ماذا تبقى من نهر الأسكندرون الفلسطيني؟
ماذا تبقى من نهر الأسكندرون الفلسطيني؟

الجمعة | 02/11/2012 - 08:39 مساءً

  

تحقيق صحفي من اعداد:
حنان زيود
يافا صوافطة
 
بين أكوام من علب الأدوية، تجلس المواطنة سميرة البلبيسي _36_ عاما من عنبتا بسبب شبح الروائح الكريهة التي تطاردها في ليلها ونهارها، حين سكنها بجوار واد الزومر، الذي بات مكبا مفتوحا لصرف الصحي.
ويعتبر وادي الزومر، أو ما كان يعرف قديما بنهر الاسكندرون، من أشهر المكبات للنفايات والصرف الصحي في الضفة الغربية، حيث يمتد من شمال برقة (قرية شمال مدينة نابلس) وحتى المنطقة الغربية من مدينة طولكرم، واستبدلت المياه الطبيعية فيه بمياه الصرف الصحي ونفايات السكان من محافظتي نابلس وطولكرم.
وبنبرة يائسة متعبة تقول البلبيسي "انا اسكن منذ عشرين سنة بالقرب من واد الزومر واعاني من رائحته الكريهة وخاصة في وقت موسم الزيتون، ورائحة الزبور_عوادم الزيتون_الملقاة في الوادي، وبالاضافة الى نفايات مسالخ اللحوم القريبة من بيتي".
ويرى الطبيب العام ابراهيم ابو درنة من مستوصف الشفاء في عنبتا، ان لوادي الزومر تأثيرات سلبية على مواطني البلدة، ويقول" من المعروف اي مياه مكشوفة تتكاثر فيها الحشرات تسبب الكثير من الامراض والمشاكل الصحية" ويضيف" فوادي الزومر مكانا مكشوفا يعج بالحشرات التي تنقل الفيروسات والبكتيريا المضرة بأهالي عنبتا بشكل عام وبأطفالها بشكل خاص".
ولا يكتفي وادي الزومر بالتسبب بالامراض الرئوية والالتهابات الصدرية، حيث يعتقد الدكتور ابو درنة "ان نفايات المصانع المقامة على ضفافي الوادي من الاسباب الكامنة وراء انشار مرض السرطان بين سكان عنبتا".
 
وادي الزومر...مشكلة تبحث عن حلول:
 
مشكلة وادي الزومر بدأت منذ اواخر ثمانينيات القرن الماضي، وتزداد ذروتها يوما بعد يوم، فأصل المشكلة بدأت من مستوطنة حومش_شمال سيلة الظهر_ قبل ازالتها عام 2005، حيث فتحت مجاري المستوطنة الى عين المياه واصبحت ملوثة بمياه الصرف، وتفاقمت المشكلة بعد التقصير المتلاحق من قبل البلديات التي يمر منها الوادي، اضافة الى مجاري مدينة نابلس وقراها التي توزع مجاريها الى قسمين شرقا باتجاه وادي الباذان وغربا لوادي التفاح_جزء من وادي الزومر_ الذي كان في القدم مياه صالحة للاستعمال.
ويقول نائب رئيس بلدية عنبتا د. امير حنون" هناك اضرار بيئية واقتصادية ونقسية وجسدية، بل لاتعدى الخراب الى انشاء مصانع قرب الوادي، مثل مصانع الزيوت المهدرجة اي المسرطنة من الدرجة الاولى، ومصانع دباغة الجلود الذي يستخدم الزرنيخ، ما زاد الطين بلة مصانع ومحاجر نابلس التي ترمي مخلفاتها في الوادي".
ويضيف حنون" نحن نعاني نم اضرتر مباشرة من هذا المكب، فأصبح مكره للافاعي والجراذين والحشرات والعقارب" اما عن الضرر الكامن يقول" هناك مواد خطرة تسربت الى المياه الجوفيه من خلال التربة،وكانت نسبة النيترات BBM10، واصبحتBBM100، هذه النسبة غير مسموح بها وتجاوزت المعيار المحدد من 20-40BBM".
وبنبرة تشتاق الى الماضي يذكر حنون ان الوادي المعروف محليا باسم وادي الشعير، كان شهيرا بنبتاته كالخرفيش وخد العروس، ويقول"كانت حياة الوادي نظيفة وصالحة للاستعمال، وماؤه طاهر شرعا للوضوء وكنا نشرب منه والنساء تذهب للغسيل فيه".
في حين يشير رئيس قسم المياه في بلدية عنبتا هاشم نور " اثر الوادي على البئر الجوفي لعنبتا _اضافة الى الحفر الامتصاصية القديمة_ بشكل كبير ومؤثر، وقمنا بالسيطرة على هذه المشكلة بشكل جزئي بكلورة المياه حتى تصبح صالحة للاستعمال المنزلي" ويضيف" نحن نسعى الى ترخيص لبناء بئر جديد واغلاق البئر الملوث، لكن الفكرة لا تزال قيد الترخيص في سلطة المياه، لكن لا يوجد شيء على ارض الواقع وحل مشكلة الوادي تحتاج الى وقت طويل من4-6 سنوات لتخلص تماما من اضراره الكبيرة".
 
مياه الصرف الصحفي لنابلس في طولكرم!!!
 
مشوار ما يقارب نصف ساعة من الزمن لمياه الصرف الصحي من نابلس لطولكرم لا تزال تؤرق سكان منطقة وادي الزومر في طولكرم، فان قرروا ان يتسامروا ليلا كانت سهرتهم تعكر صفوها الروائح.
بنبرة حزينة ومتشائمة يقول المواطن عبد الله سدله _40 عاما_ " مجاري البلدة كلها مفتوحة على الوادي اضافة الى مجاري نابلس وقراها، وانا اسكن منذ 20 عاما بالقرب من الوادي ولا املك مبلغا يمكنني من استئجار بيتا بعيدا عن هذا العذاب، فنحن لا نستطيع ان نعيش يوما خاليا من الروائح الكريهة".
وتضيف زوجته يسرى سدلة -35 عاما- وملامح الحزن بادية على وجهها" منذ 6 والجميع يقول سيتم حل هذه المشكلة، ولكن للاسف لم نعد نصدق ذلك، فأنا احلم ان اعيش يوما واحدا فقط بدون وادي الزومر وروائحه".
وتوافقها المواطنة خولة عبد الدايم-39 عاما-" سمعت عن وعود كثيرة بخصوص هذه المشكلة لكن دون جدوى، فمعاناتنا لا استجابة لها، فمجاري عنبتا كلها مفتوحة على الوادي وما زاد الامر تعقيدا وسوءا مصارف مياه مدينة نابلس" وتضيف بنبرة تفاؤلية " امل ان نرى شيئا ملموسا يخلصنا من هذا الهم".
 
نهر الاسكندرون_وادي الزومر-في انتظار الحلول
 
اليوم هناك مساع حثيثة لانهاء مشكلة وادي الزومر، بعد صراع مرير مع الاوبئة والامراض والتلوث البيئي الذي تسبب به هذا الوادي.
وتعتبر مدينة نابلس احدى اسباب مشكلة وادي الزومر، لذلك تسعى بلدية نابلس لتخفيف من اضرار ما تتسبب به مياه الصرف الصحي النابلسية، ويقول رئيس بلدية نابلس عدلي يعيش " مجاري نابلس في المنطقة الغربية تلقى في وادي الزومر، وهذا الامر تاريخيا منذ عقود وذلك لطبيعة الجغرافية التي تحكم علينا ذلك"، ويضيف " استثمرنا جهودنا لتخفيف من عبء هذه المشكلة، وقمنا بارسال الجرافات للوادي لتنظيفه حتى لا يحصل حوادث في تلك المنطقة"
وفي محاولة لانهاء مشكلة الزومر تتوالى جهود مانحة لانشاء محطة تنقية اولى في الضفة الغربية، كما يشير نائب بلدية عنبتا د. حنون "رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير التنقية الالماني سيفتتح محطة تنقية اولى في بلدة دير شرف قرب نابلس، بتكلفة تصل الى 36 مليون يورو، حيث ستصبح المياه العادمة بدون رائحة وصالحة للزراعة، وسيشمل المشروع محطات وتمديدات وشبكات في المناطق التي يمر بها الوادي كافة، والجانب الاخر من الحل هو بدأ عمل بركة خاصة لسحب المياه وتنقيتها بالمحطة في اراضي دير شرف بمعدل 186 دونم".
وعلى ارض الواقع تبقى خطط تنظيف وادي الزومر على ورق في معظمها تنتظر التنفيذ لانهاء مشكلة مضى عليها اكثر من عشرين عاما، فنهر الزومر هو بقايا نهر الاسكندرون الذي لم يتبقى منه غير القمامة ومجاري الصرف الصحي، على امل ان تنفذ المشاريع لاحياء هذا الوادي من جديد، ويصبح مجرى لمياه الامطار كما يتمنى سكان الزومر الذين يتوزعون في المنطقة الغربية لطولكرم وبلدة عنيتا ومخيم عين شمس وقرى بيت ليد، بلعا، راميين، كفر اللبد، دير شرف ورمانة.
 


التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:11
الظهر 12:36
العصر 04:17
المغرب 07:28
العشاء 09:01