قالت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية في افتتاحيتها أنه في ظل نمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل أسرع مما شهده على مدى أكثر من عقد من الزمان، ربما يكون الانتعاش الاقتصادي بدأ أخيراً يتوسع ليشمل الإنسان الأمريكي العادي.

وأضافت الافتتاحية أنه فيما يوشك فجر عام 2015 على البزوغ، بدأ الاقتصاد الأمريكي يزداد قوة بحق، الأمر الذي يتساوى مع هذا في أهميته أن منافع تحسن الاقتصاد ربما تبدأ أخيراً في تجاوز من كانوا ميسوري الحال بالفعل لتصل إلى من هم وراءهم.

ومن بين الأخبار الاقتصادية السارة في السنة الجديدة، بحسب الافتتاحية، ما يلي:

• شهد الاقتصاد الأمريكي نموّاً بمعدل 5 % في الربع الثالث من 2014، مرتفعاً من معدل قوي بالفعل هو 4.6 في الربع السابق عليه، وهو ما كان أحسن معدل نمو يشهده الاقتصاد منذ 11 سنة، من ضمنها سنوات عديدة قبل الركود الاقتصادي عام 2008.

• بلغ مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر ستاندرد أند بورز 500 الأوسع منه نطاقاً أعلى مستويين لهما على الإطلاق في 23 ديسمبر (كانون الأول)، حيث تخطى داو جونز مستوى 18 ألف نقطة لأول مرة في تاريخه. وتتجاوز منافع ارتفاع أسعار الأسهم حدود الأثرياء لتصل إلى حياة الملايين من الأمريكيين من أبناء الطبقة الوسطى ممن تتضمن برامجهم التقاعدية الفردية أو برامجهم التقاعدية المؤسسية استثمارات في صناديق أسهم.

• انخفض سعر النفط بنحو 46 % منذ ذروته التي بلغها في شهر يونيو (حزيران) عند نحو 115 دولاراً للبرميل، ما أدى إلى دفع أسعار البنزين إلى انخفاض شديد، ويتوقع المحللون أن تظل أسعار البنزين على انخفاضها خلال عام 2015. وحسب التنبؤات الحكومية، فإن السائق العادي سيوفر نتيجة لهذا الانخفاض نحو 550 دولاراً من تكلفة البنزين في السنة المقبلة، أي ما يعادل انخفاضاً بنسبة 20 % مقارنة بالسنة الحالية.

• المستهلكون الأمريكيون أكثر تفاؤلاً بالاقتصاد منهم في أي وقت مضى في السنوات الثمانية الماضية، وذلك حسب مؤشر ترصده جامعة ميشيغان.

وفي حين تعطي هذه الأخبار السارة مبرراً للشعور بالامتنان، ترى الافتتاحية أنه يظل من الضروري أن تتسع هذه الطفرة الاقتصادية إذا كان لها أن تحسّن حياة الأمريكيين كافة. فوفقاً لتقرير صدر في شهر ديسمبر (كانون الأول) عن "مركز بيو للأبحاث"، فإن الفجوة القائمة في الثروات في يومنا هذا في الولايات المتحدة بين الأسر مرتفعة الدخل وأسر الطبقة الوسطى هي الأوسع منذ 30 سنة. كما أن وسيط صافي قيمة الأصول المادية للأسر مرتفعة الدخل يبلغ نحو 70 ضعفه فيما يخص الأسر منخفضة الدخل في الولايات المتحدة، وهو أيضاً أوسع فارق له منذ 30 سنة، حسب التقرير ذاته.

ورأت الافتتاحية أن الاقتصاد الصاعد بقوة حالياً ربما يكون مهيئاً للوصول إلى مستويات أعمق في القوة العاملة الأمريكية.

يقول المحلل الاقتصادي مايك جيكمان: "هناك حلقة تغذية راجعة إيجابية مستمرة الآن. فخلق فرص العمل يسير بأقوى معدل له منذ 15 سنة. والمزيد من العاملين يعني المزيد من الدخل، مما يعني المزيد من الإنفاق الخاص، مما يعني المزيد من الاستثمارات في الأعمال، مما يعني المزيد من التوظيف".

بالإضافة إلى ذلك، سيحصل كثير من الأمريكيين منخفضي الدخل على زيادة متواضعة في دخولهم في 2015، إذ سيتمتع الملايين من المتقاعدين بزيادة بنسبة 1.7 % في دخولهم من الضمان الاجتماعي بداية من شهر يناير (كانون الثاني)، وذلك مع بدء سريان تعديل لتكلفة المعيشة. كما يمكن أن يتمتع كثيرون ممن يعملون بالحد الأدنى من الأجر، مثل العاملين في سلاسل المأكولات السريعة ومتاجر التجزئة، بزيادة في دخولهم أيضاً، إذ أن هناك 21 ولاية من المقرر أن ترفع حدها الأدنى للأجور في أوائل 2015.

في العام الجديد الذي توشك أن تهل شمسه علينا، تقول الافتتاحية، سترث الولايات المتحدة مشكلات كثيرة غير محلولة، من قبيل الحاجة إلى علاج الارتياب والمرارة العنصريين. والواقع أن تحسّن الاقتصاد يمكنه أن يقدم جزءاً من الحل، فالبطالة والفقر من بين الأسباب الأساسية في الكثير من الاحتكاكات الاجتماعية، التي غالباً ما تتحسن عندما تتألق الآفاق الاقتصادية.

واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: "الاقتصاد في يومنا هذا بعيد عن كونه مثاليّاً، لكنه، إجمالاً، يمثل أفضل خبر اقتصادي يتلقاه الأمريكيون منذ سنوات عديدة أهلت عليهم شمسها".