“الخلايا الخالدة” قتلت صاحبتها ثم منحتها الخلود.. مُزارعة فقيرة توفيت قبل 70 عاماً لكن خلاياها وصلت للفضاء!
“الخلايا الخالدة” قتلت صاحبتها ثم منحتها الخلود.. مُزارعة فقيرة توفيت قبل 70 عاماً لكن خلاياها وصلت للفضاء!

الأحد | 06/09/2020 - 03:26 مساءً

لو كانت لا تزال على قيد الحياة اليوم، فكانت ستُدهش بالتأكيد إذا وجدت نفسها ضمن قائمة للأشخاص الذين غيَّروا العالم! هنريتا لاكس المزارعة الفقيرة من ولاية فرجينيا، المعروفة باسم هيلا، التي قتلتها خلايا جسمها ثم منحتها الخلود.

اكتُشفت "الخلايا الخالدة" سنة 1951، واستُخدمت سابقاً في تطوير لقاح شلل الأطفال وبعض الأدوية المضادة للسرطان، وأفادت الطب لعشرات السنين، وهي تساعدنا اليوم في فهم الطريقة التي يهاجم بها فيروس كورونا خلايانا وكيف يخترقها.

تعرَّفوا معنا على هذه المرأة التي أنقذت خلاياها ملايين الأرواح.

هنريتا لاكس

اكتشاف خلايا هنريتا لاكس

امرأة أمريكية من أصل إفريقي، متزوجة ولديها 5 أطفال، عاشت هنريتا في مدينة فرجينيا بأمريكا وعندما كان عمرها 31 سنة فقط وبعد أربعة أشهر من ولادة طفلها الخامس عام 1951، بدأت هنريتا تشعر بالمرض ولاحظت أنها تفقد الكثير من الدم.

وفي مستشفى جونز هوبكنز في بالتيمور، اكتشف طبيب أمراض النساء هاورد جونز أن هنريتا مصابة بسرطان عنق الرحم، فأخذ عيناتٍ من خلاياها السرطانية وأرسلها للتحليل.

تُظهر السجلّات الطبية أنّ هنريتا لاكس بدأت بالخضوع لعلاجات الراديوم لسرطان عنق الرحم. كان هذا أفضل علاجٍ طبيٍّ مُتاح في ذلك الوقت لهذا المرض الرهيب. أرسلت عينة من الخلايا السرطانية التي تم أخذها خلال الخزعة إلى مختبر الأنسجة الذي يشرف عليه الدكتور جورج جي الذي كان باحثاً بارزاً في مجال السرطان والفيروسات.

قام جي لسنواتٍ بجمع الخلايا من جميع المرضى الذين يأتون إلى مستشفى جونز هوبكنز مصابين بسرطان عنق الرحم بهدف الدراسات، لكنّ كل عينة كانت تموت بسرعة. 

وكان الاكتشاف العظيم عندما لاحظ الدكتور جي أن خلايا السيدة لاكس كانت مختلفة عن الخلايا الأخرى التي رآها؛ ففي حين تموت الخلايا الأخرى بسرعة، تتضاعف خلايا السيدة لاكس كل 20 إلى 24 ساعة. الخلايا تنقسم وتنقسم وتنقسم، تموت مجموعة من الخلايا وتأتي بدلاً عنها مجموعة أخرى، النتيجة كانت مجموعة من الخلايا موجودة حتى يومنا هذا، بعد 67 عاماً من موت الشخص الذي أُخذت منه العينة!

إخفاء الاكتشاف عن هنريتا وعائلتها

لسوء حظ هنريتا، فإن الورم المصابة به كان في مرحلةٍ متقدمة، وفي الرابع من تشرين الأول/أكتوبر 1951، توفيت عن عمر يناهز 31 عاماً، على الرغم من خضوعها للعلاج الإشعاعي فور اكتشاف مرضها.

أبقى الأطباء العينة لديهم دون إخبار المريضة وقاموا بتسميتها بـ"خلايا هيلا"، اختصاراً لاسم المريضة التي أُخذت منها العينة.

تم أخذ خلاياها دون عِلمها ودون إخبار عائلتها ووُضعت في المعمل وتم استنساخها وإرسالها بالبريد إلى العلماء في جميع أنحاء العالم، لتستخدم في آلاف التجارب والبحوث العلمية. ولكن في 1973 طلب أحد العلماء من أهل هيلا عيناتٍ من دم أفراد العائلة لدراسة جيناتهم ومقارنتها بأمهم، حينها اكتشفوا أن خلايا أمهم منتشرة حول العالم.

كيف تعمل خلايا هيلا؟ ولماذا هي خالدة؟

تموت في كل ثانية داخل جسمك حوالي 2 مليون خلية تقريباً بعمليةٍ تدعى الموت المبرمج للخلية، وخلايا الجسم مبرمجة كي تنقسم حوالي 50 مرة ثم تموت بنفسها، مما يضمن عدم حدوث طفراتٍ وراثية.

لكن أحياناً قد تستمر الخلايا بالتكاثر، حتى تصبح خالدة! ما يُعرف عندنا بمرض السرطان. وهي الخلايا التي ترفض الموت حتى تقتل صاحبها.

ولكن رغم كل ذلك، تموت خلايا السرطان التي تؤخذ من مرضى السرطان أيضاً بعد عدة أيام، ولكن خلايا هيلا كانت فريدة، لماذا؟ في الحقيقة، لم نتمكن من معرفة السبب حتى يومنا هذا، ويذهب العلماء للاعتقاد بحدوث طفرة وراثية معينة في خلاياها جعلت خلاياها لا تموت.

فضل "الخلايا الخالدة" على الأبحاث واللقاحات

لا تتفاجأ حين تعرف أنّ خلايا هنريتا تُوجد بالمليارات في المختبرات العلمية حول العالم؛ ليستخدمها الباحثون في دراسة أنواع الهيموفيليا، والإنفلونزا، واللوكيميا، ومرض باركنسون. كما استخدمت خلاياها في تطوير عقار السرطان تاموكسيفين، والعلاج الكيميائي، ورسم الخرائط الجينية.

بالإضافة إلى استخدامها لدراسة تأثير الإشعاع والمواد السامة على جسم الإنسان. وكان الطبيب جوناس سولك يستخدم خلايا هيلا في بحثه لتطوير لقاح شلل الأطفال.

بالإضافة إلى ذلك، قام عالم الفيروسات الرائد تشيستر إم.ساوثام بحقن خلايا هيلا في مرضى السرطان ونزلاء السجن والأفراد الأصحاء من أجل ملاحظة ما إذا كان السرطان يمكن أن ينتقل، وكذلك لفحص ما إذا كان يمكن للمرء أن يصبح محصناً ضد السرطان عن طريق تطوير مناعة مكتسبة.

كما أرسلت وكالة ناسا عينات منها إلى الفضاء لدراسة إمكانية تكاثرها بعيداً عن الجاذبية.

خلايا هيلا وفيروس كورونا

يقوم الباحثون بدراساتٍ حول الآليات التي يستطيع بها فيروس كورونا اختراق الخلايا البشرية، ويرغب الباحثون في الوصول إلى طريقةٍ لمنع عملية انتقال الفيروس داخل الخلايا أو إبطائها، ويتم حالياً استخدام خلايا هيلا في هذه التجارب. قد لا تستخدم خلايا هيلا لصنع المصل المضاد، ولكنها حتماً ستفيد في الدراسات والأبحاث التي تعمل للتوصل له.

 

المصدر: عربي بوست



التعليـــقات 
جميع التعليقات تعبر عن وجهة نظر اصحابها وليس عن وجهة نظر طقس فلسطين

النشرة الجوية
جاري التحميل ..
أحدث الاخبار
أوقات الصلاة
الفجر 04:30
الظهر 12:37
العصر 04:17
المغرب 07:16
العشاء 08:45