اكتشف علماء الآثار البحرية في ألمانيا حطام سفينة تجارية يعود عمرها إلى القرن الـ17 في قاع نهر تراف بالقرب من مدينة لوبيك الساحلية على بحر البلطيق.

يذكر أنه قد تم اكتشاف حطام السفينة أول مرة في فبراير/شباط 2020 خلال مسح روتيني بالسونار لقنوات الشحن في نهر تراف (Trave river).

سفينة تجارية أثرية

وقد كشف السونار آنذاك عن وجود شيء شاذ على عمق 11 مترا في قاع النهر. وقد أخبر الغواصون السلطات المعنية بالتراث الثقافي في لوبيك بهذا الموقع المحتمل، ومن ثم كُلف علماء الآثار في معهد علم آثار عصور ما قبل التاريخ في جامعة "كيل" (Kiel University) في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2021 بفحص موقع الحطام. وقد تمكن الغواصون أخيرا في أغسطس/آب الجاري من استكشاف الموقع.

وقد قام علماء الآثار على مدى الأشهر الثمانية الماضية بالعديد من محاولات الغطس التي استمرت مدة وصلت إلى 464 دقيقة، استطاعوا خلالها تصوير ورسم خرائط الموقع بالكامل. ولم يعثر العلماء على أي مدافع على متن السفينة الغارقة، مما ينفي احتمالية كونها سفينة حربية.

ولذا، فقد استنتج العلماء أن الحطام يعود لسفينة شراعية كانت تحمل ما لا يقل على 150 حاوية خشبية كبيرة. وقد عثر على 70 من هذه الحاويات في موقعها الأصلي على ظهر السفينة، بينما كانت الـ80 حاوية الأخرى في موقع مجاور لها، مما يشير إلى أن السفينة قد غرقت بشكل عمودي وبقيت في وضع قائم منذ غرقها.

أول حطام في منطقة غرب البلطيق

يرجع تاريخ الألواح الخشبية إلى عام 1650، وهي نفس الفترة التي كانت فيها لوبيك مركزا للتجارة البحرية في شمال أوروبا. وقد كان هذا النوع من السفن الشراعية متوسطة الحجم بمثابة العمود الفقري لحركة التجارة في بحر البلطيق. ولم يتم العثور على حطام مشابه لهذه السفن الشراعية سوى في منطقة بحر البلطيق الشرقية. ويعد هذا الحطام هو الأول من نوعه الذي يعثر عليه في غرب البلطيق.

تاريخ الألواح الخشبية يرجع إلى عام 1650 حيث كانت لوبيك مركزا للتجارة البحرية (فريتز يورجنز – جامعة كيل)

ووفقا للبيان الصحفي الذي نشرته جامعة كيل، يقول فريتز يورجنز عالم الآثار المشارك في البعثة الاستكشافية إن "السفينة ربما تكون قد شيدت في منتصف القرن الـ17، وذلك وفقا لتجارب التأريخ الخاصة بأخشاب السفينة".

وعلى الرغم من تآكل صناديق الشحن الخشبية التي عثر عليها، فإن العلماء استطاعوا تحديد ما بداخلها، وهو الجير، إذ يتصلب الجير إلى مادة صلبة فور ملامسته للماء. ولذا فقد بقيت الشحنة حتى اليوم على الرغم من تآكل حاوياتها الخشبية.

سفينة في خطر

وقد كان الجير مادة بناء رئيسة في العصور الوسطى لأوروبا وفي العصر الحديث المبكر. ومن المحتمل أن يكون موقع إبحار هذه السفينة قد بدأ من نقطة إسكندنافية متجها إلى لوبيك، غير أنها لم تصل إلى وجهتها المنشودة.

حطام السفينة يتعرض اليوم لتهديدات بيئية بفعل عوامل التعرية (كريستيان هوفيه – جامعة كيل)

وقد عثر على السفينة في منتصف القناة عند منعطف في النهر من الصعب التنقل خلاله. ولا يعرف السبب في غرق السفينة، لكن علماء الآثار يعتقدون أنها ربما جنحت محدثة تسربا. وقد غرقت السفينة في وضع قائم على قاع النهر، وربما يعود الفضل في ذلك إلى شحنة الجير الثقيلة التي كانت محملة بها.

ويتعرض حطام السفينة اليوم لتهديدات بيئية بفعل عوامل التعرية. كما أن الأجزاء المكشوفة منها موبوءة بديدان الخشب، ولذا يبحث الخبراء في جامعة "كيل" بالتعاون مع المسؤولين في مدينة لوبيك وفي مؤسسات أخرى عن سبل لإنقاذ حطام وأخشاب السفينة وكذلك البضائع.

المصدر : مواقع إلكترونية