بعد عقود طويلة من العمل والانتشار والتوسع والتواصل مع الناس على امتداد العالم، أصبحت الصحافة الآن واحدة من أهم مكونات المجتمع الحديث، ومنبر الإعلام الأبرز والأكثر فاعلية وحميمة فى التواصل مع الناس، وقد استغرقت هذه الرحلة التى قطعتها الصحافة عدّة قرون، إذ بدأت فى أوروبا وبعض الدول الغربية فى القرون الوسطى ومرحلة عصر النهضة، ولكن هل تعلم ما هى أول جريدة صدرت باللغة العربية فى العالم؟ إنها الوقائع المصرية، التى يصل عمرها الآن إلى 182 سنة، منذ أن تأسست على يد محمد علي باشا فى القاهرة خلال العام 1828، وصدر العدد الأول منها باللغة التركية فى 3 ديسمبر من العام 1828، وكان يتم توزيعها على طلاب البعثات وضباط الجيش وموظفى الدولة.

نفى رفاعة الطهطاوى بسبب الوقائع المصرية

أصدر رفاعة رافع الطهطاوى جريدة الوقائع المصرية باللغة العربية بدلا من التركية، فى العام 1842، وعمل على تطوير الجريدة شكلاً ومضمونًا، وحول سياسة الجريدة بحيث تكون الأخبار المصرية هى المادة الأساسية للجريدة بدلاً من الأخبار التركية، وجعل للجريدة كتابًا ومحرّرين، كان هو قائدهم وكان له الفضل فى إحياء المقال السياسى من خلال افتتاحيته فى “الوقائع”، كل هذه الأسباب مجتمعة كان لها دور فى إثارة خوف رجال الدولة، الأمر الذى أدى إلى نفى رفاعة الطهطاوى إلى السودان فى العام 1850 فى عهد الخديو عباس.

توقف الوقائع المصرية

توقفت صحيفة الوقائع المصرية بين عامى 1854 و1863، فى عهد الخديو سعيد، حتى جاء الاحتلال البريطانى لمصر، وعندها تحولَّت الوقائع المصرية من صحيفة حكومية إلى صحيفة شعبية يومية، وكان ذلك على يد الشيخ محمد عبده فى العام 1882، بعد أن أوكل رياض باشا إليه مهمة إصلاح جريدة الوقائع المصرية فى العام 1880، واستطاع الشيخ محمد عبده – على مدار 18 شهرًا تولّى فيها المسؤولية – أن يجعل من الجريدة منبرًا حقيقيًّا للدعوة إلى التعليم والإصلاح.

ماذا ينشر فى الوقائع المصرية الآن؟

الناشر الرسمى لجريدة الوقائع المصرية هى الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية، والآن تتخصص الوقائع المصرية فى نشر القوانين وقرارات رئيس الجمهورية، والقرارات الجمهورية بقوانين، وقرارات رئيس مجلس الوزراء المفوض بها من رئيس الجمهورية، وأحكام المحكمة الدستورية العليا، وبيانات منح الأوسمة والنياشين، وقرارات لجنة شؤون الأحزاب السياسية، وقرارات المحافظين، وملخصات تأسيس الجمعيات بجميع أنواعها، وإعلانات الحجوزات والمناقصات والمزايدات وإعلانات المصالح الحكومية وفقد الشيكات.