أثر الفراشة يغضب الفلسطينيون من الراصد الحكومي والخاص
أثر الفراشة يغضب الفلسطينيون من الراصد الحكومي والخاص

الإثنين | 18/11/2013 - 10:09 مساءً

خاص طقس فلسطين-داود الطروة

 

في فصل الخريف من كل عام وقبل بداية شهر العسل ما بين الراصد الجوي والمتابع تتور العلاقة وتبدأ الاتهامات من قبل المتابع والدفاع من قبل الراصد الجوي ، وتستمر هذه العلاقة المتوترة بين الطرفين حتى بداية فصل الشتاء فعلياً ، أي بداية انتظام المنخفضات الجوية ونهاية حالات عدم الاستقرار الجوي.

ونظرا  للضعف المعرفي في العالم العربي بأجمعه حول طبيعة التنبؤ بحالة الطقس وقلة الإمكانيات لدى الدول العربية تحدث مثل هذه الاتهامات في كل عام.

ولكن لماذا؟!


الراصد الجوي في حديثه عن حالة الطقس  يعتمد على النماذج العددية وهي عبارة عن نماذج حاسوبية رياضية تقسم الكرة الأرضية إلى شبكات أو مربعات أو دوائر بحسب نوع النموذج وتتمثل تلك الأشكال على أنها  عمليات رياضية حسابية عددية تم تحديدها  محاكاة ووصفا لديناميكية الغلاف الجوي والعلاقات بين الظواهر الجوية كلا على حدة في نطاق معين بمعنى أن الظواهر الجوية تم تحويلها إلى مسائل رياضية حسابية.

وأنواع النماذج العددية التي يتم استخدامها  تنقسم بحسب اتساع الشبكة التي تجرى داخلها العمليات الحسابية إلى قسمين.


1-النماذج الشاملة  Global models

وهي تغطي كامل مساحة الكرة الأرضية . كالنموذج الأمريكي : GFS المسمى بـ ( نظام التوقعات العالمي ) ، أو الأوروبي ECMWF وهما النموذجان المستخدمان على نطاق واسع في المنطقة العربية والعالم وهي تخرج بعدد من الفترات الزمنية المختلفة تصل إلى أسبوعين .


2 – النماذج المحددة Limited area Model

وهي تغطي مساحات محددة من الكرة الأرضية ومنها النماذج المختصرة بـWRF وهي تخرج بفترات زمنية بين اليومين و الثلاثة أيام إلى الأسبوع.


وهذه النماذج  تصدر بأسلوبين حسابيين أحدهـما أفضل من الآخر


1- الأسلوب الحتمي .
Deterministic Weather Forecasts

2- الأسلوب  الاحتمالي.
Probabilistic Weather Forecasts

والنوع الأول هو ما يستخدم بشكل كبير  في فلسطين وفي المنطقة العربية والعالم و ليس بشيء آخر ولا أعتقد أن الأرصاد الحكومية في فلسطين أو مواقع الطقس الخاصة تعتمد بشكل كبير على نشرات الطقس الاحتمالية بل الحتمية حتماً ! وهذا السبب الأول للخطأ في التوقع أحيانا.

فالأسلوب  الأول  مبني على معادلات رياضية صارمة لا تقبل أنصاف الحلول و تعطي نتيجة واحدة فقط (صورة واحدة) بلا نسبة تحقق مثل أمطار أو ثلوج أو برد ، ولذلك يغير نتائجه في التحديثات القادمة بسرعة وعندما يغير هذا النموذج نتائجه سيقول الناس للراصد الجوي أنت تكذب! لأن الراصد الجوي يعتمد على نتائج هذا الأسلوب من النماذج العددية  في تزويد حالة الطقس للعامة وحينما يغير هذا النموذج نتائجه يشعر الراصد الجوي بورطة كبيرة ويبحث عن مخرج مقنع مثل "انحراف  الفعالية الجوية ، تلاشيها ، ضعف الرطوبة ، تيارات جنوبية غربية ،...الخ .


وعيوب هذه النماذج العددية انه تم بناء المفاهيم الحركية للدورة الهوائية العامة في الغلاف الجوي على تجارب مخبريه في معامل الفيزياء عبر علماء الميترولوجيا السابقين وحتى الآن تعطى لطلاب كليات الأرصاد وهذه التجارب هي تجارب الأحواض المائية أو ما يعرف ب   Dishpan Experiments.



والغالب أن منفذي هذه النظرية يعتمدون على الملخص التالي تقريبا :

إناء ماء يوضع في وسطه ثلج محمي داخل إناء أصغر حول هذا الثلج ، يتواجد ماء عادي الحرارة أطراف الإناء يتم تسخينها بالحرارة ويتم وضع لون مخالف داخل إناء الماء يمثل بخار الماء أو عدة ألوان ترمز إلى ظواهر جوية ثم يتم تدوير هذا الإناء دورانا يحاكي دوران الكرة الأرضية

لذلك :
الثلج يمثل : القطب البارد
الماء : يمثل الهواء
التسخين يمثل : خط الاستواء
اللون : يمثل بخار الماء .. مثلا .
الإناء يمثل الكرة الأرضية .

هذه النظرية أو هذا المفهوم تم عن طريقه وضع بيانات النماذج العددية أو بالتحديد وضعت المعادلات الحسابية على الغلاف الجوي عبر مثل هذه النظرية والتي استفاد العلماء منها مثلا  في معرفة سلوك الغلاف الجوي وأمواج روسبي والمنخفضات والمرتفعات العلوية.


وهذا هو العيب الأساسي في النماذج العددية :

حيث لم تأخذ بالحسبان أطرافا كثيرة :

مثل : جغرافية الأرض وتضاريسها والثلوج الساقطة وأثرها .

لم تأخذ بالحسبان علاقة القطب الشمالي بالقطب الجنوبي .

لم تأخذ بالحسبان أثر التيارات الهوائية في نصف الكرة الجنوبي على نصف الكرة الشمالي .

لم تأخذ بالحسبان أثر الجفاف على بعض المناطق التي لم تصب بالجفاف .

لم تأخذ بالحسبان الكثير من العلاقات المناخية المتداخلة بين اليابس والمحيطات

التي هي أكبر وأكثر تداخلا من مجال الحوض المائي الصغير .

فالنموذج العددي الذي يعتمد عليه الراصد الجوي هو عبارة عن آلة تحاول أن تحاكي روح الغلاف الجوي والعيب غالباً يكون من النموذج العددي نفسه وليس من قارئ بيانات هذا النموذج.

وأجهزة السوبر كمبيوتر والتي تتواجد كمثال لدى أمريكا وأوروبا واليابان وكندا وكوريا وروسيا والتي يتم عن طريقها تشغيل النماذج العددية  هي أجهزة تعمل على ما أدخل فيها من معادلات وبيانات .. كلما كانت البيانات واسعة والمعادلات كثيرة كانت دقة الحاسوب أكثر من غيره . تماما كالإنسان الهاوي والمتابع للطقس كلما تحصل على سنوات متابعة كثيرة كلما كان عالما بالأحوال الجوية من حوله وكان أفضل من غيره .


ولكن هذه النماذج لديها مشكلة أخرى  أيضا وهي نماذج هيدروستاتيكية  Hydrostatic Models في معظمها أي أنها تتابع محيطا واسعا  لذلك لا بد ان تسير مع قوانين حفظ الطاقة والتوازن الهدروستاتيكي (انسيابية العلاقة بين الضغط والجاذبية الأرضية) لذلك هي تهمل التغيرات الصغيرة والمهة جدا في حالات عدم الاستقرار الجوي التي تتأثر بها البلاد  كالكشف عن  النشوءات التضاريسية بدقة والسبب في ذلك أنها  تريد قياس مساحة أكبر فتسير على النظام العام حتى يجمع أكبر بيانات ، لذلك لا تهتم كثيرا بتفاصيل مواقع نشوء العواصف الرعدية وأماكن الأمطار  ولو اهتمت بها فهي لا تحددها بشكل خاص بل تحددها بشكل عام  كمثال تحددها للضفة كاملة ولا تحدد مدينة من الضفة!

لذلك حتى يتغلب الراصد الجوي على هذه المشكلة التي تواجهه في فصل الخريف بشكل خاص يلجأ إلى النماذج  المحلية ذات المقاييس المتوسطة المحدودة مثلا وهي نماذج في معظمها غير هيدروستاتيكية بمعني أن هذا النوع من النماذج يعتبر أن علاقة الضغط الجوي بالأرض علاقة متغيرة ( ليست انسيابية دائما ) ( تبعا لتغير حالة الموائع بشكل عام في الموقع أفقيا ورأسيا )بحيث تتعرض للتغير القسري وهذا يسمى في ميكانيكا الموائع ( غير هيدروستاتيكي ) . لذلك  النموذج غير هيدروستاتيكي  حساس جدا للمتغيرات بين الحالة الجوية والسطح المراقب على الصعيد الأفقي والرأسي وهو لا يعطي مدة بعيدة بل، مدته قريبة غالبا لأنه سيصاب بالتشويش وتضخيم ، النتائج ، لذك هو دقيق في كشف العواصف الرعدية الناشئة عن الرفع الحراري أو الرفع التضاريسي أو الرفع التقابلي أيا كان .

وفي ظل عدم توفر نموذج محلي غير  هيدروستاتيكي في فلسطين يعاني الراصد الجوي من الخطأ في تحديد مواقع  التساقطات المطرية والعواصف الرعدية بشكل دقيق لأنه يعتمد على نماذج عالمية شاملة هيدروستاتيكية وليس نماذج محلية غير هيدروستاتيكية.

الراصد الفلسطيني بحسب متابعتي سواء كان حكومياً أو خاصاً هو راصد ملمّ بشكل كبير بكل التغيرات سواء كانت صغيرة أو كبيرة بالرغم من  قلة الإمكانيات لدينا ومثل هذه الأخطاء تعتبر صغيرة في علم الأرصاد الجوية ، وأسباب الخطأ في التوقع أحيانا واضحة  فيما تحدثت بها سابقاً.



 يقول العالم الأمريكي   إدوارد نورتون لورنز عبر نظريته الشهيرة أثر الفراشة Butterfly Effect أن التوقع الخالي من التغيير ضرب من الأوهام والخيال .وقصده في الأخير من اللفظ الشاعري ( أثر الفراشة ) على أن الظواهر التي تدور في الأرض وتشهد في مسارها الديناميكي انحرافات بسيطة مع الوقت تتعاظم لتقوم بتغيير شكل أو مسار تلك الظاهرة وهذا مما تعم به البلوى على العقل الحاسوبي وليس عقل الراصد الجوي!


وأخيرا لا أصح من قول الله تعالى :

( إنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا في الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
سورة لقمان: 34



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:27
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:18
العشاء 08:47