضة جسدية بأن نعم ، بعد أن كان قبل قليل لا يقوى على أداء عمله ، فأخبره صديقه أن كأس الشاي يحتوي على حبوب تجلب القوة في الجسد وأنه من خلالها ستحل جميع مشاكله وأنه يحصل على هذه الحبوب مقابل دفعه للمال ، فإن أراد الحصول عليها فليدفع المال.

عرف (م-ع) أنه كان يشرب المخدرات من نوع الأترامال طوال الأيام الماضية فحاول جاهداً أن يبتعد عنه لكنه لم يفلح فبدأ يطلب من رفيقه أن يجلبها له مقابل دفع المال، ومع تعوده عليها صار يشرب حبتين في اليوم ومن ثم ثلاث حبات حتى وصل به الأمر إلى أن يشرب ست حبات في اليوم الواحد، مما أثر على صحته وأصبح لا يقوى على فعل شيء حتى يشرب كأس الشاي.

مع مرور الزمن أصبح غير قادر على أن يوفر المال لتعاطي الأترامال الذي يذهب العقل ويدمر الحياة ويضيع مال وصحة متعاطيه, فصار يبيع أغراضاً من منزله ويبحث عن المال من أي جهة كانت حتى يتعاطى هذه الحبوب المخدرة التي يعتاد جسم الإنسان عليها ولا يقوى على تركها اذا ما أدمن عليها.

وبدأت زوجته تلاحظ عليه نحولاً في جسده وتقيئ شديد وعدم رغبة في الأكل حتى أنه أصيب بالإغماء ذات يوم نقل على إثرها إلى المستشفى وهناك كانت الصاعقة للزوجة التي ما كانت تدري أن زوجها يتناول الحبوب المخدرات وأنه أصيب بهشاشة في العظام والكلى التي أصبحت لا تعمل بشكلها الطبيعي.

خرج (م-ع) من المستشفى بعد أن تماثل للشفاء ولم يتعظ لما أصابه من دمار في صحته وجسده وماله، واتصل برفيقه ليجلب له الأترامال فعرض عليه أن يعمل معه في بيع وترويج هذه الحبوب المخدرة وما علما الاثنين أنهما يقومان بنشر السموم والمواد القاتلة في المجتمع الغزي المحافظ على دينه وأخلاقه.

وافق (م-ع) على القيام ببيع وترويج هذه الآفات السامة ومع أول عملية بيع له كان عناصر شرطة مكافحة المخدرات التابعة للشرطة الفلسطينية له بالمرصاد، وقاموا بإلقاء القبض عليه متلبساً وكانت نهايته في هذه القصة أنه سيقضى زهرة شبابه داخل أحد مراكز الاصلاح والتأهيل والتي علم بقسوة المكوث بها بعدما قست عليه نفسه وأذلته وارتضى لها ان تقوم بنشر السموم في المجتمع مقابل ثمناً بخس دراهم معدودات.

وتتضح من قسمات وجهة علامات الندم والحسرة على ما اقترفته يداه، وهو يعلم أنه لا ينفع الندم بعد الوقوع في شرك العبث بهذه الآفات والسموم التي تضر بالإنسان ولا تجلب له الا الدمار والهلاك والخسران.

ويقول مدير دائرة الشئون القانونية في الإدارة العامة لشرطة المخدرات نقيب حسن السويركي: "إن (م-ع) لم يكن يدور في خلده أننا في شرطة مكافحة المخدرات بالمرصاد لكل من تسول له نفسه القيام بترويج هذه الآفة بين أبناء شعبنا الفلسطيني".

وأضاف السويركي أنه تم ضبط المدعو (م-ع) بعد ورود معلومات مؤكدة أفادت بأن عملية تسليم حبوب مخدرة من نوع أترامال ستتم في محافظة رفح، وعلى الفور قامت دائرة البحث والتحري في شرطة مكافحة المخدرات بجمع المعلومات والتحريات للتأكد منها.

وتحركت قوة من شرطة مكافحة المخدرات بنصب كمين للتاجر وتم إلقاء القبض عليه ومصادرة المواد المخدرة وتحويلها إلى مفتش التحقيق لاستكمال الاجراءات القانونية بحقه.

وهكذا كان مصير (م-ع) أن يلقى خلف أسوار السجن بسبب وهم من المخدرات زينه له رفيق السوء، بأنه سيعيش دون هموم أو مشاكل وأنه سيدخل السعادة إلى قلب زوجته التي ملت من قلة ذات اليد، ولم يخطر بباله أنها أرادت أن تحيا حياة كريمة معه من كد يده وليس على حساب أرواح شباب مجتمعها، فما كان منها إلا أن طلبت من عائلتها الانفصال عنه، لأنها لا ترغب أن تكمل حياتها مع تاجر للمخدرات، فلما طار إليه الخبر عض على يديه أصابع الندم ولكن ماذا ينفع الندم حينها.

المصدر : دنيا الوطن



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:20
الظهر 12:36
العصر 04:17
المغرب 07:22
العشاء 08:53