نوريلسك هي مدينة صناعية تقع في كراسنويارسك كراي، في روسيا، في الجزء الشمالي من العالم، يبلغ عدد سكان هذه المدينة حوالي 170,000 نسمة، وهي تعتبر ثاني أكبر مدينة (بعد مورمانسك) فوق الدائرة القطبية الشمالية. كما تعتبر تقريبًا معزولة عن العالم. وهي متصلة عن طريق السكك الحديدية بمدينة واحدة فقط – ميناء دودينكا. والطريقة الوحيدة لمغادرة نوريلسك هو السفر لمسافة 2،000 كم أسفل نهر ينيسي أو عن طريق الجو. ولكن نظرًا لسوء الأحوال الجوية فإن الرحلة يمكن أن تتأخر لمدة تصل إلى أسبوعين.

تأسست المدينة في عام 1935، كمعسكر سخرة، وبعد ذلك تحولت لمستوطنة لأولئك الذين يعملون في التعدين، فهي تقع في سفح جبال بوتوران التي ترتفع 1،700 متر عن الأرض، حيث يقع أحد أكبر مكامن النيكل على الأرض، ولذلك تعتبر نوريلسك مرتع لصناعات التعدين والصهر. كان العمال الأصليون في المناجم من السجناء الذين أُجبروا على العمل في البرد في ظل ظروف غير إنسانية. وصل عدد العمال تقريبًا لـ500,000، مات منهم 18,000 بسبب البرد والجوع. وبعد نهاية حكم ستالين (الديكتاتور الروسي الشهير) بقي منهم الكثير للعيش والعمل في المناجم.

الحياة في نوريلسك قاسية للغاية، فالمدينة تقع في منطقة الجليد الدائم، حيث تنخفض درجة الحرارة إلى تحت 30 درجة مئوية في الشتاء. بين نوفمبر ويناير، و لمدة سبعة أسابيع، ليس هناك شمس تقريبًا. أما في فترة الصيف، قترتفع درجة الحرارة لفترة وجيزة إلى 20 درجة مئوية، ولكن هذا لا يكفي لإذابة الثلوج تمامًا.

لكن مشكلة نوريلسك الأكبر هي التلوث، حيث يصدر ما يقرب من 4 مليون طن من النحاس والرصاص والكادميوم والنيكل والزرنيخ والكبريت والمواد الكيميائية السامة الأخرى في الهواء سنويًّا. يتحول لون الثلج بسببها إلى اللون الأسود، والأصفر أحيانًا، أو حتى الوردي بالإضافة إلى اللون الأبيض، وتغطي الأمطار الحمضية مساحة بحجم ألمانيا. كمية ثاني أكسيد الكبريت في الهواء عالية جدًّا لدرجة أنه لا يوجد غطاء نباتي في دائرة نصف قطرها تقريبا 20 كيلومترًا، والتوت أو الفطر الذي ينمو هناك به سمية عالية.

متوسط أعمار العمال هو عشر سنوات أقصر من المتوسط ​​الوطني. ويعاني السكان من العديد من أمراض الجهاز التنفسي، وحوادث السرطان والدم واضطرابات الجلد. 4٪ فقط من البالغين في المدينة يتمتعون بصحة جيدة. من الواضح أن أولئك الذين يعيشون ويعملون في نوريلسك يقومون بذلك فقط للحصول على المال، ولكن حتى أولئك الذين جاؤوا طوعًا لكسب المال حريصون على الفرار. ولكن ترك المدينة ليس بالأمر السهل، وخاصة لكبار السن الموشكين على التقاعد. أسعار العقارات منخفضة في نوريلسك، وهو ما يعني أنه لا يمكن بيعها وترك المدينة، لأنه حتى لو فعلوا، فإنه من المستحيل شراء أي شيء بهذا المال في مناطق أخرى.

من يعملون في هذه المدينة يعملون بالكامل لصالح شركة التعدين التي تمتلكها، ففي المدينة المعزولة لا يوجد محال تجارية أو أماكن لشراء المستلزمات سوى تلك المملوكة من قبل نفس الشركة، أي أنهم يعملون لصالح الشركة مقابل أجر، ثم يعيدون هذا المال مرة أخرى للشركة لشراء مستلزمات حياتهم! (منها وإليها).

المصادر

1 2 3 4 5