يمكن معرفة الكثير عن الشخص من خلال ذوقه في القهوة.. فمن المعروف بأن الأذواق الشخصية يمكنها أن تكشف الخفايا التي يحاول كل فرد «التستر» عليها. السبب هو أن الأذواق هي تعبير مباشر عن التفضيلات، والتفضيلات ترتبط بشخصياتنا وبتجاربنا الشخصية التي جعلتنا ما نحن عليه اليوم. 

عادة نختار قهوتنا من دون تفكير عميق، فنحن نعرف ذوقنا بشكل مسبق. سوداء أو مع الحليب أو مع السكر، لا فرق هي مجرد قهوة.

لكن وعلى ما يبدو الأمر ليس بهذه البساطة لأنه ووفق دراسة أجرتها جامعة أنسبورك في النمسا فإن ذوقنا في القهوة يمكنه الكشف ما إن كنا نملك ميولاً سيكوباتية

ما هي الشخصية السيكوباتية؟ 

شخصية معقدة للغاية، تجيد تمثيل دور العاقل، وتملك القدرة على التأثير والتلاعب بالآخرين، تتميز بالازدواجية؛ فحين تراه للمرة الأولى سيبهرك بشخصيته الوديعة المبتسمة، لدرجة أنك قد تتمنى بأن يصبح صديقك المفضل، الازدواجية تظهر من خلال الشخصية الظاهرة، والتي تكون هادئة وديعة.

والثانية هي الشخصية الأخرى التي لا تتعرف عليها إلا بعد فترة من الزمن، والتي تكون شرسة، مخادعة، لا تملك ذرة وفاء، وتعيش من أجل مصلحتها الخاصة

هذه الشخصية تتلذذ بإلحاق الأذى بالآخرين، وتحديداً المقربين، تبدأ السمات بالظهور خلال مرحلة الطفولة؛ فيكون الكذب والاحتيال والمشاجرات والعنف الجسدي السمة العريضة.

وخلال المراحل التالية تترسخ هذه الصفات وتصبح نمطاً ثابتاً، أي الكذب يصبح لمتعة الكذب، وإلحاق الأذى من أجل منفعة شخصية من دون أي عذاب ضمير.. باختصار، العيش وفق مبدأ أنا ومن بعدي الطوفان. 

القهوة والميول السيكوباتية 

بالعودة إلى الدراسة فإن ١٠٠٠ شخص طلب منهم كتابة ما يفضلون من نكهات، سواء الحلوة أو المالحة أو المرة، وطلب منهم أيضاً تعبئة ٤ استمارات تتعلق بصفاتهم الشخصية، والتي كان الهدف منها معرفة مستوى العداء أو تقبل الآخرين.

هذه الاستمارات تضمنت مواقف معينة، مثل: «لو تم استفزازي بشكل كبير، لا أتردد قبل ضرب الآخر»، وأخرى حاولت رصد مستوى التلاعب والعدائية. النتائج وجدت علاقة وثيقة وواضحة ومباشرة بين النكهات المفضلة وبين السمات الشخصية. 

الخلاصة؟ حسناً.. الأمر كالتالي، إن كنت تفضل الأطعمة المرة بشكل عام والقهوة المرة بشكل خاص؛ فأنت تملك ميولاً سيكوباتية. 

للأسف لا يوجد طريقة لتجميل الواقع؛ فإن كنت تفضل قهوتك سوداء مرة من دون إضافات؛ فأنت على الأرجح تظهر يومياً خصالاً ميكيافيلية، وتعيش حياتك وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، كما أنك نرجسي وسادي وعدائي، قد لا تكون هذه الخصال ظاهرة بشكل جلي، لكنك تملكها وفي مرحلة ما حين تكون الظروف مناسبة ستظهر بشكل واضح تماماً. 

تقبل الآخرين والتعاطف معهم، وحتى القدرة على التعاون من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، كانت أيضاً في أدنى مستوياتها عند هؤلاء.. أي الفئة التي تفضل القهوة المرة. 

رغم وضوح النتائج، لكن العلماء فشلوا في معرفة الرابط بين هذه التفضيلات والميول العدائية النرجسية السيكوباتية، لكن النظرية التي تم وضعها هي أن النكهة المرة عند هؤلاء أشبه بالإثارة، بالنسبة للشخصيات السيكوباتية، النكهة المرة تجعلهم يختبرون متعة أشبه بالقيام بمغامرة محفوفة بالمخاطر. 

تشكيك في دراسة جديدة 

اعتبر البعض أن تلك الدراسة لا يمكن الاعتماد عليها؛ لكون العينة التي شاركت وتمت دراستها صغيرة «١٠٠٠ شخص»؛ لذلك تم إجراء دراسة جديدة مماثلة ووصلت إلى النتائج نفسها، أي أن تفضيل النكهات المرة بشكل عام كنكهة الفجل وماء التونيك والقهوة بشكل خاص، تم ربطها بصفات النرجسية والسادية والسيكوباتية. 

لكن الدراسة الجديدة لم تسلم من التشكيك أيضاً، والسبب الأساسي الذي طرحه الذين لم يقتنعوا بالنتائج، هو أنه لا يوجد تعريف جامع يتفق عليه الجميع حول ماهية النكهة المرة، السبب الثاني هو أن النكهات يتم ترجمتها بطرق مختلفة من شخص لآخر؛ فما يعتبره أحدهم مراً، قد لا يكون كذلك للآخر.