برع المسلمون فى كتابة التاريخ منذ أولى لحظات نشأة الدولة الإسلامية فى المدينة المنورة وتنوعت فنونه وأشكاله، فقد عالج المؤرخون العرب التاريخ العالمى العام، والتاريخ الإسلامى الخاص، وتاريخ المدن، والدول، والأقاليم. وأظهروا اهتماما كبيرا جدا بسِيَر الأفراد، من خلفاء وأمراء ووزراء، وقضاة، وعلماء، وكتّاب، وأدباء، وغيرهم. بل ترجموا لأفراد العامة بفئاتهم المختلفة، حتى الشطّار والمصابين بالعاهات.
ويمكن إجمال الفنون التاريخية الرئيسة التى صنفها العرب فى العصور الإسلامية حتى مطلع العصور الحديثة بما يلى:
1- كتب السيرة، أى السيرة النبوية: وأشهر من كتب فى هذا الموضوع محمد بن إسحاق.
2- كتب الطبقات: وتبحث فى تراجم الشخصيات، مصنَّفة فى طبقات، ويقصد بالطبقة، الفئة من الناس الذين عاشوا فى فترة واحدة من الزمن.
3- كتب التراجم: وتتحدث فى سير الأفراد، من صحابة، وخلفاء وأمراء، ووزراء، وعلماء، ومحدثين وغيرهم. وهى تشبه كتب الطبقات، إلا أنها لا تختص بفئة معينة، ولا تلتزم فى ترتيب تراجمها الأسس المتبعة فى تلك الكتب.
4- كتب المغازى والفتوح: وتتحدث عن غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم وسراياه، وعن الفتوحات الإسلامية فى مختلف الأمصار.
6- كتب التاريخ العام: وتبحث فى تاريخ البشر بصفة عامة، ومنذ بدء الخليقة حتى عصر المؤرخ، وتركِّز بصفة خاصة على التاريخ الإسلامى

، وأغلبها ينقل عمّا قبله، إلا أنها فى تدوينها للمرحلة المعاصرة للمؤلف فإنها أصيلة، وتعتبر مصدرا أولا أساسيا.
7- المختصرات التاريخية: وهى مختصرات لكتب تاريخية ضخمة، يضعها مؤلفو تلك الكتب فى كثير من الأحوال، لمن لا وقت له ولا صبر على مطالعة مطوّل الأحداث ومفصلها، ومثال على ذلك كتاب “دول الإسلام” للمؤرخ الذهبى (ت 748هـ/1348م) الذى هو مختصر “تاريخ الإسلام” للمؤلف ذاته.
8- كتب تاريخ النظم الإدارية: وهى التى عكف فيها بعض الفقهاء والمؤرخين على بيان النظم الإدارية التى اتبعتها الدولة فى مسيرتها.
9- تاريخ الفكر الدينى: ويدرس بصفة خاصة تاريخ الفرق الدينية والمذاهب وفكرها، ومثال على ذلك كتاب “الفِصَل فى المِلَل والنِحَل” لعلى بن حزم الأندلسى (ت 456هـ /1064م)، و”المِلل والنِحَل” للشهرستانى (ت 548هـ/1153م)، وغيرهما.