إحدى أعظم المعارك ، يوم التحم الجيشان، الحلفاء والعثمانيون..معركة جاليبولي
إحدى أعظم المعارك ، يوم التحم الجيشان، الحلفاء والعثمانيون..معركة جاليبولي

الأحد | 14/10/2012 - 01:01 مساءً

 

 

في جناق قلعة، تطل شبه جزيرة غاليبولي على مضيق الدردنيل الذي يصل بين بحري إيجه و مرمرة، وهي تعتبر محمية للذاكرة التركية إضافة إلى تميزها الطبيعي الجذاب،ويصطف على ثراها الألوف من شواهد القبور التي تضم جثامين الجنود الذين قضوا في واحدة من أشرس معارك الحرب العالمية الأولى وأكثرها دموية.‏
تعرف المعركة باسم معركة شنق قلعة سافاشلاري (بالتركية: Çanakkale Savaşı)

 

قبور الجنود العثمانيين

قبور الجنود الفرنسيين

ونقرأ على شواهد القبور أسماء جنود قدموا من أستراليا ونيوزيلندا ليحاربوا في ركاب بريطانيا التي خاضت تلك الحرب متحالفة مع فرنسا وروسيا ،فيما نقرأ على القبور في الجهة المقابلة أسماء تركية وأخرى عربية جاء أصحابها من حلب ودمشق وبغداد والقدس لمحاربة الغزاة القادمين من وراء البحار.‏

تروي وقائع الحرب أن"وينستون تشرشل"وزير البحرية البريطاني آنذاك وضع خطة تقضي باختراق مضيق الدردنيل وصولاً إلى استانبول للسيطرة عليها وفتح البوسفور أمام قوافل الإمداد لنجدة الروس .

تشرشل في وسط الصورة يشرف على العمليات الحربية

 

جيش الخلافه العثمانية يرفع راية العُقاب ، وهي راية التوحيد السوداء والبيضاء التابعة للجيش الاسلامي

 

وبدأ الهجوم البحري في الثالث من تشرين الثاني عام 1914 ،لكن ذلك الهجوم انتهى بعد أشهر بهزيمة شنيعة ، بسبب الألغام البحرية المزروعة في المضيق وسيطرة المدفعية العثمانية عليه.

الاسطول البحري المهاجم

البارجة الفرنسية بوفيت التي شاركت في الهجوم على الدردنيل

سفن الحلفاء تغرق في المضيق

وقد اشتركت فرنسا إلى جانب انكلترا في الهجوم بقوة بحرية قادها الجنرال غورو الذي انسحب من المعركة بعد أن بترت يده اليمنى بشظية قذيفة عثمانية.

المدفعية العثمانية

قرر الحلفاء بعد فشلهم الذريع في البحر اللجوء إلى الإنزال البري لاحتلال شبه جزيرة غاليبولي المتحكمة بالمضيق. فبدأت العمليات البرية في الخامس والعشرين من نيسان عام 1915،والتقى على أرض المعركة مئات الألوف من الجنود من الطرفين .‏

جنود الحلفاء في الخنادق

ولقد جندت الدولة العثمانية للدفاع عن عاصمتها فرقاً من جميع ولاياتها ،و كان نصيب ولاية حلب منها فرقتين هما الفرقة الرابعة والعشرون والسادسة والعشرون ، وقد أورد كتاب "حلب في مئة عام " ما كتبه الشيخ طاهر النعساني عنهما في مقال نشره عام 1936 " ذهب الشباب إبان الحرب العامة إلى ساحات القتال ،وتفرقت الأيدي التي كانت تعمل في التجارة والصناعة والزراعة إلى مواطن الطعن والضرب حيث يجب درء خطر الأعداء.

 فعلى حدود القنال (قناة السويس) وفي جبهة روسيا(القفقاس) وفي منطقة الدردنيل( جناق قلعة)دافعت الأيدي العربية بحماسة وغيرة وشهامة عن تركيا لأن الفكرة الإسلامية كانت تحتل سويداء قلوب الأكثرية" ، ويذكر الكتاب نفسه أن فرقة حلب لعبت دوراً مهماً في الموقعة التي غيرت ميزان الحرب في تلك الجبهة.‏

فقد جرت أهم معارك شبه جزيرة غاليبولي في منطقة وعرة تدعى "أنافارتالار" شاء لها القدر أن تكون مسرحاً لألمع نصر عثماني في الحرب العالمية الأولى .

موقع المعركة

حيث قرر الجنرال " إيان هاملتون" قائد قوات الحلفاء أن ينهي المعركة بهجوم كاسح في التاسع من آب 1915 بعد أن تمكن من السيطرة على قمة "شونك بير" الإستراتيجية التي تسيطر على ارض المعركة، لكن القائد العثماني اتخذ قراراً جريئاً بالمبادرة بالهجوم على قوات الحلفاء المتمركزة على تلك القمة .

وقاد في فجر اليوم نفسه معركة أسطورية حولت النصر المرتقب للحلفاء إلى هزيمة مذلة.

الجنود العثمانيون في الخنادق

ويصف المؤرخ "أرمسترونغ" اندفاع المشاة العثمانيين خلف قائدهم في كلمات معبرة " واندفعوا موجة بعد موجة وكأنهم الوحوش المزمجرة وبأيديهم الحراب مشرعة ثم هجموا على الفرقتين الإنجليزيتين فأبادوهما وواصلوا التقدم نحو السفح المواجه للبحر وعندها أطلق الأسطول الإنجليزي نيرانه عليهم فأحدث في جموعهم ثغرات كبيرة ...." لكن النصر كان قد حدث.

 

ففي ذلك اليوم اقتنع الحلفاء أن الانتصار في الدردنيل محال، فانسحبوا تدريجياً حتى خلت شبه الجزيرة منهم بعد تلك المعركة بثلاثة أشهر.‏
ورغم أنه كان قد قتل في المعركة 50 ألف قتيل من الحلفاء واستشهد 90 ألف من العثمانيين ، الا ان محصلة المعركة كانت انتصار العثمانيين في المعركة استراتيجياً ومعنوياً وحربياً .

ولقد دعت الدولة العثمانية وفوداً من مختلف الولايات التي ساهم جنودها في ذلك النصر إلى موقع " أنافارتالار" .

وكان الشيخ بدر الدين نعساني من ضمن وفد حلب فألقى قصيدة قال فيها :‏

وقعدت للخصم اللدود بمرصد       ونقضت من تدبيره ما أبرما‏
 
فترى التقدم نحو خصمك مغنماً       ويرى التأخر عن لقائك مغنما‏

ما كان جمعك في العديد كجمعهم    لكن حزمك كان منهُمُ أعظما‏

تعتبر تركيا يوم التاسع من آب من كل عام يوماً وطنياً ،فيما تعتبر دول الحلفاء يوم الخامس والعشرين من نيسان يوماً للذكرى .

وقد أقام كل منها نُصُباً تذكارية لجنودها يزورها ممثلوها بانتظام، ففي عام 2005 عندما حلت الذكرى التسعون للمعركة ،اجتمعت في شبه جزيرة غاليبولي وفود ترأسها رئيس الوزراء الأسترالي ونظيرته النيوزيلندية والأمير تشارلز ولي العهد البريطاني ، وحضر المناسبة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان .‏

لكن مساهمة الجنود العرب في تلك المعركة الطاحنة بقيت طي النسيان.

وغاب ذكر الضباط العرب الذين خدموا في "جناق قلعة " وغيرها من مواقع المعارك في الحرب العالمية الأولى عن التاريخ العسكري، ماعدا معلومات غير موثقة تشير إلى أن يوسف العظمة كان رئيساً لأركان أحد الفيالق المشاركة في معارك جناق قلعة وإلى أن المجاهد سعيد العاص اشترك فيها أيضاً.

فيما يردد كثير من أهالي حلب حكايات عن مساهمات أسلافهم فيها ومن عاد منهم ومن لم يعد، ومازال بعضهم يحتفظ برسائل وتذكارات عنها تعود إلى ما يقرب من مئة عام.‏


 



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:28
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:17
العشاء 08:46