لوحت روسيا مرارا وتكرارا خلال الشهر الماضي، بالتهديد باستخدام القوة النووية لردع الغرب عن التدخل في الحرب في أوكرانيا.

وهذا الأسبوع، رفض المتحدث باسم الكرملين استبعاد استخدام الأسلحة النووية، قائلا إنه يمكن استخدامها إذا واجهت البلاد "تهديدا وجوديا"، مع ترجيح أن تعمد موسكو لاستخدام الأسلحة النووية التكتيكية وليست الشاملة.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمر الشهر الماضي بوضع قوات الردع الروسية في حالة تأهب خاصة، ما أثار انزعاج الغرب، حيث يؤكد كبار مسؤولي الحكومة الأميركية أن البيت الأبيض يضع خططا لكيفية إمكانية الرد إذا استخدمت روسيا أسلحة دمار شامل.

فما هي الأسلحة النووية التكتيكية وهل يمكن لروسيا استخدامها في أوكرانيا؟

تمتلك روسيا أكبر ترسانة نووية في العالم بحوالي 6257 رأسا، حوالي 2000 منها هي أسلحة نووية قصيرة المدى تسمى أسلحة نووية "تكتيكية" محفوظة في منشآت تخزين في جميع أنحاء البلاد.

هذه الأسلحة النووية مصممة للاستخدام في ساحة المعركة ضد تشكيلات قوات المشاة أو الدبابات أو المنشآت العسكرية والمخابئ.

ويمكن تحميل هذه الأسلحة على نفس الصواريخ قصيرة المدى التي تستخدمها روسيا حاليا في قصف أوكرانيا، مثل صاروخها الباليستي "إسكندر- إم"، الذي يبلغ مداه حوالي 500 كيلومتر.

تقول أستاذة العلاقات الدولية بجامعة براون الأميركية نينا تانينولد لموقع "يورونيوز" إن "الأسلحة النووية تكتيكية طورت خلال الحرب الباردة بهدف تعزيز الردع النووي".

وتضيف تانينولد "القلق كان في السابق يتعلق بالأسلحة النووية التقليدية التي يمكنها تدمير مدن بأكملها، وبالتالي فإن التهديد باستخدامها كان لا يؤخذ على محمل الجد في كثير من الأوقات".

"أما عند امتلاكك لأسلحة نووية أصغر وأقل تدميرا، فإن التهديد باستخدامها سيكون أكثر جدية، وبالتالي سيكون الردع أقوى"، وفقا لتانينولد.

وتتابع أنه "مع ذلك، فإن الخطر اليوم يتمثل في أنها تبدو أكثر قابلية للاستخدام، وبالتالي فهي تزيد من احتمالية أن يتمكن قادة الدول من الاستعانة بها في أوقات الأزمات".

قنابل نووية متغيرة القوة

معظم الأسلحة النووية في الوقت الحاضر متغيرة القوة، مما يعني أن كمية طاقتها المتفجرة يمكن رفعها أو خفضها اعتمادا على الموقف والأهداف العسكرية.

على سبيل المثال، يمكن لأحدث نسخة من القنبلة النووية "B61" التي طورتها الولايات المتحدة أن تطلق 0.3 أو 1.5 أو 10 أو 50 كيلو طن من الطاقة المتفجرة. وبالمقارنة، فإن قوة قنبلة هيروشيما بلغت حوالي 15 كيلوطن.

يقول الخبير في القوات النووية الروسية والباحث البارز في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح بافيل بودفيغ إن هناك عددا قليلا جدا من السيناريوهات في ساحة المعركة حيث قد يكون للقوة الهائلة الناتجة عن الأسلحة النووية غرض تكتيكي".

ويضيف: "على سبيل المثال لتدمير البنى أو المخابئ المحصنة تحت الأرض".

ويرى بودفيغ أن "الهدف الرئيسي للأسلحة النووية التكتيكية يظل استراتيجيا، لإرهاب العدو وكسب اليد العليا في النزاع".

ويشير بودفيغ إلى أن "فكرة الأسلحة النووية التكتيكية أو الضربات المحدودة هي مجرد وسيلة لإيجاد مهمة لتلك الأسلحة وتبرير وجودها بطريقة ما".

ويبين أن "مهمتها الرئيسية ليست مهاجمة أهداف عسكرية وانما إظهار أنك مستعد للهجوم وقتل الكثير من المدنيين".

هل يمكن أن يتحقق ذلك؟

لحسن الحظ، لا يمكن تحريك الأسلحة النووية عادة دون أن يلاحظها أحد.

يقول بودفيغ إنها "مخزنة في منشآت خاصة، وفي روسيا، تم وضعها عادة على مسافة من القواعد الجوية العسكرية، في هياكل محمية شبيهة بالمخابئ".

ويتابع أنه "يجب إخراجها من هذه المخابئ وتحميلها في شاحنات ونقلها إلى القواعد الجوية، لذا ستكون هذه الخطوة ملاحظة" من قبل الغرب.

وتقول تانينولد إنه "إذا كانت روسيا ستستخدم الأسلحة النووية، فمن المحتمل أن تنقلها عبر نظام صاروخ إسكندر الذي تستخدمه بالفعل مع الأسلحة التقليدية في أوكرانيا."

وتضيف تانينولد أن "قاذفات هذه الصواريخ متحركة، مما يعني أنها توضع على شاحنات، ولذا فمن المحتمل جدا أن نرى ذلك".

وتتابع تانينولد "سنشهد زيادة في مستويات التأهب لقيادة الأسلحة النووية في روسيا.. لذلك سترى بالتأكيد حركة وإشارات إلى أن موسكو تكثف تحركاتها، وتزيد من مستويات التأهب".

إلى أي مدى سيذهب بوتين؟

كل المؤشرات الحالية تقول إن موسكو لم تتخذ قرارا بعد بالمضي قدما في استخدام أي نوع من الأسلحة النووية ولم يتم أيضا اتخاذ خطوات في هذا الإطار.

تأمل تانينولد ألا يتم كسر المحرمات المتمثلة في استخدام الأسلحة النووية في أي وقت قريب، لكنها تخشى في الوقت ذاته أن يقدم بوتين "المحبط" من فشل قواته في أوكرانيا، على هذه الخطوة إذا ما شعر أن تداعيات الغزو ستشكل "تهديدا وجوديا" له ولحكمه.