نعي خاطئ وصفَه بـ«تاجر الموت» غيَّر حياته من صنع المتفجرات لراعي السلام.. سر جائزة نوبل
نعي خاطئ وصفَه بـ«تاجر الموت» غيَّر حياته من صنع المتفجرات لراعي السلام.. سر جائزة نوبل

الأحد | 15/12/2019 - 06:22 مساءً

في 27 نوفمبر/تشرين الثاني من العام 1895، كتب العالم السويدي ألفريد نوبل وصيته الأخيرة في النادي السويدي النرويجي في باريس

وحسب موقع History، كان الرجل البالغ من العمر 62 عاماً حينها يفكر في استخدام جزء من ثروته الشخصية لدعم أعمال العلماء والمخترعين، لكن الوثيقة التي كتبها كانت تخط ملامح مشروعه الأكثر طموحاً مما كان يتصور أي شخص.

ماهي جائزة نوبل..

وضع نوبل خطة لتسخير الجزء الأكبر من ممتلكاته -التي تبلغ قيمتها حوالي 265 مليون دولار اليوم- لسلسلة من الجوائز لـ»أولئك الذين حققوا، أعظم الفوائد للبشرية»

أدرج نوبل خمس جوائز في وصيته (وأضيفت جائزة سادسة للاقتصاد، عام 1968). وخُصصت ثلاث جوائز لأعظم الاكتشافات أو الاختراعات في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب، في حين خُصصت الرابعة لمؤلف العمل الأدبي «الأكثر تميزاً» وخُصصت الجائزة الخامسة لـ»الشخص الذي أدى أعظم عمل للتقريب بين الأمم ومحو الجيوش النظامية أو تقليصها وإقامة ونشر مؤتمرات السلام».

ورغم أن صندوق جائزة نوبل سيصبح مشهوراً فيما بعد، إلا أنه كان من المستبعد أن يكون نوبل مرتبطاً بالسلام، بل كان اسم العائلة مقترناً وعلى مدار عقود طويلة بالحرب.

نوبل للسلام 

كان والد نوبل، إيمانويل، مهندساً يدير مصانع أسلحة ويصنع الألغام المغمورة تحت الماء لصالح روسيا خلال حرب القرم. وفي الوقت نفسه، اشتهر ألفريد بتطوير أنواع جديدة من المتفجرات. ومن ضمن براءات اختراعاته التي وصل عددها إلى 355 براءة اختراع، تصميمات لعبوات النيتروغلسرين المتفجرة وكبسولات التفجير والبارود غير المدخن الذي يسمى «بالستايت». 

وفي عام 1867، اخترع نوبل الديناميت، الذي كان يستخدم على نطاق واسع في البناء والحرب. وكان نوبل، حين كتب وصيته، فاحش الثراء وكان يملك ما يقرب من 100 مصنع لصناعة المتفجرات والذخائر.

ما الذي أقنع «ملك الديناميت» بتسخير ثروته للأعمال الخيرية؟

 لم يفصح نوبل أبداً عن الدوافع وراء هذا التعهد، لكن الكثيرين يعتقدون أنه استلهمه من خطأ 

ففي عام 1888، توفي لودفيج شقيق نوبل في فرنسا بنوبة قلبية. وبسبب خطأ في التقارير، اعتقدت إحدى الصحف الفرنسية أن ألفريد هو من مات، ونشرت نعياً لاذعاً وصفه بأنه «تاجر الموت» الذي أصبح غنياً عن طريق ابتكار طرق جديدة «للتشويه والقتل».

ورغم أن الخطأ صُحح لاحقاً، إلا أن ألفريد شعر بالضيق بعد قراءته نعيه، وربما يكون هذا الحادث قد أشعره بتأنيب ضمير ودفعه إلى إعادة النظر في حياته المهنية.

 أصبح نوبل بعدها مهووساً بسمعته بعد وفاته لدرجة أنه أعاد كتابة وصيته، وتنازل عن معظم ثروته للأعمال الخيرية، وأصبح يُشار إلى حادثة الصحيفة باعتبارها الدافع وراء عمل نوبل الخيري، ولكن لم يعثر المؤرخون بعد على نسخة أصلية من نعي «تاجر الموت». 

يقول آخرون إن قصة النعي كانت واحداً من العديد من العوامل التي ساعدت المخترع في اتخاذ قراره. على سبيل المثال، تشير مؤسسة نوبل إلى أن فكرة جوائز العلوم قد تكون واتته عام 1868، حين حصل على جائزة من الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم لصناعته «اختراعات مهمة تفيد منها البشرية في حياتها». وكان نوبل أيضاً قارئ نهم يتحدث خمس لغات واشتغل بكتابة المسرحيات والقصائد، وربما يكون ذلك هو ما دفعه إلى تقديم جائزة في الأدب.

أما جائزة السلام، فيُرجع كثيرون دافعاً آخر لها، وهو  صداقة نوبل الطويلة مع بيرثا فون سوتنر، وهي  كونتيسة نمساوية اشتهرت بتأليفها رواية مناهضة للحرب بعنوان Lay Down Your Arms. 

بيرثا فون

التقى الاثنان حين نشر نوبل -الذي عاش أعزب طيلة حياته- إعلاناً في إحدى الصحف يطلب فيه «سيدة في سن النضج» لتكون سكرتيرته ومديرة منزله.

 وافترق الاثنان بعد زواج بيرثا، لكنهما ظلا على تواصل مستمر، وأصبحت بيرثا لاحقاً واحدة من أبرز ناشطات السلام في أوروبا، وكثيراً ما كانت تطلب تبرعات من نوبل لأنشطتها ومؤتمراتها.

لم يندم على تجارة للموت..

في رسائله إلى بيرثا، كانت آراء نوبل متناقضة حول الحرب والسلام، ورغم أنه كان يظهر طبيعة مسالمة إلا أنه وفي إحدى خطاباته لها وصف الحرب بأنها كانت «أعظم الجرائم» ولم يبد ندماً على صنعه الأسلحة والمتفجرات، بل توقع أن الأسلحة المتطورة قد تكون بمثابة رادع للصراعات في يوم ما. 

كتب نوبل إلى بيرثا في العام 1890 رسالة يقول فيها: «مصانعي قد تضع حداً للحرب قبل مؤتمراتك»، مضيفاً: «لأنه في اليوم الذي يستطيع فيه جيشان تدمير بعضهما في ثانية، فستتراجع جميع الدول المتحضرة بالتأكيد قبل اندلاع حرب وستتخلص من جيوشها». 

ورغم هذه التصريحات، يعتقد الكثير من المؤرخين أن آراء بيرثا المؤيدة لنزع السلاح قد أثرت على نوبل في النهاية، إذ يقول الكاتب فريدريك هيفرميل، في كتابه عن جائزة نوبل للسلام، إن وصية نوبل «دليل قاطع على أن بيرثا تمكنت من إقناعه بـ» فعل شيء» لصالح حركة السلام».

ومهما كانت أسبابه لتقديم هذه الجوائز، التي لم يفصح عنها نوبل طوال حياته، لم يعرف أحد عن الجوائز إلا بعد موته  في 10 ديسمبر/كانون الأول عام .1896

صراع على الثروة..

حاول بعض أفراد عائلة نوبل، في غمرة غضبهم من حرمانهم جزءاً كبيراً من ثروته، إسقاط الوصية، وأخذوا ينتقدون وبشدة منح الجوائز لكل صاحب عمل جليل دون اعتبار للجنسية. 

وعلى مدار 5 أعوام، وبعد العديد من الصراعات تمكن منفذو وصية نوبل من حل جميع المشكلات القانونية، وأنشأوا مؤسسة لمنح الجوائز.

وفي عام 1901، مُنحت جوائز نوبل للمرة الأولى، وكان من بين الفائزين في حفل الافتتاح مؤسس الصليب الأحمر هنري دونانت، والشاعر سولي برودوم، ومكتشف الأشعة السينية فيلهلم كونراد رونتغن.

وبعد أربع سنوات، فازت بيرثا فون سوتنر بجائزة السلام عن نشاطها ودورها في إلهام جائزة نوبل ومنذ ذلك الحين، منحت المؤسسة التي أوصى «ملك الديناميت» بإنشائها أكثر من 500 جائزة لشخصيات بارزة مثل ألفريد أينشتاين وماري كوري ووينستون تشرشل وإرنست همنغواي ومارتن لوثر كينغ جونيور. وحتى هذا اليوم، لا تزال الجوائز تُمنح كل عام في 10 ديسمبر/كانون الأول، ذكرى وفاة ألفرد نوبل.

 

المصدر: عربي بوست



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:22
الظهر 12:36
العصر 04:17
المغرب 07:21
العشاء 08:51